سحر الجعارة
هناك كاريكاتير شهير منتشر على السوشيال ميديا يصور العلاقة بين الحكومة والشعب بكرتون لـ«توم وجيرى»: الحكومة تعلق الدراسة فتُفتح سناتر الدروس الخصوصية تحت بئر السلم، تفرض ساعات لحظر التجوال فتخرج قرية «الهيايم» -بعد تفشى الجائجة كورونا بها- للتظاهر ضد الحجر الصحى!!.

الحكومة تطالب بالحفاظ على التباعد الاجتماعى و«المسافة الآمنة» بين الأفراد، فتكتظ الطوابير أمام البنوك وماكينات الصرف، لأن الحكومة قررت صرف المعاشات والرواتب مبكراً!. وكأنها حالة عناد أو رغبة فى إفشال جهود الدولة لاحتواء فيروس كورونا، تم استخدام كل آليات «الغش الجماعى» فى المطهرات والكمامات الطبية والأغذية الأساسية، إنهم «أثرياء الأزمات» وتجار الأوطان الذين وظفوا «الدين» لإحراج الدولة بإقامة صلاة الجمعة أو بتشييع جنازة قبطية، رغم أن كل المقدسات الدينية فى العالم مغلقة!.

لكن الدولة قد قطعت أشواطاً كثيرة تمكّنها من الصمود حتى فى الكوارث الكبرى التى أنهكت كبريات دول العالم، فمن خلال خطوات الإصلاح الاقتصادى تمكّن الرئيس «عبدالفتاح السيسى» من تخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة الجائحة كورونا، وبفضل مشروع «100 مليون صحة» توافرت لدى الدولة قاعدة بيانات هامة للتعرف على الفئات الأكثر احتياجاً ومنها «العمالة المؤقتة».. فأصدر الرئيس قراراً فورياً بصرف معاش 500 جنيه لمدة ثلاثة أشهر لكل عامل فقد مهنته.

المعضلة التى تواجه معظم دول العالم: هل نُخضع الشعب لحظر كلى أم نلغى حظر التجوال اعتماداً على نظرية «مناعة القطيع»؟.. هل نضحى بالاقتصاد ونتركه ليسقط أم نضحى بالأرواح التى يحصدها الفيروس؟.. ومع تعالى أصوات رجال الأعمال ومعارضيهم، كان لا بد أن يظهر الرئيس «السيسى» ليحسم القضية وليعلم الشعب أنه يقف على أرض صلبة مدعوماً بقواته المسلحة وبمنظومة حكومة متناغمة تعيد العالقين المصريين من مختلف بلدان العالم وتقدم المساعدات الدولية للصين وإيطاليا.. لكنها تعمل لحساب الشعب المصرى أولاً وأخيراً.

وفى خلال تفقد الرئيس لعناصر ومعدات أطقم القوات المسلحة المخصصة والمعاونة للقطاع المدنى فى مكافحة فيروس كورونا، قدّم عدة رسائل مطمئنة وإيجابية.. فمن حيث الشكل: لم تغب ابتسامة الرئيس ولا ثقته فى جنوده «العسكريين والمدنيين»، وقدم نموذجاً إنسانياً رائعاً وهو يرتدى الكمامة الطبية حريصاً على المسافة الآمنة بينه وبين رجال حكومته وقواتنا المسلحة. وعلق الرئيس قائلاً: «الكلام اللى موجود قدامى كتير مننا فى الجيش يعرفه، بس احنا حبينا نقدمه لأنفسنا وللشعب المصرى عشان يعرف إن الدولة المصرية قوية وقادرة إن شاء الله بعزيمة رجالها وبأمانتهم وبإخلاصهم وباستعدادهم لتقديم التضحيات دايماً».. وأضاف سيادته: (الاصطفاف ده معناه إنى بقول للمصريين إحنا مستعدين لكل السيناريوهات).

