وسط انتشار فيروس كورونا القاتل، الذي خيم بأضراره على معظم دول العالم، بعدما راح يحصد أرواح مواطنيها ويسقط فيها المصابين واحد تلو الآخر، تصاعدت حرب المستلزمات الطبية بين دول العالم، ما بين استيلاء ومصادرة وسرقة علنية ونصب ومزايدة، كل دولة يهمها أمرها وتسعى لانتشال رعاياها من جوف المرض، دون أن تأبه بما يحل بالآخرى، وسط النقص وتزايد الطلب على الإمدادات الطبية الحيوية، مثل الكمامات وأقنعة الوقاية وأجهزة التنفس، في كلّ أنحاء العالم.

تركيا وإسبانيا
ففي الوقت الذي عصف فيه فيروس كورونا بإسبانيا، ثاني أكثر دولة موبوءة ومتضررة بالفيروس، الذي حصد أرواح أكثر من 12 ألف من أبناءها، وأسقط ما يزيد على الأ 13 مصابا، لم تأبه تركيا لوضع الدولة الأوروبية الموبؤة، لتستولي على شحنة أجهزة تنفس في طريقها إلى أسبانيا.

إذ أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، أن السلطات التركية استولت على الطائرة المحملة بأجهزة التنفس، التي كانت فى طريقها من الصين إلى إسبانيا.

وأكدت وزيرة الخارجية، جونزاليس لايا، إن الحكومة التركية تحتجز شحنة الإمدادات الطبية التي تم شراؤها من الصين فى أنقرة، منذ السبت الماضي، بحسب ما أوردته قناة "العربية" الإخبارية.

وأضافت الخارجية الأسبانية أن الحكومة التركية فرضت قيودًا على صادرات الأجهزة الطبية على أراضيها بدافع قلقهم بشكل رئيسى من قدرتهم على الحفاظ على نظامهم الصحي،مشيرة إلى أن الشحنة التي تعد ثمينة بالنسبة لإسبانيا بما تحتويه من 162 جهاز تنفس صناعي، كانت قادمة لتقديم كافة المساعدات اللازمة التي تحتاجها البلاد لمواجهة فيروس كورونا.

أمريكا وألمانيا
وفي أمريكا مع تسجيل أعلى معدل نسب إصابات في العالم، بوتيرة هي الأسرع بين الدول، ووسط نقص المستلزمات الطبية التي ضربتها كغيرها من البلدان، اتجهت الحكومة الأمريكية لاعتراض مسار شحنة مستلزمات طبية كانت متجهة إلى ألمانيا الموبوءة أيضا، وتحويلها للاستخدام الخاص، في خطوة أدينت بوصفها "قرصنة حديثة".

وقال وزير الداخلية الألماني، إن الشحنة التي تحمل 200 ألف كمامة، و130 ألف كمامة جراحية، و600 ألف قفاز، والمصنعة في شركة خاصة في الولايات المتحدة لصالح شرطة برلين، صُودرت أثناء مرورها عبر تايلاند، في العاصمة بانكوك، لتعود مرة أخرى إلى واشنطن، وفقا لشبكة "بي بي سي" البريطانية.

وأعلن ترامب، عن منع الشركات الأمريكية المصنّعة للمنتجات الطبية من التصدير إلى الدول، بموجب تفعيل قانون "الإنتاج الدفاعي" لعام 1950، والذي يعود إلى حقبة الحرب الكورية، ليحثّ الشركات الأمريكية على إنتاج المزيد من اللوازم الطبيّة لتلبية الطلب المحلّي.

التشيك وإيطاليا
أما إيطاليا، البلد صاحبة النسبة الأكبر في الوفيات بسبب فيروس كورونا في العالم، والتي شهدت إصابات تجاوزت الـ 125 ألف، تسببت في أزمة على صعيد مستلزماتها الصحية، وجعلت بعض الدول يتكاتفون معها لتخرج من أزمتها، سُرقت منها شُحنة من الكمامات تبرعت لها بها الصين في جمهورية التشيك.

وأكدت السلطات الإيطالية أن جمهورية التشيك قامت بالاستيلاء على شحنة مستلزمات ومعدات طبية، تضُم 680 ألف كمامة بجانب أجهزة للتنفس الصناعي، كانت موجهة من الصين لدعم بلادها، في الوقت الذي اعترفت فيه التشيك باستيلائها على الشحنة القادمة من الصليب الأحمر الصيني، وقالت على لسان وزارة الداخلية، بأن هناك "سوء فهم.. ولا مجال لإعادة المعدات بعدما تم توزيعها على المستشفيات في البلاد".

أمريكا وفرنسا
أيضا اُتهمت واشنطن بالمزايدة وشراء شحنات متجهة لفرنسا، إذ أعلن جان روتنر، رئيس منطقة جراند إيست، العاصمة الإدارية لفرنسا، التى تأثرت كثيرا بالوباء، أن الأمريكيين قاموا بشراء شحنة كمامات صينية كانت في طريقها إلى فرنسا على مدرجات المطارات الصينية، وقبل إقلاع الطائرات لتسليمها.

وأكد رئيس المنطقة، أن الأمريكيين دفعوا نقداً ثلاث أو أربع أضعاف ثمن الكمامات التي طلبوها من الصين، لتتجه الشحنات لاحقا إلى الولايات المتحدة وليس فرنسا، وفقا لإذاعة "آر تي إل" الألماني.

فرنسا وإيطاليا وإسبانيا
وفي واقعة أخرى، اتهمت شركة "مولنليك" الطبية السويدية، السلطات الفرنسية بمصادرة ملايين الكمامات والقفازات الطبية، التي استوردتها من الصين لصالح إيطاليا وإسبانيا، وذلك بعد ارتفاع عدد المصابين بالوباء في البلدان الثلاثة.

وقالت الشركة السويدية، فى بيان على موقعها بالإنترنت، إنها "استوردت ملايين الأقنعة الواقية من الصين، وكانت متجهة عبر فرنسا إلى كل من إسبانيا وإيطاليا، إلا أنّ السلطات الفرنسية وضعت يدها عليها بعد قرار منع تصدير المنتجات الطبية"، واصفين الواقعة بأنها "مزعجة لأبعد الحدود".

إيطاليا وتونس
إيطاليا التي عانت عدة مرات من مصادرة مستلزماتها الطبية في فرنسا والتشيك، يبدو أنها لجأت لنفس الطريقة، إذ استولت السلطات الإيطالية، في 24 مارس الماضي، على شحنة الكحول الطبية القادمة لتونس، فقال وزير التجارة التونسي محمد السيليني، في تصريح له، يوم الاثنين الماضي، بأن إيطاليا استولت على باخرة محمّلة بكحول طبي قادمة من الصين، كانت في طريقها إلى تونس.

وأضاف الوزير أن "ما حدث للباخرة القادمة من الصين باتجاه تونس، هو شبيه بسرقة التشيك لشحنة كمامات أرسلتها الصين إلى إيطاليا للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا، وكلّ الدول الأوروبية اليوم تعيش حالة من الهستيريا، وجميعها تسرق المعدّات خوفاً من هذا الفيروس"، وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط".