( 1842- 1910 )
إعداد/ماجد كامل
يعتبر العالم الإلماني "روبرت كوخ " ( 1842- 1910 ) واحدا من أهم رواد الطب في جميع العصور ؛فلقد أستطاع بفضل أبحاثه الكشف عن أسباب الاصابة بثلاثة أمراض كانت تفتك بأرواح الملايين من البشر ؛ هي الجمرة الخبيثة والسل والكوليرا . أما عن حياته ؛فلقد ولد في عام 1842 بأحدي المدن الالمانية ؛ وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي التحق بكلية الطب جامعة جوتنجن ؛وحصل منها علي درجة البكالوريوس عام 1866 ؛ ثم عمل طبيبا في أحدي المصحات في هامبورج ؛ثم تركها وفتح لنفسه عيادة خاصة ؛ولقد بدأ أبحاثه علي مرض الجمرة الخبيثة ؛وهو مرض يصيب الأغنام والأبقار ويمكن أن ينتقل من الحيوان الي الانسان ؛ فقام كوخ بأخذ عينات من دماء الحيوانات المصابة بالمرض وفحصها تحت المجهر (الميكروسكوب) ؛ فوجد بها جسيمات صغيرة تشبه العصي ؛ ثم قام بفحص دماء حيوانات سليمة فلم يجد فيها هذه العصي ؛ وعندما قام بحقن فئران التجارب بهذه العصي ؛ماتت في الحال بعد أن ظهرت عليها أعراض المرض ؛ فتأكد لديه أن هذه الجسيمات التي تشبه العصي هي المسببة للمرض .

ثم اتجه بأبحاثه بعد ذلك للكشف عن ميكروب مرض السل الذي كان يفتك بالملايين من البشر وينهك قواهم ؛ فأخذ يدور علي المستشفيات ليأخذ عينات من أنسجة المرض ويفحصها تحت المجهر بعد صبغها بصبغة معينة ؛ فرأي مجموعة من العصي الزرقاء مصطفة بجانب بعضها ؛فأخذ عينة منها وحقن بها حيوانات التجارب ؛فظهرت عليها جميعا أعرض المرض وماتت في الحال ؛ فتيقن أن هذه العصي هي الميكروب المسبب لمرض الدرن ؛ وأذاع نتيجة اكتشافه علي العالم كله في عام 1882 .

غير أن الاكتشاف الأعظم الذي خلد أسم كوخ كثيرا ؛ هو اكتشافه للجراثيم المسببة لمرض الكوليرا ؛ حيث جاء الي مصرنا الحبيبة حيث كان المرض منتشرا فيها انتشار كبيرا جدا ؛ وأخذ يمر علي المستشفيات ويحصل علي العينات من الميكروب من جثث الموتي ؛ثم يعود الي معمله ليدرسها ويفحصها ؛ولكن لم يصل الي شيء في البداية ؛ فقرر الرجوع الي بلده المانيا وأخذ معه العينات التي حصل عليها من أجسام الموتي ؛ وصبغها وفحصها تحت مجهر اكثر تطورا ؛ فشاهد فيها أجساما غريبة تشبه حرف الواو ؛ فطلب من حكومته السماح له بالتوجه الي الهند الموطن الأصلي للوباء ؛وجمع عينات أخري من أجسام الموتي ؛فشاهد فيها نفس النتيجة ؛فتيقن أن هذا هو الميكروب المسبب لمرض الكوليرا ؛وينتقل من المرضي الي الاصحاء عن طريق تلوث الملابس والأدوات التي يستعملها المريض .

ولقد أنعم عليه امبراطور المانيا بوسام التاج ؛ وهو أكبر الأوسمة الالمانية تقديرا لخدماته الجليلة للانسانية في الكشف عن أسباب ثلاثة أمراض . ولقد وضع كوخ منهجا علميا عرف في كتب الطب ب"اشتراطات كوخ" لاثبات العلاقة بين العائل والعامل المسبب للمرض ؛ ولا زالت هذه الاشتراطات صحيحة حتي يومنا هذا .


وهذه الاشتراطات يمكن تلخيصها في الأربع نقاط التالية :-
1- أن يكون الجرثوم مصاحبا للعائل علي الدوام ما دام مصابا بالمرض
2-يمكن فصل الجرثوم عن العائل وزرعه في مزارع نقية
3-إذا حقن الجرثوم في حيوان آخر أحدث نفس المرض
4-إمكان عزل الجراثيم والحصول علي مزرعة نقية منها من الحيوانات التي حقنت صناعيا .

ومن أقواله الخالدة التي كتبها في مذكراته " بمجرد أن نضع أيدينا علي الطريقة الصحيحة فأن الاكتشافات تتفتح أمامنا بنفس السهولة التي تسقط بها حبات التفاح الناضجة من فوق أغصانها " .

وبالرغم من انجازه العلمي الكبير ؛إلا أنه تميز بالتواضع الشديد ؛فكان يقول لتلاميذه وأصدقائه " أني حقيقة قد بذلت أقصي ما أستطيع في بحوثي ؛ولكني إذا كنت قد حققت نجاحا أكثر من معظم الباحثين ؛فأن السبب في ذلك يرجع إلي أن جولاتي في الحقل الطبي كانت في مناطق لا يزال بها الذهب ملقي علي قارعة الطريق ؛ وليس لي في ذلك فضل كبير " .

ولقد توفي كوخ عام 1910 عن عمر يناهز 68 عاما بعد أن قدم للإنسانية أجل ما يمكن أن يقدمه إنسان .