محمد حسين يونس
في عام 1935، حاضرت هدي شعراوي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة حول وضع النساء، ونادت بإلغاء تعدد الزوجات وقوبل خطابها بمعارضة شيخين من الأزهر. ولكن رغم ذلك الاعتراض، قابل الجمهور الخطاب بالترحاب، وأخذ صفها ، مما مَثَل موقفًا رمزيًا للتغير الحاصل في الرأي المتعلم.

و مع ذلك فلقد إنحصر هذا التغيير في المدن .. بل في الطبقة العليا و شريحة أو شريحتين من الطبقة المتوسطة .. و ظل الريف علي حالة هو و المناطق الشعبية .. لم يغير عاداته و لا إسلوب حياته و لا ملابسة .. بل كانوا يتعجبون من التطورات التي يشهدونها تجرى في الأحياء الراقية و المتوسطة .

في نفس الوقت شن حسن البنّا هجوماً على حركة تحرير المرأة، ودعاها للقيام بأدوارها التقليديةّ

لكن سرعان ما أدرك أن تحديد دور ((الأخوات المسلمات)) في الشق الدعوى لن يحقق الغرض المطلوب منه في محاربة نموذج المرأة التحررية المتعلمة التي تتبنى في نظرهم المُثُل الغربية والذي بدأت نساؤه بالعمل والمشاركة السياسية وخوض تجارب اجتماعية.

لذلك تم توسيع مهام ((الأخوات المسلمات)) وتعليمهن وسُمِح لهن بالعمل والمشاركة بهدف طرح نموذخ مشابه للمرأة التحررية في أدائه، لكن بشكل إسلامي يراعي حجاب المرأة ومتطلبات دينها

لم تكن كل الانتقادات لفكرة تحرير المرأة مماثلة لطرح حسن البنا ..فعلى سبيل المثال كتب أحدهم مطمئنا القراء

(( بالرغم من الأحداث العاصفة بأوروبا التي سعت فيها النساء للمطالبة بالحقوق الفردية و منافسة الرجال في السياسة..إلا أنه لحسن الحظ هذه ليست قضيتنا... فنساءنا، بارك الله فيهن، لا يطالبن بمثل تلك المطالب، والتي ستؤدي للإخلال بالسلم العام...هن يطالبن فقط بالتعليم والإرشاد))...

وكان منحهن حق التعلم، كافيا لإرضاء الطبقات العليا والوسطى في ذلك الزمن .

مع الحرب العالمية الثانية (1938 -1945 ).. تزايدت أعداد النساء اللائي إلتحقن بالتعليم بجميع مراحلة وكان بعضهن من نساء الريف..و إشتركن في العملية الإنتاجية .. كما ضمت الأحزاب الليبرالية و اليسارية عضوات فاعلات منهن .. لتتعدد الأفكار والأيدلوجيات والأهداف والاساليب بين المشتركات في الحركة النسوية،التي بدأت تتجاوز تكوينها النخبوى لتضم عناصر من شرائح أدني في السلم الإجتماعى

وهكذا اتسمت تلك المرحلة بنهج أكثر راديكالية . وتعالت أصوات الأجيال الشابة من المتأثرات بالحركات الطلابية والعمالية يطالبن بالمساواة ، ولم يعدن راضيات عن وضع الإتحاد النسوي المصري الأرستقراطي الطابع ...

بل صرحن أن تكتيكات وأساليب عمل الأميرات والهوانم قد ولى زمنها ، واحتاج النضال للتجديد، فلم يعد كافيًا إنشاء المبرات الخيرية...( دون إنكار) أهميتها... أو توزيع العطايا فما يماثل هذه السلوكيات لا تقدم حلولا مناسبة لمشاكل المجتمع المزمنة

لقد تطور مفهوم الكفاح ، مع تغير المفاهيم السياسية بالشارع .. ليصبح المساواة في الحقوق ..ولم يعد يعني فقط الحق في التعليم، ولكن تعدى ذلك المنظور بكثير.

((عام 1942، أُنشى الحزب النسائي المصري، والذي ترأسته فاطمة نعمت راشد، حيث نادى باستكمال المسيرة للمساواة بين النساء والرجال في التعليم، والعمل، والتمثيل السياسي، والحقوق. كما نادى بأجازة وضع مدفوعة الأجر للنساء العاملات)).

و((تشكل اتحاد نسائي أخر عام 1948، بعنوان ( بنت النيل) كان شاغله الرئيسي هو الحصول على كافة الحقوق السياسية للنساء. و التركيز على إشراك المرأة في عمليات اتخاذ القرار. كما دعم برامج محو الأمية، و تحسين الخدمات الصحية بين الفقراء، و تعزيز كفاح المرأة والعناية بالأطفال)).(نكمل حديثنا باكر )