أستاذ في الفلسفة السياسية : فرنسا تصرفت بمنتهي الأنانية مع إيطاليا 
 باحث في الشئون الألمانية : المساعدات الروسية لإيطاليا هي محاولة لتفكيك منظومة العقوبات الأوروبية عليها
 
كتب – أحمد المختار
تعاني دول الاتحاد الأوروبي ، من خلافات و انقسامات حادة ، جراء تفشي و انتشار وباء فيروس " كورونا " المُستجد ، و هو الأمر الذي نتج عنه ارتفاع أعداد الوفيات و الإصابات في القارة العجوز .
 
حيث شهدت التفاهمات الأوروبية حول معالجة أزمة " كورونا " هشاشة التنفيذ ، بالتزامن مع توجيه " إيطاليا " انتقادات حادة إلى " فرنسا " و " ألمانيا " لتأخرهما في تقديم المستلزمات الطبية لمكافحة الفيروس ، و سعت " روما " بدلاً من ذلك للحصول على المساعدة من " الصين " .
 
و في هذا الشأن استضاف برنامج " رادار الأخبار " علي شاشة " سكاي نيوز عربية " ، عدداً من الضيوف ، و منهم : 
 
 الباحث في الشئون الإيطالية " حسين عبد العزيز " من " ميلانو " ، و الذي قال : " بداية الأزمة شهدت الكثير من الأخطاء ، فالاتحاد الأوروبي بدأ و كأنه حينها " سفينة نوح " ، حيث شرع الجميع في البحث عن النجاة و منفذ للهرب ، دون تقديم أي مساعدات ، أو الاكتراث بمعانات الدول المتضررة مثل " إيطاليا " .
 
سخط في المجتمع الإيطالي 
و تابع : " إيطاليا دولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي ، و وجهت العديد من النداءات إلي الاتحاد الأوروبي و لكل من ألمانيا و فرنسا ، لكن لم تجد من يهتم لأمرها ، فتوجهت علي إثر ذلك للمرة الأولي ، بالخروج من النطاق الأوروبي ، إلي النطاق العالمي ، و طلب مساعدات من " الصين ، روسيا ، كوبا ، مصر " ، مما أوجد حالة من السخط لدي المجتمع الإيطالي و لدي الساسة الإيطاليون و الحكومة أيضاً " .
 
الدعم الأوروبي غير كافي
و أوضح : " رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي ، حاولت تقديم 25 مليار يورو ، بشكل عاجل إلي إيطاليا ، إلا أن الموقف الرسمي الإيطالي رأي أن تلك الحزمة غير كافية ، مما دفع رئيس الوزراء الإيطالي " جوزيبي كونتي " أن يصرح بأن إيطاليا سوف تتصرف بمفردها ، بعيداً عن من خذلوها " .
 
لا مبرر لموقف الاتحاد الأوروبي تجاه إيطاليا
و أضاف : " لا أحد ينكر التراخي و قلة الحيطة و الحذر من طرف الحكومة الإيطالية ، في التعامل مع الأزمة من البداية ، و استقبال المسافرين من الصين و الدول المنكوبة ، لكن ما فعله الاتحاد الاوروبي و علمه من معاناة المستشفيات الإيطالية ، و نقص المعدات الطبية بها ، لا مبرر له ، رغم إعلان إيطاليا حاجتها لأجهزة التنفس و المعدات الناقصة و نيتها السداد لاحقاً ، لم يلقي أي استجابة من طرف الاتحاد ، فالحكومة الفرنسية و الالمانية علي حدٍ سواء ، تعملان حالياً علي اتخاذ خطوات إيجابية لتجاوز تلك الازمة و المرض " .
 
من ناحية أخري ، قال الدكتور " خلدون النبواني " الأستاذ في الفلسفة السياسية من " باريس " : " الواقع الأوروبي يشهد منذ فترة كبيرة تصدعات و أزمات كثيرة ، حتي قبل مجيء " كورونا " ، و حينما حل " كورونا " فضح تلك المشكلات و أظهرها ، و وضع الاتحاد الأوروبي كله أمام امتحان " .
 
