قال نسيم مجلي، الكاتب والمؤرخ، إن موضوع الحلقة يدور حول موضوع هام جدا هو موسوعة "تراث القبط" هذه الموسوعة تستدعي أن نتحدث عن نماذج عظيمة من أهلنا من أقباط مصر الذين تركوا اثارًا جميلة وبذروا بذور المحبة فى تربتنا من أجل أن يتمتع الجميع بصحة الفكر وسلامة العقل لنبني أثاثًا سليم لتاريخنا.

موسوعة "تراث القبط" تهم جميع المصريين لأنها جزء من تاريخ مصر العظيم، ومصر عظمتها تتجلي فى أبناءها وأحد هؤلاء العظماء الذين يجب أن نتحدث عنهم وأن نعطيهم حقهم فى التعريف هو المهندس عدلي أبادير يوسف وهو صاحب اليد فى ظهور هذه الموسوعة، وهناك وجه أخر كان له الفضل فى التفكير فى هذه الموسوعة هو الدكتور سمير فوزي جرجس صاحب كتاب "القديس مرقس وتأسيس كنيسة الاسكندرية".

البداية كانت من رجل عظيم أخر وهو الأستاذ الدكتور عزيز سوريال عطية العالم الكبير والمؤرخ المحقق صاحب الاكتشافات الوثائقية الهامة فى تاريخ الحروب الصليبية والدراسات الإسلامية، ولد بقرية العايشة مركز زفتي بالغربية فى يوليو 1888 وتوفي في 24 ديسمبر 1988 اثر ازمة قلبية فى الولايات المتحدة.

وبين البداية والنهاية رحلة طويلة حافلة بالجهد والإصرار انتقلت به عبر البحار والمحيطات وبربطت فى فكرة بين تراث الشرق ومناهج الغرب وكانت نتائجها باهرة على مستوي البحث والتأليف وأيضا فى مجال تحقيق الوثائق والمخطوطات وكذلك كان دوره فى مجال الانشاء والعمران فأسس معهد الدراسات القبطية بالقاهرة وأسس مركز الدراسات العربية والإسلامية بجامعة يوتا.

لقد كانت الانطلاقة الحقيقية فى حياة عزيز سوريال هى سفره الي ليفربول حيث وجد التشجيع العلمي والتقدير فقد تتلمذ على يد بروفسور كوبلاند أشهر أساتذة تاريخ العصور الوسطي فى ذلك الوقت، وحصل علي الماجستير عن بحثه "حملة نيقوبوليس الصليبية" وهى دراسة علمية لفتت اليه أنظار الباحثين عند نشرها لانه اثبت كما يقول الدكتور سعيد عاشور أن ذيول الحرب الصليبية بين العثمانيين والقوي الأوروبية وبخاصة فى البلقان كانت له مسحته الدينية وانه يعبر عن حلقة اخيرة من حلقات الصدام بين القوي الاسلامية والقوي المسيحية فى العصور الوسطي.



واذا نظرنا الي كتابه "المسيحية الشرقية" الذي نشره فى لندن 1968 نجد كتابا فريدا فى بابه اذ خصصه لدراسة تاريخ الكنائس الشرقية غير الإغريقية وهذه الكنائس هى الكنيسة القبطية والأثيوبية واليعقوبية والنستورية والأرمينية والهندية والمارونية وكنائس النوبة وشرق أفريقيا التى اندثرت، والكنائس الرئيسية فى الشرق قامت فى الأصل على بشارة رسولية وظهرت جميعها إلى الوجود فى وقت كانت فيه ذكرى صعود المسيح مازالت حيه فى الأذهان ومن ثم كانت أهمية هذه الكنائس فى سنوات تكوين العقيدة وفى استمراريتهم عبر القرون مما لا يترك مجالا للشك فى أهمية هذا الفصل فى الحوليات المسيحية.

وعن هذا الفصل فى الحوليات المسيحية يقول الدكتور عزيز عطية:
لقد حاولت أن اري واحكم على الحقائق المجردة للمسيحية الأولي فى الشرق بصرف النظر عن التراكمات المتأخرة والحواجز المتولدة عن مجادلات العصور الوسطي والعصر الحديث والواقع أن هناك لاهوتيين حسني النية ومفسرين لا معين من المئتمين الي الطوائف والكنائس المسيحية قد تسببوا بفعل مجادلاتهم فى صرف العقل الغربي عن الكثير من نقاء المسيحية وبساطتها كما تجلت فى أصولها الأولي بالشرق.