كتب - أحمد المختار
كشفت هيئة الأرصاد الجوية ، خلال مؤتمر صحفي اليوم بمجلس الوزراء ، عن تعرض " مصر " ، لموجة من الطقس السيئ لم تشهده البلاد منذ أمدٍ بعيد ، لم تحدث منذ عام " 1994 " .
 
و هنا نعرض ما حدث في يوم " 2 نوفمبر " من عام " 1994 " ، أسوأ حوادث السيول في تاريخ مصر الحديث ، و الذي يُعرف بحادث " درنكة " ، و الذي حصد أرواح ما يُقارب الـ " 600 " مواطن مصري ، غالبيتهم من محافظة " أسيوط " .
 
منذ " 26 عام " ، تعرضت أغلب محافظات " مصر " ، لموجة فجائية من " الأمطار الغزيرة " ، و التي عُرفت بسيول " 1994 "
 
، و السبب في ذلك وفق ما أعلنته هيئة " الأرصاد " وقتها بوجود " منخفض جوي " متوسط القوة قادم من جنوب قارة " أوروبا " ، بالتزامن النشاط الكبير لمنخفض " السودان " الموسمي الدافئ علي سطح الأرض ، حيث تلاحم المنخفضين مُسبباً حالة من عدم الاستقرار ، حيث قام منخفض " السودان " ببث كميات هائلة من " الرطوبة " إلي المنخفض الأوروبي ، مما حوله إلي كارثة حقيقية .
 
البدايات
بدأت السيول موجاتها في فجر يوم " 2 نوفمبر 1994 " بجنوب مصر ، حيث تعرضت محافظة " أسيوط " لأمطار طوفانية ، استمرت حوالي " 3 ساعات " بدون توقف ، تسببت في غرق قرية " درنكة " بالكامل .
 
حيث تسبب الاندفاع الطوفاني للمياه في تحطم " الطرق " و انهيار المنازل و جرفهم تجاه " مخازن تكرير البترول " ، حيث تسربت المواد البترولية ، من الخزانات التي أقامتها الجمعية " التعاونية " للبترول فى مخر السيل على سفح جبل أسيوط الغربي ، و هو الأمر الذي أدي لانفجارها ، مُخلفةً حرائق هائلة ، نتج عنها احتراق القرية عن بكرة أبيها في " كارثة " مأساوية كبرى ، تسببت في وفاة أكثر من " 600  " مواطن في محافظة أسيوط ، ماتوا حرقاً فى دقائق بعدما اختلطت مياه السيول بالمواد البترولية ، كان أغلبهم من قرية " درنكة " ، بجانب تحطم معظم منازل المحافظة .
 
التوابع 
مع تزايد هطول الأمطار ، انتقلت سريعاً لتشمل أغلب محافظات مصر ، حيث تعرضت محافظات " أسوان و الفيوم و السويس و الغربية و جنوب سيناء و كفر الشيخ و المنوفية " ، لأمطار شديدة الغزارة بعد الفجر ، تسببت في ارتفاع منسوب المياه في الشوارع بصورة لم تشهدها مصر من قبل ، و هو ما تسبب في غرق أكثر من " 70 نجعاً " في محافظة " سوهاج " ، و تحطم طرقٌ بالكامل في الصعيد .
 
القاهرة
و مع اقتراب وصول الساعة إلى السادسة صباحاً ، وصلت الأمطار إلى العاصمة " القاهرة " ، و التي تعرضت كل مناطقها لأمطار رعدية شديدة ، استمرت حوالي ساعتين ، تسببت في ارتفاع المياه في الشوارع بصورة غير مسبوقة ، و بلغت الكمية المتساقطة خلال الساعتين حوالي " 30 ملم " ، و هو ما حطم الرقم القياسي السابق المُسجل باسم عاصفة  " 29 نوفمبر 1957 " ، التاريخية حيث سجلت القاهرة يومها " 18 ملم " .
و تسببت الأمطار الغزيرة في انهيار المنازل بالمناطق الشعبية في القاهرة ، و توقف حركة " المترو " عن العمل ، بعدما اجتاحت المياه محطات المترو و القضبان بارتفاع مهول تجاوز المتر ، بجانب حدوث انهيارات بالطريق الزراعي بين " القاهرة و الشرقية ".
حيث استمرت موجة الأمطار ما بين متوسطة و غزيرة لمدة " 3 أيام " متتالية ، و تعرضت محافظات " الدقهلية و القليوبية و سوهاج و قنا لأمطار غزيرة في الأيام التالية " .
 
الخسائر المادية
بلغت الخسائر المادية وقتها ، إثر غرق و احتراق القرى و انهيار المنازل و الطرق ، بنحو " ملياري جنيه " أي ما يساوي حوالي " 650 مليون دولار " أمريكي .
الرئيس مبارك 
فاجأ الرئيس الراحل / محمد حسني مبارك ، الجميع بجولة بالطائرة فوق قرية " درنكة " ، لكن الطائرة لم تستطع الهبوط لظروف فنية ، لكن الرئيس عاد إلى " درنكة " مرة أخرى بعد شهور لتوزيع البيوت المجانية ، التي أمر بإقامتها فى منطقة قريبة أطلق عليها " درنكة الجديدة " .
 
ما بعد الحادث
تسبب السيل التاريخي في انقطاع العديد من الطرق ، و إصابة الحياة في بعض مناطق مصر بالشلل التام ، كما تسببت الصواعق في اشتعال العديد من الحرائق ، حيث بلغ عدد المباني المنهارة و المتصدعة في أسيوط و المنيا فقط نحو " 6000 مبنى" .
 
كما دمرت السيول أكثر من " 13 ألف فدان " من الأراضي الزراعية ، حيث كانت أجهزة الدولة غير مستعدة نهائياً لمثل هذه الكوارث ، بجانب سوء التخطيط الذي وضع العديد من المنشآت في مناطق الخطر المباشر " مخرات السيول " ، و أعلنت الأجهزة الرسمية ، أن الضحايا بالمئات .