محمد حسين يونس
منذ زمن أجداد الأجداد .. و المصرى إعتاد أن يواجه الكوارث المتعاقبة .. دون خوف أو وجل .. الفيضانات العالية التي تغرق اليابسة و تجعل التنقل بالمراكب .. و القحط الشديد الذى يعقبه غلاء و عدم توفر للسلع و الموت جوعا .. و هجوم الجراد الذى يأكل الأخضرو اليابس ..و..الكوليرا .. و الطاعون .. التي تفني أغلب السكان .. و الرمد و البلهاريسيا المستوطنة .. و جنود المحتل و جباتة الذين لا يشبعون حتي لو لم يبق للمستغلين مقدار عشاء يوم .

هناك فترتين أساسيتين .. زادت فيهما الكروب حتي هجر الفلاح أرضة .. و هرب ..

في زمن الإحتلال الروماني ..حتي بدى الإحتلال العربي بعدة رؤوفا.. رحيما .. رغم بغية و طغيانه .و نزحة لقوت المحتلين و إرسالة للمدينة و دمشق و بغداد .

ثم في زمن الإحتلال العثماني .. الذى جرف البلاد ..و وصل بالمصرى إلي قاع التخلف و الإنحطاط .. بحيث بدى الإستعمار الفرنسي بعدة .. رغم قسوته .. خروجا بالمصريين إلي نور التقدم .

الإستعمار الروماني و بعدة العثماني .. و تكرار الكوارث .. راكمت صفات جعلت من المصرى متواكلا .. يعيش اللحظة .. و لا يخطط لإسبوع تال .. ظهر هذا في الأمثلة التي تتداولها الجدات .. والعجائز كمواعظ .. و في إسلوب مواجهة الغاصبين السلبية .. و في فقدان الثقة المزمن بين الشعب و الحكومة ..و في الإستهتار بالحياة الدنيا و الأمل في حياة أخرى هادئة لا يواجه فيها الكوارث و الغاصبين ..

المصرى في العقد الثالث من القرن الحادى و العشرين لا يختلف عنه في نهاية القرن الثامن عشر .. رغم التلفزيون و المحمول .. و الإذاعة .. و أحاديث النصاح المملة .. إلا أنه يزاول حياته بصورة طبيعية دون وجل أو إحساس بالخطر .. أى في ظل القبح و التلوث و تهديد المرض و كوارث حكم الفاشيست .. و نزح الجباة لقوت يومة ..

لا تعجبوا فلقد إعتاد المصرى علي فقد أفراد من جيرانه و أحباءة .. إن لم يكن بالإهمال ففي حوادت القطارات .. و إغتيالات الإرهاب .. و بسبب الجوع المذل .. و هو لذلك يتكاثر مثل الكائنات غير العاقلة .. التي تنجب الكثير.. يصارع و يفني .. و يبق القليل ليستمر النوع رغم الكوارث.