مدحت بشاي
عندما قام سعد زغلول'>الزعيم سعد زغلول بتشكيل «الوفد» التفاوضى التاريخى الشهير أعرب الأقباط عن رغبتهم فى المشاركة فيه، ففتح لهم سعد زغلول الباب على مصراعيه بحيث كان عددهم يماثل عدد المسلمين، وقد يزيد عليه فى بعض الفترات... إلخ، ورشح الوفد ويصا واصف القبطى فى دائرة ليس فيها قبطى واحد (المطرية ــ دقهلية) فنجح، وصدرت جريدة «مصر» (27 أبريل 1919م) يتصدرها مانشيت كبير» ليس للأقباط مطالب».

وحول  الخطاب المسيحى فى زمن الأيام الوفدية ألقى المونسنيور باسيليوس موسى وكيل الأقباط الكاثوليك فى مصر عددًا من المحاضرات جمعت فى رسالة صغيرة وطبعت باسم «الدين والوطنية» وصدرت فى القاهرة سنة 1920، (وأقر طبعها مكسيموس صدفاوى مدير رسولى بطريركية الأقباط الكاثوليك لفائدة الشبيبة المسيحية).

يذكر كاتبه أنه من منطلق أن الدين والوطنية شيئان متميزان لا يتنازعان إلا إذا أساء الإنسان فهمهما، أو إذا تعمد الإساءة إلى كليهما، وهو يقول إن الناس قبل المسيحية لم يكونوا يميزون بين الروحيات والزمنيات بين الدين والوطن، فكان الدين والوطن عندهما شيئاً واحدًا، وساير هذا الاعتقاد وعبر عنه مَثَل لاتينى مشهور، معناه: أن الشرط الجوهرى للتبعية الوطنية هو عبادة آلهة هذا الوطن.

ويرى المؤلف أن هذا المبدأ كان يقضى على حرية الضمير ويدفع الفاتحين إلى إجبار المغلوبين على اعتناق دينهم، ولم يشذ عن هذه القاعدة الرومان وإن قنـَّعوا سياستهم بالدهاء فهى قد أبقت لأهالى البلاد المفتوحة آلهتهم، ولكنها أوجبت عليهم أيضًا عبادة الآلهة الرومانية، وعندما جاءت المسيحية وأعلنت رفضها لكل الآلهة الوثنية اعتبر الرومان أنهم زنادقة وأعداء للوطن، بل وللجنس البشري، ففى هذه الحقبة كانت روما تدعى تمثيل العالم المتمدين، وبهذه التهمة برر الرومان اضطهادهم المعروف للمسيحيين.

فماذا كان رد المسيحيين؟ لقد قالوا: «أيتها الدولة الرومانية إننا حقيقة لا نعبد آلهتك ولا يمكننا أن نعبدها، لكن اعلمى أننا رغمًا عن ذلك نحن أخلص الناس لك ولاءً ؛ لأن الدين غير الدولة، الدين هو من اختصاصات الضمير، أما الدولة فإنها نتيجة ظروف جغرافية طبيعية، وأما نتيجة الانتصارات فلا دخل لها فيما يمس الضمير...».

وقد استشهد المؤلف بحقيقة أن التجنيد فى الجيش الرومانى لم يكن إجباريًا ولكن عددًا كبيرًا من المسيحيين تطوعوا فى الجيش الرومانى وحاربوا تحت ألوية «النسر» ببسالة مع تمسكهم بدينهم، وأورد المؤلف حالات عديدة لفرق أو مجموعات من الجنود المسيحيين أراد الإمبراطور أو القادة إجبارهم على تقديم الذبائح للآلهة الرومانية ولكنهم رفضوا وتعرضوا للفناء، وكان لسان حالهم كما ذكر أحد أفرادهم» حضرت سبعة مواقع شهيرة لم أتقهقر فى واحدة منها وقت القتال، بل كنت مثال الهمة والشجاعة كما يشهد رؤسائى فهل تظن أنى بعدما قمت بواجبى نحو الدولة بذمة وأمانة أخون واجبى الأسمى نحو الله؟»..

medhatbeshay9@gmail.com