الأنانية الفرنسية 
و تابع : " الرئيس الفرنسي " ماكرون " صرح و تصرف بمنتهي الأنانية ، حيث تبحث كل دولة من الدول الأعضاء بالبحث عن جذورها القومية ،  فكانت إيطاليا محكومة من طرف اليمين المتطرف ، الذي يجنح للنزعة القومية ، لكن إيطاليا معها كل الحق في توجيه الانتقادات ، لأنها وجدت نفسها غارقة بأعداد ضخمة من الموتي ، و أرادت نقل المرضي لديها إلي المستشفيات الخالية لدي جيرانها ، و كان بالإمكان المساعدة بأكثر من ذلك " . 
 
روسيا و الصين 
و أوضح : " في مثل تلك الأزمات ، تساعد البلدان بعضها البعض ، بعيداً عن الخلافات و الحسابات الجيو سياسية ، مثلما رأينا مساعدة فرنسا للصين في بداية الأزمة لديها ، و هو ما ردته الصين لفرنسا لاحقاً ، لكن ما حذر ماكرون من منه إيطاليا بزيادة التوغل الروسي و الصيني في الشأن الأوروبي ، يُفهم كأنه وصاية فرنسية ، و هناك محاولة لاستباق الصدع بين باريس و روما " . 
 
من جهته ، قال " منصف السليمي " الباحث في الشئون الألمانية من " بون " : " الاتحاد الأوروبي يواجه معضلة كبيرة ، جراء أزمة تفشي وباء فيروس " كورونا " ، و كل المؤشرات تؤكد علي ذلك ، مشيراً إلي مقال وزير الخارجية الألماني السابق ، الذي أشار أن تلك الأزمات ، هي التي تُبين المعدن الأساسي لقوة الاتحاد ، محذراً من ترك الأمور لانتقادات القوميين ، حتي لا ينهار الاتحاد " .
 
البيروقراطية 
و تابع : " الاتحاد الأوروبي يتمتع ببيروقراطية ، جعلت جميع الأحداث تتجاوزه ، فالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما فيها إيطاليا ، استهانت بالكارثة منذ البداية ، رغم وجود انتقادات داخلية في إيطاليا لحكومة " كونتي " ، ملمحاً أن الحكومة الإيطالية باتت تتبني خطاباً قومياً ، مما لم يجعل للشعب أو اليمين المتطرف أي صوت ، فيحب التمييز بين الخطاب الناتج عن الأزمة ، و المشكلات الهيكلية " .
 
 المساعدات الروسية 
و أضاف : " روسيا تعلم تمام العلم وجود عقوبات مفروضة عليها من الاتحاد الأوروبي ، و ستنتهي في مارس من العام المقبل 2021 ، و رغم ذلك قدمت مساعدات إلي إيطاليا ، في محاولة منها تفكيك منظومة العقوبات الأوروبية ، عبر البوابة الرخوة " إيطاليا " ، و بالنظر إلي التحذيرات الفرنسية و الألمانية لإيطاليا ، بعدم الاعتماد علي الورقة الروسية ، مطالبين إياها بالبحث داخل الاتحاد الأوروبي " .
 
آلية الاستقرار المالي 
و اختتم : " الاتحاد الأوروبي أقر تلك الآلية بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 ، و من خلال قروضها تمت مساعدة اليونان و إيطاليا نفسها ، و بشكل جزئي " أسبانيا " ، و من ثم عاد الحديث إليها مجدداً ، نظراً لأن تداعيات أزمة كورونا ، تفوق أزمة 2008 ، فدول الجنوب الأوروبي تقول دائماً بأن لديها التزامات اجتماعية ، و تنفق عليها الكثير ، و رغم الحاجة إلي آلية الاستقرار الأوروبي ، فإيطاليا قررت تجنب تلك الآلية " .