" نَحْنُ الأميَّة " في زمن كورونا !!

مدحت بشاي
 
على طريقة الحكي الشعبي عندما تكون الحكاية مضحكة رغم مأساوية مضمونها .، تحكي الكاتبة والشاعرة             " ماجدة سيدهم " أن صديقنا المشترك الدكتور الباحث والمترجم المقيم في بلاد الفرنجة " رشدي دميان "، أنه وفي زيارة خاطفة لوطنه السكندري ، حكى لنا الدكتور عن حوار دار بينه وبين سائق سيارة أجرة ، أنه بينما كان يتابع المشهد اليومي عبر نافذة ( التاكسى ) وهو يتحسر ويتأسى على ما آلت اليه شوارع مدينة الإسكندرية من حالة تردى وإهمال ، وبينما كانت السيارة تمر بأحد التماثيل المُتربة والغير واضحة المعالم ، بادرنى السائق بهذا السؤال : إنت تعرف التمثال ده بتاع مين يا باشا ؟ فأجبته بدورى لا أعرف ، فقال على الفور وهو سعيد فى قرارة نفسه بأنه يعرف ما لا يعرفه غيره من الناس" ده تمثال إسكندر الأكبر اللي بنى الاسكندرية ، وعلى فكرة ، هو بناها من حوالى ١٠٠٠ سنة فاتت وهو كمان اللى عمل التخطيط بتاع الشوارع دى " .
 
ثم إستطرد قائلاً : وكمان البحر المالح كان موجود على الناحية اليمين ، مش على الناحية الشمال زى دلوقتى ، يقول الصديق " د.رشدى " أنه هنا أدرك تماماً أنه يركب مع سائق سيارة أجرة مختل عقلياً ، أو بدون عقل على الإطلاق ،وفيما راح السائق يسترسل فى التأكيد على معلوماته هذه ، سأل السائق - عندما لاحظ أن بعضاً من مظاهر الأناقة تبدو عليه - : إنت إتخرجت من أى كلية ؟ فرد عليه " لا ، لا مؤخداة انا ماتعلمتش خالص .
 
، قال له : طيب إزاى بتسوق سيارة أجرة وانت لا تعرف لا القراية ولا الكتابة ؟ أجاب عّم مصطفى ، وهذا هو اسمه: بالبركة كدا حضرتك .. زى الاسكندر بالظبط ما بنى الاسكندرية برضه بالبركة...طيب إزاى أخدت رخصة السواقة ؟ .. شوف حضرتك ، انا رحت لواحد مدرس طيب مايتخيرش عن سيادتك ،ودفعت له مبلغ كده لا مؤاخذه ، فقام كتب لي الشهادة بتاعة ( نحن الأمية ) هنا أجابه الصديق رشدى دميان بقوله "فعلا معاك حق ، هو كده تمام ، فعلاً إحنا فى زمن ( نحن الامية ) !
 
لقد أظهر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد الأميين فى الفئة العمرية ١٠ سنوات فأكثر بلغ نحو ١٧.٢ مليون نسمة عام ٢٠١٤، منهم ١١ مليونًا من الإناث موضحًا أنه يوجد فرد من بين ٤ أفراد من السكان أمى بما نسبته ٢٥.٣٪ لتكون نسبة الذكور ١٧.٨٪ مقابل ٣٣.١٪ للإناث. 
 
وفى مصر تعود جهود محو الأمية منذ النداء الأول لعلى مبارك من خلال أول وزارة للمعارف عام ١٨٦٨ لمناهضة التخلف ونزع عار الأمية بوجهها القبيح عن أبناء شعب مصر منذ ما يقرب من قرن ونصف من الزمان ..
 
ويبقى الأمر أكثر خطورة في زمن الجائحات والملمات وما يتطلبه أمر مواجهة ومقاومة مثل تلك الكوارث من تنمية للوعي وثراء المعرفة للحد من انتشار العدوى والتفاعل الإيجابي مع تعليمات أهل الاختصاص ..وعليه فالمطلوب من جهات الإعلام والتثقيف جهود مكثفة ومضاعفة ـ ولله الأمر من قبل ومن بعد .. حفظ الله مصر .