كتبت – أماني موسى
قال البابا تواضروس، تحتفل الكنيسة اليوم بالأحد الخامس من الصوم الكبير، والمسمى بأحد المخلع، ويشهد أحد معجزات السيد المسيح التي صنعها في مدينة أورشليم، حيث شفى السيد المسيح الشخص الذي كان يرقد أمام بركة المياه لمدة 38 عامًا.
 
وأضاف أن المريض كان ببركة بيت حسدا، وتعني بيت الرحمة، والتي كان بها 5 أروقة وكان المرضى يفترشون هذه الأروقة، حتى يأتي الملاك ليحرك المياه ومن ينزل أولاً كان يُشفىَ.
 
وقال البابا، كان هذا المكان الذي يسمى بيت الرحمة، لا يحمل أي رحمة أو شفقة بالنسبة لمريض بيت حسدا، حيث أنه متروك ومطروح على البركة منذ 38 سنة بلا أي معين له، وهذا المريض مع الزمن اللي كان فيه مشلول لمدة 38 سنة وهو وقت كبير جدًا، لا يشعر بالعيد الذي يحتفل به اليهود في ذلك الوقت ، ولا يشعر براحة يوم السبت.
 
وتابع في عظته التي تم بثها عبر الفضائيات المصرية اليوم، أن مريض بركة بيت حسدا كان متروك ووحيد، بلا أمل أو رجاء، ولا عيلة ولا أصدقاء أو جيران، ودة حال قمة في اليأس، لكن في عمق اليأس يوجد رجاء، حيث يأتي السيد المسيح إليه ويمر في أروقة هذه البركة، ويأتي أمام هذا المريض الوحيد المتألم، ويسأله سؤال غريب: أتريد أن تبرأ؟ ودة شيء طبيعي أنه يكون عايز يبرأ، ولكن المسيح هنا أراد بهذا السؤال أن يعبر عن احترامه لإرادة البشر.
 
مشيرًا إلى أنه في العهد القديم كان هناك ارتباط بين الإصابة بالمرض وفعل الخطية، حيث كانوا يعتقدون أن من كان مريضًا بمرض بسيط فخطيئته صغيرة، ومن كان مريضًا بمرض خطير فخطيئته كبيرة، وهذا رجل مريض بالشلل منذ 38 عامًا ولم يكن يتحرك، ما يعني أن خطيئته كبيرة.
 
وأردف، السيد المسيح يسألنا جميعًا هذا السؤال: أتريد أن تبرأ؟ فهناك ما يسمى بإرادة الشفاء، وهو بروتوكول متبع بالمستشفيات، أحيانًا يكون هناك شخصان مرضى، لكن أحدهم يُشفى أسرع من الآخر، وذلك لتوافر إرادة الشفاء لديه، والحقيقة أن حضور الإرادة هو بداية النجاح في أي عمل.
 
وتابع، على الرغم من أن الصوم الكبير به الكثير من الصلوات والانقطاع عن الطعام وتناول الطعام النباتي، والهدف من كل هذا تقوية إرادة الإنسان، أمام الإرادة يستطيع أن يرفض أي خطية أو شهوة، ومن ثم وضع لنا السيد المسيح الخطوة الأولى في الشفاء سواء الجسدي أو النفسي، وهو أتريد أن تبرأ؟ هل لديك الرغبة والإرادة؟
 
كما أن مريض بركة بيت حسدا كانت حياته صورة قاتمة للتعاسة، فرغم تعاسته لمدة 38 سنة كان في كل مرة يترجى فرصة شفاء لا تحدث، كما أنه كان معزول تمامًا، ليس لديه أي أحد ليهتم به، وهذه ظروف تعكس صورة شديدة للآلآم التي عاني منها المخلع.
 
إلا أن هذا الرجل كان بحياته بعض الجوانب المضيئة، مثل أنه كان يحاول النزول للبركة لمدة 38 سنة، لديه مثابرة، وحين سأله المسيح أتريد أن تبرأ؟ قال له: ليس لي إنسان، وهذا الرد كان بمثابة صرخة ألم، من شخص مريض متألم يحاول ويفشل لمدة 38 سنة!! ولك أن تتخيل أن السيد المسيح قال له: قم واحمل سريرك وامش، ولك أن تتخيل بماذا شعر هذا الرجل الذي تيبست عظامه منذ 38 عام!
 
واستمع لقول المسيح بالصيغة الآمرة "قم واحمل سريرك وامش"، وبالفعل قام وسار على قدميه، وسط دهشة من حوله وهم يرون هذا المعزول، المطروح، المريض المتألم والمخلع والوحيد وهو يقوم ويحمل فراشه ويسير على قدميه!
 
وتحدث البابا تواضروس عن تخوف العالم أجمع من وباء كورونا، ونصلي لأجل كل العالم وكل إنسان أن يحفظ الله بلادنا وكنيستنا وكل إنسان.
مشيرًا إلى أن البعض ينظر إلى وباء كورونا على أنه تحرك من الله لكي يستيقظ الإنسان، فالعالم بات الآن مليئًا بالحروب واستعراض القوة وتخزين الأسلحة، ويعج العالم بالحروب والعنف والإرهاب، وكله هو من صنع البشر.
 
أيضًا الضعفات الأخلاقية، حيث جنح العالم إلى الضعفات الأخلاقية الفاسدة، أشهرها الإلحاد والشذوذ الجنسي، وصار العالم يجعل الشر عنوانًا له، والعالم بهذه الأمور جعل الإنسان ينصرف عن الله الخالق، ولم يكن لأحد أن يتوقع أن فيروس صغير مثل كورونا يؤثر في العالم بهذه الدرجة الفظيعة جدًا، وينتشر الهلع والخوف بين الشعوب وتتجه الحكومات لاتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهته والحد من انتشاره.
 
وأقول لكل أحد: لا تخف.. فالله هو ضابط الكل ويدير هذا العالم، ولن يتخلى عن الإنسان أبدًا، فهو محب البشر، فالله ما زال يخلق بشر، ويحب العالم، ولكن لا يحب الشر الذي في العالم، والشر الذي صنعه الإنسان، وكما قال الكتاب المقدس: "كل الشرور في العالم صنعها الإنسان، ومحبة المال أصل كل الشرور".