إن شباب المرحلة الثانوية هم فى فترة تكوين الشخصية، والإحساس بالذات. لذلك تهدف خدمتنا لهم إلى مساعدتهم فى اقتناء الشخصية المتكاملة، التى وضع لها علماء التربية الدينية ملامح محددة هى:

 
1- الشبع الروحى: بالتدين السليم.
 
2- الاستنارة الذهنية: بقراءة الكتب المقدسة، والثقافة العامة، تحت إرشاد المتخصصين.
 
3- السلام النفسى: الذى يتأتى من التوبة إلى الله ومجاهدة النفس والتدين السليم، والأنشطة البناءة مثل: الرحلات والحفلات والمعارض... إلخ.
 
4- السلامة البدنية: كنتيجة طبيعية للحياة المتدينة، التى تحافظ على وزنة الجسد، فى طهارة وضبط وصحة، وتبتعد عن كل ما يدمر هذا الوعاء المقدس: كالتدخين، والخمور، والمخدرات، والأمراض الناجمة عن الانحرافات الجنسية...
 
5- النجاح الاجتماعى: وهو سمة أساسية للأصحاء نفسيًا وروحيًا، إذ ينتشرون بين الناس فى حب وعطاء، وفى روح الخدمة والأمانة، كشهادة حية لتدينهم.
 
■ ■ ■
 
وعلى هذا يكون التعامل مع هذه المرحلة، التى تتسم بالنضج الجسدى، والتذبذب النفسى، ويدخل فيها الشباب فى صداقات أو داخل شلة، كما يكون الشباب فى هذه المرحلة متجهًا نحو المثالية فى النظر للأمور. كذلك يجنح الشباب أحيانًا إلى التمرد على السلطة: الوالدية والمدرسية والدينية، ولذلك يكون التعامل مع هؤلاء الشباب المملوئين عاطفة وحيوية واحتياجًا، على أسس معينة، ومبادئ هامة، وخدمات جوهرية، يجب أن نقدمها لهم، سواء فى محيط الأسرة أو مكان العبادة... وهى:
 
1- روح المحبة الشخصية
 
2- روح التفهم والحوار
 
3- روح الصداقة والتقدير
 
4- روح الحزم عند اللزوم
 
5- روح المرح والنشاط
 
6- روح الصبر وعدم الاستعجال
 
7- روح الإيمان والثقة فى الله
 
■ ■ ■
 
روح المحبة الشخصية
 
فالشباب فى هذه المرحلة يتسم بالعاطفة الشديدة، يعطيها بغزارة، ويمنعها بسهولة، ولذلك ينبغى على الوالدين والقادة- وبخاصة رجال الدين- أن يقدموا لهم لمسة «المحبة الشخصية» (Personal Touch)، ويتضح هذا من خلال تقديم:
 
1- محبة حقيقية لكل إنسان.
 
2- زيارات منزلية للبيت، كلما حانت الفرصة.
 
3- معرفة الشباب بأسمائهم وعناوينهم.
 
4- التفاعل مع ظروف حياتهم وزيارتهم إن أمكن فى المرض، والألم، والفشل (فى امتحان أو مشروع)، وكذلك فى الأفراح والنجاحات..
 
- التفاعل الفكرى معهم:
 
أ- إن مفتاح عقول هؤلاء الشباب المباركين هو فى قلوبهم، فإذا ما شعروا من رجل الدين وقائد المجموعة والوالد والوالدة بلمسات المحبة الشخصية، والاهتمام بهم كبشر وليس كأرقام فى الفصل أو فى الأسرة، يتجاوبون معهم بكل قلوبهم!
 
ب- وإذا ما فتحنا لهم القلب والفكر والأذن، لنستمع إلى آلامهم وآمالهم وأفراحهم، سوف يفتحون هم أيضًا الذهن، ليستوعبوا كلام الله ونور الإيمان، وأهمية التدين، والصداقة البناءة.
 
ج- ثم يأتى دور الإرادة الذاتية لكل منهم، فيتجاوب مع هذه كلها لما يبنى نفسه.
 
د- وكثيرًا ما يحسّ شباب هذه المرحلة بالتفرقة فى المعاملة، بين شاب وآخر فى الفصل، أو فى مكان العبادة، وبين أخ وأخيه أو أخته فى المنزل.. وكثيرًا ما يكون هذا نوعًا من التوهم، وربما الحقيقة، ولكن المحبة الخالصة الروحية، ودعوة الشباب إلى الحياة مع الله، والتدين، تجعلهم يدخلون معنا فى عشرة محبة واستفادة، ويخرجوا من أسر الذات إلى روح التعاون والخدمة وقبول الآخر.
 
هـ- وهذه كلها أمور هامة من أجل روح شبعانة بالتدين السليم، ونفس هادئة فى الله تعالى.
 
- ونحذر هنا قادة الشباب من أمور ثلاثة:
 
أ- إياك واقتحام النفس: إذ تحاول- فى الحوار معهم - الوصول إلى ما فى أعماق الشباب من متاعب أو مشاكل أو أسرار أو خطايا... فهذا الاقتحام له رد فعل خطير، إذ سيتهرب الشباب من الإجابة، ويغلقون القلب والعقل عنك، وربما سيندمون أنهم وثقوا فيك.
 
ب- إياك والطغيان على الشباب: بمعنى محاولة أن يكون الشباب نسخة منك، فى شخصيتك وملامحك ومنهجك، فإذا ما أحببت شيئًا يجب أن يحبوه... وإذا ما كرهت شيئًا يجب أن يكرهوه.. إذ يتحولون بذلك إلى نسخ ممسوخة ومشوهة منك، وشخصيات تابعة لك.
 
ج- وهو منهج خطير فى التربية، يسمونه منهج «غسل المخ» (Brain -wash) أو «التحكم العقلى» (Mind Control)... وهكذا يسلك القائد الطاغى على شخصية مخدومية، فيمسح شخصيتهم، ويلغى هويتهم، ويحبط طاقاتهم ومواهبهم، ويقودوهم ربما إلى التهلكة.. أو إلى تكوين «دمى» تحركها أصابعه!! وهذا تدمير للشباب، ما بعده تدمير!!
 
د- إياك والتعلق العاطفى: فمع إصرارنا على أن يحبك كل من تخدمهم، إلا أن التعلق العاطفى بك يخلق منك ومن الشباب وحدة طاردة للتدين السليم، فهذه السن سريعًا ما تتعلق بقياداته، وهذا كله غير سليم إنسانيًا وتربويًا. والمطلوب هو أن يكون المربى متصلاً ومرتبطًا بالله تعالى، فلا يفرح بهذا التعلق، لكن يأخذ الشباب معه رويدًا رويدًا نحو الله، ورجال الدين، وبقية أخوته، وهكذا تهدأ نبرة العاطفة لديه، وتصير محبته لهم محبة روحانية بناءة.
 
د- فينشأوا مفطومين عن قياداتهم ووالديهم، يحبونهم فى نضج، ولا يتعلقون بهم بطريقة خاطئة أو مرضية، وهكذا تنطلق شخصياتهم فى طريق النضج والتكامل.
 
* أسقف الشباب العام
 
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
نقلا عن المصرى اليوم