أمينة خيري
أعتقد لن يفوتنا الكثير من مولد "كورونا" الدائرة رحاه إن تطرقنا إلى صناعة السعادة ولو لدقائق من خلال تنظيف الأذن وتطهير المزاج وتعقيم الذوق. عن خبرة وتجربة مؤكدة، بضع دقائق يومية تسمع فيها بعضاً من أغنيات بصوت المطرب وائل الفشني ومعها قدر من تغريد هند الراوي مع مكيالين من "كايرو ستبس" وأربع حبات من "إيجيبشان بروجكت" كفيلة بتبديد القلق، وتخفيف الرهاب، وإبطال الذعر ولو مؤقتاً.

وفي خلال هذا التوقيف "المؤقت" لحالة الإقبال الجماعي والإغراق الشعبي في تداول وتناقل كل ما من شأنه أن يسبب الرعب ويؤدي إلى الذعر ويساعد على الإصابة بالاعتلال النفسي، يمكننا إعطاء أنفسنا فرصة لإعادة الشحن النفسي والشحذ الروحي لأنفسنا حتى نعاود ممارسة عادتنا في الإفراط في القلق.

"يوتيوب" له استخدامات أخرى غير البحث عن "شاهد قبل الحذف فيديو أطفال في إيران يلتقطون كورونا أثناء مشيهم في الشارع" أو "الحق قبل الإغلاق قتل مواطنين في الصين أصيبوا بالفيروس" أو "اجري قبل الحجب وشاهد كيف يجري كورونا'> فيروس كورونا في الشارع والمواطنون يهربون في البلاعات" وغيرها من الفيديوهات التي تداولها الـ"ماميز" ويتشاركها الجهابذة من الخبراء في كل شيء وأي شيء، وغيرها كثير مما خلط الحابل بالنابل، والحقيقة بالخيال في وقت بالغ الصعوبة.

عبر "يوتيوب" يمكنك الإغراق في مشاهدة والاستماع لوائل الفشني مغنياً بصوت خلاب "سافر حبيبي" من مسلسل "واحة الغروب". حلقوا معه بكلمات من التراث وموسيقى تامر كروان، ويا سلام على مضاعفة المتعة لو كان المايسترو نادر عباسي يقود الأوركسترا لتغرق بحواسك كلها في إمتاع رائع.

كما يمكنك الاستئذان بعيداً عن هبد "فيسبوك" ورزع "تويتر" وتختلي بنفسك مشاهداً ومستمعاً لموسيقى الجاز الصوفية العالمية، ويا سلام لو المنشد إيهاب يونس منشداً "يا مالكاً قدري".

ربما تنسال دموعك، ليس بدافع تهديد ووعيد الكفار والزنادقة بنيران جهنم، أو لفرط الترهيب لما سيحدث لمن يبتعد عن الصلاة والصيام من حرق وعذاب، ولكن لفرط حب الله وجماله ورحمته وكرمه.

ولو سنحت لك الظروف، وأعطيت لنفسك مهلة إضافية بعيداً عن هلع الفيروس ورهاب الإصابة والإماتة، يمكنك البحث عن أغنيات "إيجيبشان بروجكت". تستمع إلى "سقاني الغرام" كأساً من الحب صافياً، يا ليته لما سقاني سقاكم. وقبل أن تشرئب الأعناق وتحمر العيون، فالأغنية صوفية في محبة الله ورسوله (ص)!

والأمثلة كثيرة والنماذج وفيرة ولله الحمد. دقائق قليلة في أغنيات جميلة ومعان لطيفة تمنع بلاوي كثيرة من تداول المعلومات غير الموثقة والفيديوهات المفبركة أو القديمة باعتبارها جديدة. دقائق لن تؤثر كثيراً في عدد ساعات التصاقك بشاشات كورونا المرعبة، لكنها حتماً ستؤثر كثيراً في رفع الحالة المعنوية وإنقاذ المرارة من خطر الفقع والقلب من مغبة الوجع والمخ من فرط القلق.

هذه الدقائق ربما تتمكن كذلك من تطهير قنوات السمع وترميم بؤر التذوق دون تدخلات جراحية من حجب ومنع وتعليق مشانق لمن بادر وملأ الفراغ الفني من شاكوش وأوكا وأورتيجا وأبناء عمومتهم.

جربوا هذه الدقائق، وستجدون النتيجة إن شاء الله جيدة إن لم تكن مذهلة. جربتها من قبل في "سارز" ونجحت. وأعدت التجربة في "زيكا" وأصابت. وأعدتها في "أنفلونزا الطيور" وأبدعت. واستنسختها في "أنفلونزا الخنازير" وأفلحت. وخضتها في "الإيدز" وأبلت بلاء حسناً. ومررت بها في "إيبولا" وكانت جيدة جداً.

وللمتخوفين والمتشككين أقول، على الأقل هي لو لم تخفف هلع الفيروس، أو تؤجل رهاب العطس، أو تموه ذعر السعال، فعلى الأقل لن تضر. ويمكنك عزيزي القارئ أن تهرع إلى فيديوهات وتدوينات وتغريدات كورونا المتواترة وقتما تريد. فالتجربة لن تنال من عزيمتك في الإغراق في متابعة الرعب والقلق والوجل. وعلى غرار "دع القلق وابدأ الحياة"، "دع كورونا وابدأ الحياة".

كلمة أخيرة، شكراً جزيلاً للرائعة إسعاد يونس "صاحبة السعادة" التي تساعد على تسليط الضوء والحواس على هذا الجمال الذي يحيط بنا، لكننا عنه ساهون معرضون مغرقون في البحث عن القلق.
نقلا عن مصراوي