كتب – محرر الأقباط متحدون أ. م
رد الأزهر الشريف على سؤال ما هو حكم تقييد ولي الأمر للشعائر الدينية، قائلاً: إن مما أقرته الشريعة الإسلامية، وأولته مكانة كبيرة مقام ولي الأمر، فأمرت بطاعته، وحرمت معصيته؛ حتى تستقيم أمور الرعية، ويتمكن من تحقيق الغاية التي نُصّب لها، وهي غاية عظيمة مكونة من أصلين:
الأول: نصرة الدين، والحفاظ على أصوله وقواعده.
 
والثاني: تدبير أمور الرعية، وسياسة الدولة الدنيوية بما تقتضيه المصلحة العامة المعتبرة.
 
إذ مراعاة المصلحة المعتبرة أصلٌ من أصول الدين، كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله (الموافقات 2/ 12): "استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد".
 
وأوضحه الإمام الطاهر بن عاشور، بقوله: "إن مقصد الشريعة من التشريع حفظ نظام العالم، وضبط تصرف الناس فيه على وجه يعصم من التفاسد والتهالك"، ويقول أيضًا: "المقصد العام من التشريع هو حفظ نظام الأمة، واستدامة صلاح المجتمع، باستدامة صلاح المهيمن عليه وهو الإنسان".
 
ولذلك فقد كفلت الشريعة الإسلامية لولي الأمر تدبيرَ كثير من الأمور الاجتهادية وفق اجتهاده الذي يتوصل إليه بعد النظر السليم، والبحث والتحري، واستشارة أهل العلم الأمناء وأهل الخبرة العدول، في القيام بتصرف ما، سواء كان هذا التصرف منعًا أو نهيًا أو تقييدًا أو إلزامًا بأمر من الأمور، ولا قيد عليه في تصرفه ذلك إلا التزامه بالشرع، وعدم مخالفته لنصوصه، ولقد كان من القواعد التي قررها أهلُ العلم في ذلك الباب أن "تصرف الإمام علىٰ الرعية منوطٌ بالمصلحة".
 
وتابع، فلولي الأمر تقييده بالمنع والنهي فيه باتفاق الفقهاء، إذ يدخل في دائرة المباح الذي تتغير أحكامُه بتغير الحال والمكان والزمان، وفق ضوابط التغيير الشرعية، فعندما يتخلف مقصود الحكم الشرعي عنه، سواء المندوب أو الواجب أو المكروه أو المحرم، لزم ولي الأمر -وهو المنوط به بحكم الولاية العامة- صيانة تحقيق المقاصد الشرعية الخمسة ورعايتها، وأعلاها حفظ الدين، بأن يتدخل بتصرف يعيد تحقيق المقصود الشرعي من الحكم.