سليمان شفيق
 كنت ابحث عن امل في التحول الي الكتابة الايجابية بعيدا عن الكورونا والعزلة ، حتي فاجئتني وزارة الثقافة في اطار المبادرة التي اطلقتها د ايناس عبد الدايم وزيرة الثقافة ، تحت عنوان :" الثقافة بين يديك " ، وفي الثامنة من مساء الاثنين استمعت الي مقطع من نص مسرحي للكاتبة لمى طيارة من سوريا بعنوان "الوشم" .

تحكي لمى عن رفضها عمل عملية تجميل للأنف والحواجب  ، حيث يتحول الأنف الي ما تبقي من وطن ، ,تقول :" الف مرة قررت ان اوشمها ولكني لم افعل .. تخطت لمى طيارة حاجز الوشم واحتفظت بكل ما لها لحبيبها ، وظلت مثل الحجر الكريم ، حولتها الوحد لشاعرة تبتعد عن الرومانسية ، تتجرع بطلة نصها كؤوس النبيذ مع حبيبها في مقهي دمشقي ، "زوجي الذي كان يكره الغربة اين هو الان ، جتى جدران الغرفة تذكرني به"  ، تعود الي ادراجها الي الاريكة وتبكي، تبحث عن زوجها الذي تحول الي لاجئ وهو الذي سبق وان حولها من لاجئة فلسطينية الي مواطنة سورية ، تنظر الي الثريا تنتظر زوجها ولكن العرض يأتي قبل ان يأتي ، تصل الي قمة التشاؤم فتتحدث الي اثاث منزلها ، لماذا واتذكر محمود درويش وهو يقول:

" اه يا جرحي المكابر وطني ليس حقيبة وانا لست مسافر" ، وتبكينا لمى في مسرحية الوسم عبر تلك السيدة اللاجئة الفلسطينية والتي حصلت علي الجنسية السورية من زواجها بسوري ، حين ترفض ان تعيد تجربة اللجوء حتي لو كانت لفرنسا ، وتبقي علي وشمها ، رفضت ركوب البحر نحو المهجر ، كانت ستكون موتة واحدة بدل من الموت اليومي ، " زوجي اللاجئ في فرنسا والذي سيعيدني مرة ثانية الي الوثيقة ." لمى مثل الحجر الكريم كلما سقط عليه ضوء عكس الوان من الحياة فهي كاتبة وناقدة واستاذة ومخرجه الخ ، بكالوريس في النقد والادب المسرحي ، من المعهد العالي للفنون المسرحية ، دمشق 1994، واستمرت في الدراسة ، بكالوريوس اعلام ، جامعة دمشق 2006، دبلوم دراسات عليا في الاعلام السينمائي ، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة 2011، ماجستير في الاعلام السينمائي(صورة المرأة في السينما الروائية السورية وعلاقتها بالواقع ) ، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة 2013، دكتوراه في الاعلام السياسي ، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة 2019. ولايتوقف الامر علي الدراسة بل في حصولها أيضا على  دبلوم :البث الإذاعي المباشر، دبلوم :كتابة وإخراج الدراما التلفزيونية ، دبلوم :إعداد وإخراج برامج الأطفال

. لها العديد من المؤلفات والأبحاث  :مثل بحث  المرأة في السينما السورية، لصالح مهرجان اسوان لافلام المرأة، نشرت ضمن كتاب في دورة المهرجان 2020، دراسة حول فلسطين في السينما السورية،دراسة على هامش الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة ، ضمن مهرجان اسكندرية السينمائي الدولي 2016

مونودراما الوشم ، حصل النص على الجائزة الأولى في التأليف من مهرجان القاهرة للمونودراما 2019، كتاب (عيون عربية على السينما الأوروبية) حول الناقدة المصرية نعمه الله حسن  ، صادر عن منشورات الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما في اطار مهرجان اسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط 2017.،. كتاب (الادب والسينما )، تأليف مشترك عدة نقاد عرب وفرنسيين ، باللغة الفرنسية والعربية صارد عن وزارة الثقافة الجزائرية بالتعاون مع وزارة الثقافة في فرنسا، نشر الكتاب في اطار مهرجان وهران للفيلم العربي 2016 . أربعة كتب سينمائية تأليف مشترك ، صدرت في كل من المغرب والجزائر(2011-2012-2014).و مونودراما القبو ، قيد النشر. عضوة لجان تحكيم العديد من المهرجانات العربية ومنها : عضو في لجنة قراءة نصوص الدراما سابقا ، و عضو في الجمعية المصرية لكتّاب ونقاد السينما/ القاهرة ، مدربه في ورشات كتابة السيناريو للفيلم الروائي القصير جدا Tres Court metrage ، مكتبة الجامعة الامريكية L، القاهرة 2015-2016، مستشار محلي لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي في دمشق 2008-2009. وفنانة وكاتبة ومخرجة لعدة افلام منها : فيلم (براعم الاقحوان ) رسوم متحركة ، عن اطفال الحجارة ، اخراج واشراف فني انتاج شركة النجم الصغير /دمشق 2011.(شارك في مهرجان القاهرة للطفل). فيلم (موفق قات فنان في الظل) ، وثائقي طويل ، سيناريو واخراج ، انتاج شركة سومر للاعلان والانتاج والفني،(لم يعرض بعد)). فيلم (وقت إضافي )، وثائقي طويل ، مشارك في الإنتاج 2020 .

وتمضي رحلة البحث عن الانسان والخروج من الوثيقة دون ازالة الوشم، في مقال لها نشر حديثا بعنوان الكتابة تحت الطلب تقول  : "بعد سنوات اكتشفت ان الكتابة وخاصة بالنسبة لمسابقات النصوص المسرحية تأتي غالبا حسب الطلب وليس حسب الابداع " .. و"من هو الكاتب الحقيقي الذي لا يسعي لنشر اعماله سواء كجنس ادبي كنص ركحي حال جهوريتها ، ويجعل هدفه او همه من الكتابة مقتصرا علي المشاركة في مسابقة للتأليف تكون نهايتها جائزة مالية كبيرة او اصدار لمسرحيته ، لترمي لاحقا في الادراج دون ان يقرأها او يراها الجمهور الذي كتبت عنه وله"، وتستشهد بما قاله الكاتب والمخرج المسرحي بوسلهام الضعيف في كتابه (راس الحانوت) لماذا نكتب اصلا ؟ هل للتعبير عن اشياء تشغلنا ؟ هل لنقول شيئا للناس ؟ ام لاسترجاع توازنا النفسي ، ويأتي رده علي تلك التساؤلات من منطلق شخصي ، فهو يكتب ضدا عن الموت ، من أجل الحياة ورغم ان الموت يغرينا لكننا نظل نحترس منه ، ونكتشف ان الحياة شاسعة وتستحق ان تعاش". حقا الحياة تستحق ان تعاش ونقاوم اللجوء عن طريق البحر او اللجوء تحت اجهزة التنفس الصناعي ، ولا فرق بين الموت من ارهاب الدواعش او ارهاب كورونا وكلاهما اعداء الحياة ، هكذا نحن امام كاتبة متفردة حولتها الوحد لشاعرة تبتعد عن الرومانسية، تتحدث معنا من خلال اثاث غرفتها ونستمع نحن اليها من خلف اثاث غرفتنا ونسرع لغسيل عقولنا بكتاباتها بحثا عن الحياة وقبل ان نغسل ايدينا بالماء والصابون ، ويبقي الوشم والوطن .