كان لدى الرئيس صورة كاملة عما يحدث على أرض الواقع، بأزماته «الحقيقية والمفتعلة»، بإمكانياته القائمة والتى فى حيز دخول ميدان العمل، بالقطاعات الأكثر تضرراً وسبل دعمها «مادياً» مهما تكلف الأمر.. فالقيادة السياسية تستطيع المواءمة وإحداث التوازن بين حماية الأرواح وانتشال الاقتصاد من عثرته.

الواضح أن عملية الاصطفاف الوطنى والتكامل بين القوات المسلحة والقطاع المدنى لم تقتصر على قوات الحرب الكيماوية، ولا على دور مصانع الإنتاج الحربى فى توفير المستلزمات الطبية، ولا حتى فى العناصر والمعدات والأطقم التابعة للقوات المسلحة التى رأيناها، فقد تحدّث الرئيس عن المستشفيات الجامعية ومستشفيات القوات المسلحة ووزارة الداخلية ومستشفيات القطاع الخاص ككتلة واحدة.

وفى تعليقه على مشكلة أجهزة التنفس الصناعى، أشار الرئيس إلى أن القوات المسلحة لديها 6 مستشفيات جديدة طاقة كل مستشفى 200 سرير.. وفى تصورى أن هذا فى حد ذاته «طوق نجاة» لكل مواطن تابع أزمة أسرّة غرف العناية المركزة بالعالم وتضاعف أرقام الوفيات بسبب نقصها.

وبعد أن تطمئن على حياتك -كعادة المصريين- ستنتقل فوراً إلى احتياجاتك، خاصة أن رمضان على الأبواب، لقد وجّه الرئيس «السيسى» هيئة الإمداد والتموين وجهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، بمضاعفة حجم إنتاج السلع التموينية والغذائية، والكراتين أيضاً إلى «مرة أو مرتين»: متابعاً: «لو عندكم مليون كرتونة خلوهم 3 ملايين أو 4».

فى دولة كهذه تحترم المواطن البسيط، أو لنقل أيضاً الطبقة الوسطى التى ننتمى إليها، وتقدس الحق فى الحياة، فالقيادة السياسية تدرك جيداً أن دوران عجلة الإنتاج هو لصالح هذا المواطن، (وليس لحساب المستثمر كما يعتقد البعض)، صحيح أن هناك مشروعات قومية عملاقة تأجل افتتاحها هذا العام، «كثيفة العمالة»، لكن الدولة كما دعمت «العمالة المؤقتة» حرصت على دعم قطاعى «السياحة والطيران» مادياً لما تكبدا فى كارثة كورونا. وقد اتخذ الرئيس -أيضاً- عدة قرارات اقتصادية هامة، تبدأ من دعم أصحاب المعاشات وأصحاب الأطيان الزراعية، مروراً بقطاعى السياحة والبورصة المصرية وصولاً إلى كافة الصناعات، من خلال تحريك أو تعطيل بعض الضرائب والفوائد المستحقة على المتعثرين وتخفيض أسعار الكهرباء للمصنّعين، وتسهيلات بنكية للجميع.. وهو بالقطع عبء كبير على موازنة الدولة أتمنى أن يرده «القطاع الخاص» بمراعاة ظروف العاملين به من العامل إلى المدير.. وكذلك المسنون والنساء كما أشار الرئيس. كنت أتمنى أن تشمل رسالة طمأنة الرئيس للمواطن «استثناءات واضحة» لصعيد مصر الذى ربما لن تصل إليه «الكمامة الطبية» ولقرى الريف التى يؤمن أهلها بعدم وجود لفيروس كورونا أساساً.. ولكن رئيس الحكومة، الدكتور «مصطفى مدبولى»، قادر على متابعة التفاصيل.

(«اطمنوا بس ساعدونا».. «ثقوا فى أنفسكم وفينا بس ساعدونا».. «عايزين نحتفل إن شاء الله إن إحنا مايبقاش عندنا لا إصابات ولا وفيات»).. هذه كلمات رئيس محترم وقرارات دولة متحضرة.. لشعب منفلت: كفانا «توم وجيرى»!.
نقلا عن الوطن