كتبت – أماني موسى
شكّل انتشار فيروس كورونا بالون اختبار لقدرة الحكومات على إنفاذ القانون فيما يخص حظر التجوال وفرض الحجر الصحي وإغلاق المتاجر والأسواق والمطاعم والمقاهي.. بعض الحكومات حققت نجاحًا والبعض الآخر لم يتمكن من تحقيق نفس النجاح.. البعض يلقي باللوم على سلوكيات الشعوب التي ينقصها الوعي الصحي وثقافة التعامل مع الأزمات، فيما يلقي آخرون باللوم على الحكومات التي ربما تصدر قرارات متأخرة، أو تصدر قرارات ولا تتابع تنفيذها على أرض الواقع مما يسهل خرقها ويعرض حياة المواطنين للخطر.
 
من جانبه قال الكاتب والباحث السياسي الأردني صلاح العبادي، أن القرارات التي اتخذتها الحكومة الأردنية وفرض حظر التجوال هي بالتأكيد قرارات صعبة لكنها تصب في صالح المواطن الأردني، والحكومة الأردنية طلبت من المواطنين الالتزام بالمنازل، إلا أن عدد منهم لم يلتزم بالتعليمات ولم يستجب للمطالبات ما دفع الحكومة لفرض قرار حظر التجول، حفاظًا على حياة المواطنين.
 
وأضاف في لقاءه مع قناة سكاي نيوز عربية، أن الحكومة استقبلت نحو 5 آلاف مواطن أردني من خارج البلاد، وتم عزلهم في فنادق 5 نجوم وتوفير رعاية صحية لاستبيان وضعهم الصحي، وكل هذه الإجراءات على نفقة الدولة، ولذا يجب على الجميع استيعاب حجم الموقف وخطورته والتعاون مع أجهزة الدولة وليس الاستهتار والعمل ضد الصالح العام.
 
وأكد جمال العرفاوي، كاتب وباحث سياسي تونسي، أنه لا بد من تعاون دولي لمواجهة فيروس كورونا على مستوى الأبحاث، ولا بد أن يتوحد الجميع حول حياة الإنسان وأن نترك السياسات بمعزل عن هذا الحدث الضخم الذي تواجهه البشرية.
 
وتابع، بالأمس كانت الشعوب العربية تلوم حكوماتها واليوم الحكومات العربية هي من تلوم الشعوب لعدم الالتزام بالقرارات الصادرة بشأن الوقاية من الفيروس ومنع تفشيه، بالأمس كانت شوارع تونس ممتلئة، والجميع يعلم أن معظم الإصابات في تونس كانوا من القادمين من الخارج، وتم فرض حظر التجوال تمامًا منذ السادسة مساءً، وبعدها سيبدأ الحجر الصحي العام ويتم غلق كل المنشآت فيما عدا المنشآت الصحية.
 
مضيفًا أن الشعب التونسي بات لديه حالة وعي لا بأس بها عقب سماع الأخبار من إيطاليا وتفشي الوباء وعدم القدرة على السيطرة على عدد الإصابات أو الوفيات، وهي التي تبعد عن تونس ما يقرب من النصف ساعة بالطيران، وهو أمر مرعب وقد أتت هذه المخاوف بثمارها لاحترام القوانين والامتثال لعدم الخروج من المنزل.
 
من جانبه قال الكاتب المصري حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن مواجهة فيروس كورونا هي مسؤولية مشتركة بين الشعوب والحكومات ولا يمكن لواحد منهم دون الآخر أن ينقذ البلد من مصير صعب، فمواجهة تفشي الفيروس تقع على الشعب والحكومة والتزام كلا منهما بأداء المطلوب منه.
 
وأشار إلى أن مصر تدرجت بالإجراءات الوقائية والتي تعد خشنة نسبيًا، ولم يتم فرض حظر تجوال تام، لكن تم التدرج بإغلاق أماكن التجمعات العامة والمدارس وتقييد حركة الطيران الداخلي والخارجي والبعض من هذه القرارات جاء متأخر نسبيًا.
 
وفي الوقت نفسه تم عمل حملات توعية للمواطنين بضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وعدم التواجد في أماكن تجمعات والنزول إلى الشارع في حالة الضرورة فقط، لكن في بعض الأماكن والمناطق لم يصل لهم عمليات التوعية الحكومية، وكان الأئمة في هذه المناطق ليسوا على الدرجة التي تتطلبها هذه المرحلة للتوعية، فحتى يوم الجمعة الماضية كانت الصلوات تقام بالمساجد بصورة طبيعية وبتجمعات كبيرة، والآن اتخذت قرارات بسبب ما لوحظ خلال صلاة الجمعة من عدم انضباط وعدم التزام بأي تعليمات وقائية.
 
وشدد بأن ارتفاع عدد المصابين وارتفاع حالات الوفاة يمثل جرس إنذار لدى الكثير من المصريين، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الوصول إلى القاعدة العريضة من المواطنين التي تبدي قدر من اللا مبالاة حتى هذه اللحظة، ولذا نجد مطالبات من كثيرين من الكتاب والمثقفين والساسة أن تذهب الدولة إلى إقرار فرض حظر التجوال، وهذا القرار لم يتم اتخاذه حتى الآن، ولكن هناك قرار صارم بمنع التجمعات وتقييد حركة المواطنين وإلزامهم أن يبقوا طواعية داخل المنازل وألا يخرجوا إلا في حالات الضرورة، ويبقى الأمر غير واصل لقطاع كبير من المصريين بالقرى والأماكن الشعبية البعيدين نسبيًا عن حركة أجهزة الدولة ويبقى الرهان على أن نتحرك معا للحماية، فليس الشعب من دون الحكومة ولا الحكومة من دون الشعب.