أصبح طيارا في الجيش الأمريكي.. وقتل على يد اليابانيين 
كتب - نعيم يوسف 
بطل مصري استثنائي فوق العادة، اسمه مازال مخلدًا على أحد الشوارع المهمة في منطقة مصر الجديدة بالعاصمة المصرية، إنه فريد سميكة، البطل المصري الذي عاش حياة قصيرة لم تتعد سنواتها الـ36 عاما، ولكنها كانت مليئة بالإنجازات والبطولات والمغامرات في نفس الوقت. 
من عائلة مرموقة 
على شط المتوسط، وفي مدينة الإسكندرية، ولد فريد باسيلي سميكة، في 12 يونيو، عام 1907، لأم أرمينية، وأب يعمل بالجمارك، وكانت عائلته ميسورة الحال، وشقيقه يعمل دبلوماسيا لمصر في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي حصل "فريد" على قسط جيد من التعليم، واتقن كلا من اللغة الفرنسية والإنجليزية في نفس الوقت. 
  
"فريد" الذي ولد على ضفاف المتوسط، عشق رياضة السباحة والغطس منذ نعومة أظافره، وشارك في استعراضات القفز المائي بعروس البحر المتوسط، إلى أن بلغ سن الـ19 سنة، وسافر إلى شقيقه في الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل استكمال دراسته، ولكنه كان على موعد مع القدر لكي يتغير مسار حياته، ويحفر طريق الإنجازات وهو مازال شابا يافعا صغيرا. 
فرصة من ذهب 
في الولايات المتحدة الأمريكية، وجد "فريد" فرصة من ذهب ليمارس رياضته التي يعشقها، وهي الغطس، ولكن بشكل احترافي هذه المرة، ليشارك في بطولة أمريكا، ويحصل على المركز الثاني في منافسات القفز من السلم المتحرك، ثم يشارك في بطولة دورة الألعاب الأولمبية 1928 تحت العلم المصري، إلا أن القدر كان يخبئ له مفاجأة غير سارة. 
سنوات التألق والإنجازات 
بعد تألقه في هذه البطولة، وحصوله على ميداليتين الأولى برونزية في منافسات 3 متر للسلم المتحرك، والأخرى ذهبية في منافسات 10 متر للسلم الثابت، متفوقا على منافس أمريكي، وعزف له النشيد المصري، تقدم ممثلو المنافس الأمريكي بشكوى، ورغم تفوق "سميكة" إلا أنهم سحبوا منه الميدالية الذهبية، وأعطوه بدلا منها "فضية"، وقبل البطل المصري بروح رياضية هذا الظلم، إلا أن مدربه -وهو أمريكي يدعى جيمس ريان- ثار وغضب واتهم اللجنة باختيار اللاعب الآخر لأنه أمريكي، وأصر على عودته مجددا للفوز بالذهب ببطل من غير أصحاب البشرة البيضاء، وبالفعل حقق وعيده وأتى بالبطل الآسيوي "سامي لي"، والذي فاز بالذهبية مرتين الأولى في لندن 1948 والثانية بهلسنكي عام 1952، وقد أكد "لي" أكثر من مرة أن "فريد سميكة" كان ملهمه ومثله الأعلى. 
 
استكمل "سميكة" طريقه في الحياة، وواصل التألق في رياضة الغطس، إلى جانب الدراسة، التي أهلته لكي يصبح -فيما بعد- طيارا في الجيش الأمريكي، وأهلته أيضا ليحصل على لقب بطولة العالم في رياضة الغطس عام 1932، وفاز بأكثر من بطولة دولية، إلا أنه عندما بلغ سن الـ25 عاما، قرر الاعتزال والتفرغ للعروض الاستعراضية، وصل على الجنسية الأمريكية. 
"سميكة" الذي نشأ في الإسكندرية لم ينس أصوله، وعاد إلى مصر ليدرب منتخبها للغطس عام 1935، وخاض بهذا المنتخب أولمبياد 1936 ببرلين. 
  
يواصل "سميكة" حياته السريعة القصيرة، المليئة بالإنجازات، ولكن هذه المرة من أبواب "هوليود".. نعم، فقد شارك كدوبلير في المشاهدة الخطرة لعدد من الأفلام أبرزهم فيلم طرازان وSeas Beneath، بالإضافة إلى فيلمين "الغطس المزدوج"، و"الرياضات المائية"، واللذان ظهر فيهما بشخصيته الحقيقية. 
الحرب تدق طبولها 
عندما دقت طبول الحرب العالمية الثانية'> الحرب العالمية الثانية عام 1942، عاد حلم الطيران يراوده منذ فترة إلى أفق خياله مرة أخرى، ليلتحق بالجيش الأمريكي، ويصل إلى رتبة ملازم ثان، ويعمل مساعد طيار في الجيش، وقيل إنه كان مصور جوي لمواقع اليابانيين، إلا أنه اختفى بعد عام واحد. 
 
هناك أكثر من رواية في مسألة وفاته، ففي البداية اعتقد الجيش الأمريكي أنه قتل في شمال أفريقيا على يد القوات الألمانية أو الإيطالية، إلا أنه فيما بعد تم اكتشاف أنه قتل على أيدي اليابانيين بطريقة مؤسفة. 
كشف صديقه في رياضة الغطس، "سامي لي"، أنه التقى قائد السرب الجوي الذي يتبع له سميكة في أحد المستشفيات، وعلم منه أن "سميكة" كان في معسكر الاعتقال لدى اليابانيين، وأن اليابانيين حاولوا إخافة الأمريكان، فقطوا رؤوس مجموعة من الأسرى لإثارة الذعر بينهم، وبينهم كان "سميكة"، وفيما بعد تم تكريم عائلة "سميكة" واعتبرته الحكومة الأمريكية شهيد حرب وكرمته بوسام عسكري.