مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com

لقد مللنا برامج " صراع الديوك " التجارية ، و تقديم أهل النصب والاحتيال لبرامج " السحر والدجل والشعوذة " ، و أخرى لنشر " الفضائح " وبرامج " التديين الشكلي " المتاجرة بالأديان والمتسولة لنزع قروش وهبات البسطاء أو ابتزاز الأثرياء .. زهقنا يا عالم من أشكال فرض الوصاية على المتلقي بتلقينه فتاوى التطرف أو تغييبه ببرامج الأنس والفرفشة ..

ولم يعد استنساخ البرامج " الخواجاتي " و فورماتها المسروقة من إبداعات أهل الفرنجة محل إقبال المشاهد المصري والعربي ..

نحن ننتظر إعلاما يخاطب عقل المواطن ووجدانه ويعبر عن واقعه وأحلامه.. ولا يمكن لأي إعلام حقيقي أن يقوم بأدواره المنتظرة منه بدون أن يرتكز إلى أسس وأهداف مجتمعية حقيقية. فالإعلام لابد وأن ينبع في توجهاته من السياق المجتمعي المحيط به. وإذا كانت هناك مشتركات إنسانية عامة سواء على مستوى الشكل الإعلامي أو المضمون فإن هذا لا يتعارض مع الارتباط بخصوصية المكان وثقافته وقيمه المجتمعية المختلفة. وأغلب الظن أن الإعلام المرتبط بسياقه الجغرافي هو الأكثر قدرة على التأثير والتنوير الشاملين.

لقد أسعدني أن أجد في لقاءات برنامج " 90 دقيقة " على قناة المحور النموذج الرائع لإعلام تنويري يحقق ويلبي أحلام الناس في التعامل مع قضايا هامة وبتناول داعم لثقافة المواطن وتطوير وتنمية توجهاته الإيجابية ، فالإعلامي الأكاديمي " د. محمد الباز " يقدم حلقات غاية في الأهمية عبر لقاءات تذكرنا بأهل إعلام ماسبيرو زمان في اختياراتهم للضيوف والقضايا المطروحة على أهل التنوير ونجومه العظام من أصحاب مبادرات الإصلاح في مجال تقديم خطاب ثقافي وديني وإعلامي يتجاوز إعلام " هوانم الطبيخ " ، و أعلام الوصقات الطبية الغير مهنية والغير علمية، و إعلام رياضي لرصد نجوم سخائم وشتائم متبادلة بتعصب مجنون ..

في حلقة من البرنامج ، كان ضيف اللقاء الكاتب الصحفي الرائع " سعيد شعيب " مدير المعهد الكندي للدراسات، قال إنه ليس مندهشا من استغلال الإخوان لأزمة كورونا لاستهداف الدولة المصرية، موضحا أن أي شخص إخواني لا بد أن يكون خائنا، لأن الإخوان ليس لديهم ولاء للوطن، فالوطن محطة بالنسبة لهم لمشروع أكبر.

وتابع في حواره مع الدكتور محمد الباز، ببرنامج 90 دقيقة، المذاع على فضائية المحور، أن مصر ليست دولة بالنسبة للإخوان، بل هي كما قال الإخواني صفوت حجازي، إنها إمارة في مشروع استعماري أكبر، والوطن لاقيمة له بالنسبة لهم، وبالتالي فإن الحديث عن أن الوطن لا قيمة له لدى الإخوان ، و أكد " شعيب " على أن الإسلام ليس مشروعا استعماريا يستغلونه لتحقيق الخلافة المزعومة والمنسوبة للإسلام، ولكنه دين يحمل قيم إنسانية رفيعة.

وأضاف " شعيب " الباحث والكاتب المصري المتواجد في كندا حاليا إنه قد تعرض للتكفير من جانب الإسلاميين فى كندا، ولكن الشرطة تعاملت مع هذا الموضوع بجدية كبيرة. مشيرا الى أن ما لا يعرفه البعض من الناس هو أن أحد الأسباب التى دفعت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لغلق الحدود مع أمريكا اللاتينية هو تسرب الإسلاميين والإخوان عبر الحدود إلى أمريكا للجوء بها.

و أكد " شعيب " إن المسلمين لا ينتمون للاسلام المتعصب ولكنهم يريدون إسلاما إنسانيا سمحا، موضحا أن المركز الذي يشرف عليه يستهدف المناطق والمساحات التى لم يسلط عليها الضوء بالنسبة لتركيبة الإسلاميين بتلك المناطق مثل الأمريكتين الشمالية والجنوبية.

وكشف " شعيب" من زاوية أخرى عن تلقيه رسالة من أحد أصدقائه، والذى أكد أنه على علاقة بأيمن نور، لوضع خطة تحرك جديدة ضد الدولة المصرية و محاولة إقناعه بالفكرة، إلا أنه رفض الحوار مع الإخوان ـ و أكد أننا قد نختلف مع بعضنا داخل الدولة ، ولكننا لا نختلف على الدولة ذاتها ووجودها ، لافتا إلى أن الإخوان "تنظيم فاشي إرهابي"، ويريد إقامة دولة الخلافة. و هو يريد مصر دولة حرة وديمقراطية، فكيف يتحالف مع قوة تريد هدم أي مشروع ديمقراطي وانتهاك الحريات العامة؟.

و في حديثه لكاميرا " 90 دقيقة " قال موجهًا رسالته لأهل التعاطف مع نظرية المؤامرة أنه لا ينكر ولا يختلف مع الاعتقاد بدور الغرب المدمر للمنطقة ، ولكنه يرى أهمية أن نتعامل بشكل نفعي والنضال من أجل تحقيق مصالحنا ، و أنه يرفض فكرة التأكيد طول الوقت على شيطنة الغرب مما قد يدفعهم لطرد العرب.

و أوضح شعيب أن المعهد الذى أسسه فى كندا يعمل على تفكيك الأساس الديني والتاريخي المنتج للكراهية والعنف والتميز ليس فقط ضد غير المسلمين ولكن أيضا للمسلمين مثل الأطفال والمرأة. وأضاف: نعمل على دعم الأساس الديني والتاريخي ونعمل من داخل الإسلام وليس من خارجه، مؤكدا انه يدين بالإسلام وليس مشروعه هدم الدين ولكن مشروعه إتاحة الرؤي المستنيرة ..
نقلا عن الدستور