د. مينا ملاك عازر
المتابع للأحوال الجوية التي تمر بها البلاد منذ أعوام قليلة، يدرك بما لا يدع مجال لشك أنه ثمة تغير مناخي طرأ على أحوالنا الجوية والطقسية، ما يؤدي لهطول الأمطار بهذه الكميات الهادرة والتي للأسف مهدرة، فأنا أسأل منذ زمن بعيد إلى أين نصرف هذه المياه؟ فلا يجيب أحد، ونسأل لماذا هذه المياه حينما تهطل علينا بهذه الشاكلة المهولة لا تكون إلا وبالاً علينا وعلى أولادنا ومواصلاتنا، حتى أنها كانت هذه الأيام أنكى في رأي الحكومة من كورونا، فأوقفت لها الدراسة خوفاً من تأثيرها على حركة السير، فيحدث ما حدث العام الماضي والشتاء الماضي من توقف حركة المرور وحالات مؤسفة ألمت بأبنائنا.

كانت حجة الحكومة وقتها أن تغيير شبكة الصرف لتستوعب هذهالكميات الكبيرة يتم بصرف أموال طائلة، ما يعني ببساطة أنكم لا تستحقوا أن نصرف عليكم تلك الأموال، وهنا ما هو أهم وأبدى، وأنا هنا لا أناقش الأهمية، ولكن أسأل على الأولوية، فهل الأولى أن نبني مدن جديد وطرق جديدة أم أن نعيد تأهيل القديم من طرق ومباني ومدن لأنه يعيش عليها ويستخدمها ويستفيد بها كائنات حية تسمى بشر يستحقون بحق المواطنة، والسياسة أن يتمتعوا بحق الحياة الكريمة بحسب ما يشرعهلنا الدستور من واقع.

المأساة تكمن في أن الحكومة رضيت بأنه لا فائدة ولا جدوى ولا ضرورة من إعادة تكوين شبكات الصرف بالرغم مما تكبدناه من خسائر بشرية ونفسية ألمت بأطفالنا المحبوسين في أوتوبيسات المدارس، وأضرار مادية، واكتفى الجميع بتصوير الفيديوهات الموثقة لواقعنا المؤلم، المأساة تكمن أنها تتكرر والحكومة مصرة على رأيها بأنه لا داعي مطلقاً من أن نحدث شبكات الصرف لتستوعب الكارثة التي في جوهرها نعمة،فاحالناها بتراخينا وحماقتنا وتراخينا وتهاوننا وتوانينا لنقمة للأسف.

الخلاصة في الصرف ليس فقط صرف الأمطار التي نهدرها بسبب عدم جاهزيتنا وعدم تخطيطينا، لأين ستذهب هذه الأمطار؟ ولكن أيضا لصرف الأموال بحيث نسطر تاريخ جديد وأمجاد عظيمة دون النظر لحاجة الدولة ولا حاجة المواطن وضرورياته للاحتياجات الاساسية ولتأمين حياته.

صديقي القارئ مرة أخرى، أمطار الله تكشف جرائم البشر في حقنا وحق أنفسهم، فسيبقى التاريخ يسجل تهاونهم حيالنا، وتواطؤهم مع الفساد ليقتل منا الكثيرين، ويقفوا عاجزين لأنهم مثقلين بأحلام بناءات جديدة يتركون فيها البناءات القديمة تتهاوى بمن فيها فلتحترق وليذهب الكل للجحيم ما دمنا حذرناهم، وقلنا لهم اقبعوا في بيوتكم وليذهب أي شيء في مهب المطر.

المختصر المفيد أولويات الدول هي بديهياتها.