يطلق على اليوم الأول من شهر أبريل " يوم كذبة أبريل " أو " خدعة " أبريل ويحتفل البعض به من باب المداعبة . وقد يذهب البعض للدفاع عن كذبة أبريل وتبريرها وتلوينها ،  فنجد من يقول بأنها كذبة بيضاء ، وأنها من الأشياء الممتعة التي تكسر حـدة الروتين وتضفي نوعا من المرح والطرافة الممتعة ، وتلقى قبولاً بين بعض الفئات طالما كانت غير استفزازية ولا تتجاوز الحدود الحمراء؛ أي أن هناك فرقا" بين الكذبة التي تبعث على البهجة والأبتسامة والأخرى التي تخرب البيوت المعمورة .
 
 أما الآن فمسلسل الكذب والخداع مستمر دون إنقطاع على مدار أيام السنة، لا فرق بين أبريل أو يوليو أو أغسطس، فكله عند الكذابين " أبريل " ، بل تزايد وانتشر في زماننا بشكل ملموس وعلى مختلف المستويات كأنه طوق نجاة لمعظم الناس، بل يجعلهم يستأهلونه في قضاء مصالحهم وتحقيق منافعهم في حياتهم الاجتماعية .
 
والسؤال : هل الجميع صادقون في مختلف مواقف حياتهم اليومية والاجتماعية وأعمالهم الوظيفية حتى نخص يوما" للكذب؟! أعتقد بأن الكذب بات يحيط بنا من كل حدب وصوب، ويجتاح الأجواء حاليا" كم هائل من الأكاذيب سواء في الفضائيات أو الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية وغيرها، وقد أصبح الكذب واقعا يوميا ومواقف متكررة في حياتنا، وعادة يمارسها الكثيرون من الأزواج فهم يكذبون على زوجاتهم والعكس، كما أن البائعين يكذبون على الزبائن من أجل تسويق بضائعهم الراكدة، والموظفون قد يكذبون من أجل الحصول على رضا رؤسائهم أو من أجل التزويغ من العمل، والمسئولون بدورهم يكذبون على مرؤوسيهم في موضوع الترقيات والعلاوات وما شابه ذلك،  والمرشحون في الأنتخابات البرلمانية يكذبون على أهالي دوائرهم لكسب أصواتهم، والشباب يستحوذون على قلوب الفتيات بالكذب والخداع والكلام المعسول ... أما عن الكذب السياسي فحدث ولا حرج، فهو مصيبة كبرى نراها في حياتنا، فقد مارسها باحتراف الكثيرون من رموز السياسة وخاصة فترة حكم الجماعة الإرهابية .
 
أما عن دول الغرب، فقد اختاروا يومًا واحدًا طوال العام هو الأول من أبريل للكذب بغرض المداعبة والتسلية، حتى أطلق الشعب الإنجليزي عليه ( يوم المغفلين)، لكننا في المقابل نحتاج يومًا سنويًّا للصدق !.. يجب علينا التخلص من الموروثات الخائبة والأقوال المعتادة التي جلبت علينا المصائب بأنه يساعد في المحافظة على كيان الأسرة، وأن الكذب ملح الرجال وسكر النساء، ولا نعلم من أين أتت تلك العبارة ؟!.
 
وفي هذا السياق، يقول الفيلسوف أرسطو: الموت مع الصدق، خير من الحياة مع الكذب، فالكذب داءٌ والصدق شفَاءٌ ، كما أن شمعة الكذاب لا تنير، وإن أنارت ستكون لفترة قصيرة ثم تنطفئ إلى الأبد .
إن الكذب ظاهرة سيئة قد تؤدي إلى ضياع الحقوق أحيانًا، فشهادة الزور في بعض القضايا داخل المحاكم قد تسبب العديد من الكوارث والمصائب، كما أنها تبرئ الظالم وتهضم حق المظلوم .
 
أخيرا" : لماذا لا نعبر عن مشاعرنا ونقول ما يجول في خاطرنا دون كـذب ، لا أبريل ولا أبيض ولا أسود؟ فشهر أبريل هو شهر الربيع في عالمنا العربي ، فلماذا نشوهه بالكذب والتضليل؟!. فالطفل لا يعرف الكذب ولا اللف والدوران، وكذلك النفس المنزهة عن الشر .