بقلم – روماني صبري 
لطالما كانت قراءة العلماء للمستقبل ثاقبة، تصيب كثيرا، لاسيما حول النكبات والكوارث التي ستعصف بالعالم، عكس نظرة  الكثير من رجال الدين، الذين يتعاملون مع كل شيء بكيفية غير علمية لا تستند إلى التجارب والأزمات السابقة مثل : أن الله يبتلي العباد، والأوبئة غضب منه على العالم جراء خطايا البشر ، وفي ظل فيروس كورونا التاجي المستجد "كوفيد-19"، الذي ضرب معظم بلدان العالم حتى الدول الأوروبية المتقدمة، حاصدا أرواح الآلاف علاوة على الإصابات، مسببا خسائر اقتصادية فادحة لازالت تتكبدها الدول، كان حذر  "بيل جيتس"رجل الأعمال والمبرمج الأمريكي مؤسس شركة "مايكروسوفت" منذ 5 سنوات خلال ندوة أن دول العالم  ليست مستعدة للتصدي للأوبئة الخطيرة في المستقبل.
 
الحرب تغيرت 
وكشف "جيتس" في ندوة TED Talks  عام 2015، انه عندما كان صغيرا، كانت الكارثة التي كانوا يخشون منها هي الحرب النووية، لهذا كانوا يمتلكون براميل في الطابق السفلي، مليئة بعلب الطعام والماء، حتى عند حدوث الهجوم النووي، يشرعون بالاحتماء في الطابق السفلي والأكل من البراميل.
 
أعظم كارثة عالمية ؟ 
موضحا :"أما اليوم فأعظم كارثة عالمية، لا تبدو كالهجمات النووية، بل تتمثل في هجوم الفيروسات، إذا كان أي شيء سيقتل أكثر من 10 ملايين شخص في العقود القليلة المقبلة، من المرجح أن يكون فيروس شديد العدوى، وليس الحرب، ليست الصواريخ ولكن الميكروبات.
 
والسبب ؟ 
جزء من السبب وراء ذلك هو استثمارنا لمبالغ ضخمة من اجل الردع النووي، ولكننا في الواقع لا نستثمر في الواقع إلا القليل جدا لردع الفيروسات والأوبئة، لذلك العالم غير مستعد للوباء المقبل... دعونا ننظر إلى (إيبولا)، أنا متأكد من أن كل واحد منكم اطلع عليه في الصحف، الكثير من الأدوات الصعبة، تتبعته بعناية من خلال أدوات التحليل، المستخدمة لمراقبة القضاء على شلل الأطفال، وكما شاهدتم فيما مضي لم تكن المشكلة في أن النظام لا يعمل يشكل جيد بما فيه الكفاية، وإنما تكمن في عدم وجود نظام على الإطلاق، في الواقع كانت هناك بعض القطع الرئيسية المفقودة.
 
لم يكن لدينا فريق طبي مستعد للوباء الجديد  
لم تكن لدينا مجموعة من علماء الأوبئة مستعدين للذهاب لرؤية ما كان هذا المرض، ومعاينة مدى سرعة انتشاره، قد جاءت تقارير الحالة على ورق، قد تأخرت كثيرا قبل طرحها على شبكة الانترنت، ولم تكن دقيقة للغاية ...لم يكن لدينا فريق طبي على استعداد للذهاب، ولم يكن لدينا أي وسيلة لإعداد الناس، قد قامت منظمة أطباء بلا حدود بعمل عظيم في تنظيم المتطوعين، ولكن ومع ذلك مازلنا بعيدين كثيرا عما كان ينبغي، وهو الحصول على الآلاف العمال في هذه البلدان.
 
كيف نتصدى للأوبئة والفيروسات ؟ 
  يتطلب وباء كبير أن يكون لدينا مئات الآلاف من العمال... لم يكن هناك احد ليبحث عن أساليب علاجية، لا احد لإلقاء نظرة على التشخيص، لا احد لمعرفة أي أداة ينبغي أن تستخدم، وكمثال على ذلك، كان بإمكاننا اخذ الدم من الناجيين، معالجته ووضع هذه البلازما مرة أخرى في الناس لحمايتهم ولكن هذا لم يحدث أبدا.
 
الأفلام ليست الواقع 
لذا كانت هناك الكثير من الأشياء الناقصة، وكان ذلك عبارة عن فشلا عالميا حقيقيا ... تم تأسيس منظمة الصحة العالمية لمراقبة الفيروسات وليس للقيام بهذه الأشياء التي تحدثت عنها، لكن في الأفلام يبدو الأمر مختلفا تماما، هناك مجموعة من علماء الأوبئة الرسميين مستعدين للذهاب للتصدي للفيروسات، أنهم يتحركون يقومون بإنقاذ الناس – في إشارة منه إلى فيلم "contagion"- ولكن في الحقيقة هذا مجرد تمثيل ليس أكثر.
 
الوباء المقبل سيكون أكثر تدميرا من الإيبولا 
الفشل في الإعداد قد يسمح للوباء المقبل، أن يكون أكثر تدميرا من الإيبولا ، ممكن أن يكون الفرد مصابا بفيروس معد لكنه يشعر بحالة جيدة تمكنه من ركوب الطائرة والذهاب إلى الأسواق، مصدر الفيروس يمكن أن يكون من الأوبئة الطبيعية مثل الايبولا، أو يمكن أن يكون إرهابا بيولوجيا،  هناك أشياء يمكنها جعل الوضع أسوا بكثير من ذلك.
 
العدوى عن طريق الهواء 
  دعونا ننظر لنموذج انتشار فيروس عن طريق الهواء،  مثل الأنفلونزا الاسبانية التي ظهرت عام 1918 وحصدت أرواح الملايين، هذا ما يمكنه أن يحدث، يمكن للفيروس الانتشار في أنحاء العالم بسرعة كبيرة جدا، لذلك نحن أمام مشكلة خطيرة، بالفعل العالم غير مستعد لفيروس جديد فتاك، علينا الاهتمام بالأمر
 
والحل ؟ 
في الحقيقة يمكننا بناء نظام استجابة جيد للغاية، لدينا مزايا كل العلوم والتكنولوجيا، لدينا الهواتف المحمولة للحصول على المعلومات من العامة وإيصالها إليهم، لدينا الأقمار الصناعية التي تمكننا من رؤية مكان تواجد الناس وكذلك وجهتهم، لدينا هذا التقدم في علم الأحياء ، الذي ينبغي أن يحدث تغييرا هائلا في المدة للازمة للتعامل مع الفيروس ونكون قادرين على صنع أدوية ولقاحات مناسبة للقضاء عليه ، بالفعل نمتلك أدوات ولكنها يجب أن تدمج في النظام الصحي العالمي.