ستون يوما مرت على بداية الأزمة الخانقة التي طوقت عنق قطاع الطيران المدني المصري'>الطيران المدني المصري، وشتتت أوراقه المُرتبة منذ سنوات بعد الهزات العديدة التي أثرت علي أوضاعه نتيحة الأحداث الأمنية والسياسية وما جرى بعدها من تبعات اقتصادية مرت على البلاد خلال العشرة أعوام الأخيرة.

 
بالكاد استطاع قطاع الطيران المدني المصري'>الطيران المدني المصري، أن يلملم أوراقه ويستفيق من تلك الضربات المتتالية التي وجهت إليه خلال تلك السنوات، حتى اصطدم بجدار أزمة فيروس كورونا المستجد، لتكبده من جديد خسائر اقتصادية كبيرة، لكن هذه المرة فاقت تحمله وتجاوزت قدرته على الصمود لفترة طويلة.
 
قبل شهرين ماضيين تحديدًا يوم 19 مارس الماضي، أعلنت وزارة الطيران المدني المصري'>الطيران المدني المصري بتوجيهات من مجلس الوزراء، تعليق الرحلات الجوية إلى المطارات المصرية، بعد أن استطاع "كورونا" أن يتسلل داخل البلاد سرًا بحوزة القادمين من الخارج، مما أجبر الدولة على الإقدام تجاه تلك الخطوة أسوة بدول العالم، الذي سبقتنا بأيام.
 
تلك الخطوة التي اتخذتها مصر والعديد من مختلف بلدان العالم، بوقف حركة الطيران أسفرت عن خسائر فادحة لقطاع النقل الجوي بدول العالم عامة وفي مصر بصفة خاصة، قدرتها الحكومة المصرية بأكثر من 3 مليارات جنيه في الأسابيع الأولى لتعليق الطيران، الأمر الذي استدعى الحكومة المصرية لإعلان دعمها الكامل لقطاع الطيران منذ اليوم الأول للأزمة، باعتباره الأكثر تضررًا من تلك الجائحة الوبائية " Covid -19"  التي يشهدها العالم.
 
لكن ربما ذلك الدعم الحكومي المتمثل في توفير قرض مساند للقطاع بفترة سماح تمتد لعامين، حسبما وجه الرئيس السيسي، البنك المركزي، لم يكن كافيًا أو مناسبًا لبعض شركات الطيران المصرية التابعة للقطاع الخاص، والتي اصطدمت بواقع الفوائد على تلك القروض وأيضا شروط صرفها.
 
مشاكل قطاع الطيران المصري الخاص، والذي يستحوذ على نحو 35% من نقل الركاب في مصر، لخصها يسري عبدالوهاب العضو المنتدب لشركة النيل للطيران ورئيس اتحاد النقل الجوي المصري، موضحًا ان شركات الطيران الخاص المصرية والتي يصل عددها إلى نحو 14 شركة طيران خاصة، تقدمت منذ اليوم الأول بعدة خطابات إلى وزير الطيران المدني محمد منار عنبه من أجل مساندة شركات الطيران الخاصة وإيجاد حلول لها للخروج من تلك الأزمة، ولكن حتى الآن لا يوجد مخرج أو حل لها.
 
وقال يسري عبدالوهاب، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، إن خسائر شركات الطيران الخاصة لا تقل عن خسائر الناقل الوطني مصر للطيران، فكل شركة تعاني من الأزمة حسب قدرتها التشغيلية وعدد العمالة بها، فهناك العديد من الشركات التي توقفت عن سداد الرواتب للموظفين منذ عدة أشهر بسبب الأزمة.
 
وأوضح العضو المنتدب لشركة النيل للطيران، أن وزارة المالية أعلنت عن دعمها شركات الطيران الخاصة من خلال إعفائها خلال هذه الفترة من المطالبة برسوم المطارات، ولكن يبقي هناك أعباء أكبر منها رواتب الموظفين وإيجار الطائرات وقيمة التأمينات التي تسدد، حيث إن معظم الشركات الخاصة لا تمتلك أسطول طائرات ولكنها تستأجر وفقا لنظام التأجير التشغيلي.
 
وأكد رئيس اتحاد النقل الجوي المصري، أن شركات الطيران الخاصة حاولت الاستفادة من مبادرة الرئيس السيسي، من خلال قرض مساند من البنك المركزي، ولكنهم فوجئوا برفض البنك المركزي منحهم القروض وتحويلهم إلى البنك الأهلي وبنك مصر، اللذين رفضا أيضا بدون فرض فائدة على القروض بقيمة 9.5%، على اعتبار أن الشركات الخاصة ليس لها ضمانات أو أصول وإنما هي شركات تقدم خدمة فقط دون ضمان.
 
وشدد "عبدالوهاب"، على ضرورة تدخل القيادة السياسية ورئيس الوزراء في هذا الأمر لحل الأزمة، حيث إن الشركات الخاصة لها دور كبير في دعم حركة السياحة المصرية الوافدة إلى مصر وهي ذراع من أذرع الدولة حيث أنها تشكل قرابة 60% من الأسطول الحكومي، وإذا قطعته هذه الأزمة سينمو بصعوبة، مُشيرا إلى أن شركات الطيران الخاص ساهمت في نمو حركة السياحة العام الماضي إلى مستوى مرضٍ وصل إلى ما كانت عليه مصر في عام 2010، فضلا عن أنها مُسخرة في أي وقت لخدمة الدولة المصرية في كل المهام التي يتم تكليفها به.
 
