طارق الشناوي
استطاع الممثل الشاب أحمد الرافعى فى إطلالة قصيرة أن يؤكد موهبته وهو يؤدى دور الإرهابى التكفيرى عمر رفاعى سرور المفتى الشرعى لأغلب الجماعات المتطرفة، ومهما تعددت أسماؤها فلقد كان هو من يشرعن أفكارها الشيطانية، وبعد أن نال الرافعى الكثير من المديح المستحق، اكتشفوا فى بعض تدويناته القديمة ميولا إخوانية، وهو نفاه تماما مؤكدا أنه من المستحيل أن يكون محسوبا على هذا الفصيل الإرهابى، وعلينا أن نصدقه، ما استوقفنى برغم إيمانى المطلق بحرية الرأى، أنه وصف استشهاد د. فرج فودة بأنه نفوق، ولم يتراجع عن التوصيف ويعتبره مجرد زلة لسان، من الواضح أن بداخله خللا فكريا، ليس متطرفا يحمل السلاح، ولكن لديه قناعة مريضة تؤهله للقناعة بالأفكار الظلامية، دور المجتمع تقويمه فكريا، فهو ليس وحيدا، هناك دائرة من الشباب لديهم نفس القناعات.

ليس مهما أن تنحاز لكل ما قاله د. فرج فودة، فلا قدسية لإنسان، وحق الاختلاف مكفول للجميع، ولكن توصيف استشهاده بالنفوق والإصرار على ذلك، كان وسيظل مأزقا يعيشه الرافعى.

يجب أن نذكر أيضا فى هذا الصدد أن من حرض على شرعية قتل فرج فودة عدد من كبار الشيوخ المنتمين لأزهرنا الشريف، وهذا يعنى أن لدينا خطأ فى منهج التفكير، والرافعى هو ضحية هؤلاء، الفهم الخاطئ للدين هو المعضلة، وإباحة القتل لمن يخالفك فى الرأى هى شريعة التكفيريين، لا أريد من الممثل الشاب أن يعلن فى لحظات ندمه واعتذاره، ولكن فقط أطلب منه أن يستعيد قراءة كتب فرج فودة ليتأكد أنه كان ينطلق فى كل أفكاره من أرضية إيمانية وليس أبدا خارجا عنها، علمت بالمناسبة أن الشاعر والكاتب الكبير مدحت العدل تقدم للحصول على موافقة من الجهات المختصة لتقديم قصة حياته فى مسلسل، وأتصور أن هذا هو أحد أهم أسلحة المواجهة القادرة على ضرب التطرف فى مقتل، القضية فى جزء منها تكمن فى غياب الثقافة.

ويبقى السؤال: هل نحكم فنيا على الفنان من خلال سلوكه أم بما يقدمه من إبداع؟.

رومان بولانسكى المخرج العالمى ارتكب جريمة اغتصاب ضد فتاة قاصر والتى أصبحت الآن بعد 50 عاما على الجريمة جدة، وأعلنت تسامحها وعفوها عن المخرج الهارب من العدالة فهو لا يزال مطلوبا فى العديد من المطارات لترحيله إلى أمريكا للمثول أمام القضاء، ومع كل عمل فنى جديد يشارك به فى مهرجان أو عند حصوله على تكريم تبدأ الاحتجاجات، ربما يمنع من حضور التكريم أو من السفر خارج الحدود ولكنه فى النهاية لا يزال يقدم أفلامه فى أهم المهرجانات العالمية، وفى بعضها يحصل على جوائز، كما أن هناك أحد المطربين المشاهير، السورى موفق بهجت، قبل أكثر من 40 عاما ألقى القبض عليه بسبب اتهامه بالاتجار بالمخدرات، ولا تزال الناس تردد أغنيته الشعبية (وابورى رايح وابورى جاى/ وابور حبيبى رايح وجاى)!!.

لا يمكن مثلا أن أغير رأيى فى الرافعى فأنا لا أزال أراه ممثلا موهوبا، ودورنا هو أن نناقشهم، لا أن نصادرهم أو نزيحهم عن الخريطة. مسلسل (الاختيار) حرك الكثير من المشاعر داخل وخارج (الكادر) فلماذا لا يصبح فرصة لكى يعيد الرافعى قراءة قناعاته الفكرية!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com
نقلا عن المصرى اليوم