درية شرف الدين
صورة على غلاف رواية جديدة، مجموعة من سيدات وفتيات بيت ريفى بالصعيد، تشير ملامحهن وملابسهن الريفية المصرية التقليدية بألوانها المزركشة إلى زمن مضى قبل أن تكتسى أزياء النساء فى القرى المصرية بطابع الظلمة لونا وشكلاً.

ذلك هو غلاف رواية «بيت القبطية» للروائى القاضى أشرف العشماوى، أحداثها تدور فى الصعيد بقرية تتبع محافظة المنيا واسمها «الطايعة» وتحول الاسم مع الزمن إلى «التايهة» ويا له من اسم على مسمى، بها اجتمعت معطيات السنوات الأخيرة فى بعض قرى الصعيد على وجه التحديد، حيث كان يعيش المسلم والمسيحى منذ مئات السنين فى حب ووئام إلى أن تسرب إليهم ما هو أخطر من فيروس كورونا الحالى، وهو التعصب والفرقة، ثم حوادث القتل والحرق والطرد فى مشهد ربما لم تعهده مصر أبداً فى تاريخها ولم تشهده أجيال سبقت مرحلة السبعينيات.

يتناوب «الحكى» فى الرواية شخصيات: وكيل النيابة القادم الجديد إلى قرية التايهة وهدى الشابة المسيحية التى هربت من قريتها لتستقر بنفس القرية.

وكيل النيابة المسلم والمنحدر من أسرة تعمل بالقضاء منذ أجيال حاله ما سمعه وما رآه: معارك لا تهدأ بين الأهالى، استيلاء على أراض بالقوة، إطلاق نار، تخريب، تعصب وكراهية تتراكم بين أهالى المنطقة الذين كانوا يعيشون فى وئام وهدوء معاً لأجيال حتى تسرب إلى عقولهم هذا النداء الغريب الجديد الذى يستدعى دائماً تدخلاً من الشرطة لحفظ النظام وتدخلاً من القضاء لإقامة العدالة.

كان «نادر» وكيل النيابة يتساءل دائماً عن «ميزان العدالة» هذا الذى ترفعه سيدة معصوبة العينين: هل يقيم العدل حقيقة؟ أم كان من الأفضل أن ترفع العدالة عن عينيها ذلك الجمال حتى ترى بوضوح أين الظلم وأين العدل؟ أن تكون بصيرة وليست مغمضة؟ وعلى الجانب الآخر من الرواية كانت هناك «هدى» امرأة صعيدية شابة مسيحية الديانة هربت من قريتها البعيدة، بعدما اعتقدت أنها قتلت زوجها المسلم رداً على إهانتها وضربه المبرح الدائم لها، وصلت هدى إلى قرية «التايهة» ترجو حياة جديدة مع «رزق» المسيحى الذى أحبها وأكرمها وأصبح بيتها مزاراً للجيران من المسلمين والمسيحيين، يأتون إليها لنيل البركة وفك الأعمال وجلب الحبيب ولم تكن تدرى لماذا اختاروها هى بالذات، لكنها صدقت الجميع وفتحت أبوابها لهم.

وعاين القاضى المسلم المؤمن بالعدالة والمراقب لوأدهما كل يوم وبين هدى الشابة القبطية التى كان بيتها مزاراً للمحتاجين، ثم أمضى حطاماً تحت معارك المتطرفين والمهوسين تمضى بنا الرواية عبر بشر جمعهم المكان وفرقهم التعصب وسجل دقائق حياتهم روائى بارع بكثير من الجرأة والوعى الكاتب أشرف العشماوى.
نقلا عن المصرى اليوم