وطالب رئيس اتحاد النقل الجوي المصري، بخفض قيمة الفوائد على القروض على اعتبار أنها قروض مساندة أسوة بالقروض الحسنة، وأيضا منحهم قروضا دولارية حيث إن كافة المستحقات التي تسدد عن الشركات تسدد بالدولار وليس بالجنيه المصري، واستنكر عدم عدم البنك المركزي لشركات الطيران المصرية الخاصة في تلك الأزمة، وقال إن معظم البنوك المركزية حول العالم دعمت شركات الطيران الخاصة قبل أن تدعمها الحكومات لأنها جزء أصيل من اقتصاد الدولة وتحمل علمها إلى دول العالم.
 
ورأى، أن هناك تعنتا من قبل سلطة الطيران المدني المصري'>الطيران المدني المصري، مع شركات الطيران الخاصة بوجود ممارسات احتكارية تفضل فيها الشركات الأجنبية عن المصرية الخاصة، وهذا أمر لابد أن يؤخذ في عين الاعتبار ولابد أن يكون هناك رقابة لمنع تلك الممارسات الاحتكارية.
 
أما عن الناقل الوطني مصر للطيران، لم يختلف حالها كثيرًا عن حال شركات الطيران الخاصة، على الرغم من إعلان وزارة المالية المصرية دعمها بمبلغ ملياري جنيه كقرض مساند، وفقا لتوجيهات الحكومة المصرية، إلا أن تكاليف الشركة القابضة وشركاتها التابعة وحجم العمالة بها، يجعل من هذا القرض نقطة في بحر من الالتزامات والمستحقات التي تسددها الشركة.
 
فتلك الأزمة التي خلفها فيروس كورونا المستجد، جعلت مصر للطيران، أيضا تسير في طريق تقليل النفقات سواء تشغيلية أو إدارية بكافة القطاعات، بل إنها أعلنت خفض نسبة 10% من مرتبات القيادات العليا من بينهم رؤساء مجالس إدارات الشركات ونوابهم ورؤساء القطاعات والركب الطائر ومهندسي الصيانة وغيرها من الوظائف، لحين تحسن الأوضاع وتجاوز الأزمة.
 
أما عن ذلك الدعم الحكومي المقدر بـ"ملياري جنيه"، رأت مصادر مطلعة بالشركة، أن أولوية إنفاقه ستكون في سداد رواتب العاملين وبعض المصروفات الحتمية التي تسددها الشركة، هو ما أكده الطيار محمد رشدي زكريا رئيس الشركة القابضة مصر للطيران، في تصريحات له، وكشف أن الخسائر التي تتكبدها مصر للطيران نتيجة أزمة كورونا تقدر بنحو مليار جنيه شهريا إضافة إلى عجز بالإيرادات عن المخطط له يصل إلى 3.5 مليار جنيه شهريا.
 
وأوضح زكريا، أن النشاط الوحيد الذي لا يزال يعمل بالشركة القابضة هو الشحن الجوي، ولكنه يمثل 20% فقط من الإيرادات المتوقعة، لذا فإن الشركة اضطرت إلى اتخاذ قرار خفض رواتب القيادات، فضلا عن إيقاف الحوافز والامتيازات التي كانت تصرف للعاملين، إضافة إلى تخفيض أعداد العاملين المتواجدين يوميا بالشركة بشكل دوري، لتقليل الإنفاق فيما يخص الإضافي والبدلات.
 
وقال رئيس شركة مصر للطيران، إن الـ 10% تخفيضا في رواتب القيادات ستوفر 20 مليون جنيه شهريًا، وحول سداد قرض وزارة المالية المساند، أكد على أن السداد سيكون بعد عودة الحركة بنسبة 80% عن عام 2019، وأن القرض بدون فوائد لأنه مساند.
 
تجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، أعلن اليوم، الثلاثاء، استمرار تعليق حركة الطيران الدولي في جميع المطارات المصرية لحين إشعار آخر.
 
وكانت سلطة الطيران المدنى المصري، أعلنت توقف حركة الطيران المدني بمصر، سواء القادم أو المغادر من المطارات المصرية في 19 مارس الماضي، واستثنى القرار 5 حالات من التعليق، منها رحلات الشحن الجوي ، ورحلات الشارتر لتتمكن من عودة الأفواج السياحية بعد انتهاء برامجهم دون استقدام أفواج جديدة ، ورحلات الإسعاف الدولية والرحلات الداخلية داخل الدولة.
 
وتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، أن تصل أضرار الاقتصاد المصري جراء أزمة فيروس كورونا المستجد إلى 3.3 مليار دولار، وذلك بسبب انخفاض عدد المسافرين بها بما يعادل حوالي 13 مليون مسافر، فضلا عن الخسائر في الإيرادات التي تقدر بحوالي 2.2 مليار دولار، فضلا عنه وضعه نحو 279,800 وظيفة في خطر.