ايمن منير
قبل أن يختم حديثهُ بالدعوة للسَهر أراد أن يُوجه أنظار تلاميذهُ إلى عدم الانشغال بمعرفة الأزمنة والأوقات .. إنما بالاستعداد بالسَهر المُستمر وترقُب مجيئهُ .. لهذا قال: " وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب "

هل يجهل السيد المسيح الساعة ..!؟
أولًا: يقول القديس أمبروسيوس .. أن السيد المسيح هو الديان وهو الذي قدم علامات يوم مَجيئهِ لذا فهو لا يجهل اليوم .. هذا وإن كان يوم مَجيئهُ هو " السبت " الحقيقي الذي فيه يستريح الله وقديسوه فكيف يجهل هذا اليوم وهو " رب السبت " (مت 12: 18) ..!

ثانيًا: يرى القديس اُغسطينوس أن السيد المسيح لا يجهل اليوم .. إنما يُعلن أنهُ لا يعرفهُ .. إذ لا يعرفهُ معرفة من يبيح بالأمر .. لعله يقصد بذلك ما يُعلنه أحياناً مُدرس حين يُسأل عن أسئلة الامتحانات التي وضعها فيجيب أنهُ لا يعرف بمعنى عدم إمكانيتهُ أن يُعلن ما قد وضعهُ .. وأيضاً إن سُئل أب اعتراف عن اعترافات إنسان يحسب نفسهُ كمن لا يعرفها .. كذلك الطبيب الذي يستطيع تحديد فترة وموعد حياة وانتقال مريض لمعرفتهُ بمرضهِ فلا يقول لهُ ويتركهُ للحياة بالامل فرُبما حدثت لهُ معجزة فلا يعثُر امرًُ كهذا علي مَن خلقهُ وقد يقول لأحد اقاربهُ والا فأنهُ يقتُلهُ قبل موتهِ .. يقول القديس اُغسطينوس: [ حقًا إن الآب لا يعرف شيئاً لا يعرفه الابن .. لأن الابن هو معرفة الآب نفسهُ وحكمتهُ .. فهو أبنهُ وكلمتهُ وحكمتهُ .. لكن ليس من صالحنا أن يُخبرنا بما ليس في صالحنا أن نعرفهُ .. إنهُ كمُعلم يُعلَّمنا بعض الأمور ويترُك الاُخرى لا يُعرفنا بها .. إنهُ يعرف أن يُخبرنا بما هو لصالحنا ولا يُخبرنا بالأمور التي تضرُنا معرفتها

كما يقول: [ قيل هذا بمعنى أن البشر لا يعرفونها بواسطة الابن .. وليس أنهُ هو نفسهُ لا يعرفها .. وذلك بنفس التعبير كالقول: " لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم" (تث 13: 3) بمعنى أنهُ يجعلكم تعلمون .. وكالقول: " قُم يا رب " (مز 3: 7) بمعنى " إجعلنا أن نقوم " هكذا عندما يُقال أن الابن لا يعرف هذا اليوم فذلك ليس لأنهُ لا يعرفهُ وإنما لا يظهرهُ لنا

بنفس الفكر يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [ بقولهُ ولا ملائكة السماء ] أي يسد شفاههُم عن طلب معرفة ما لا تعرفهُ الملائكة .. وبقولهُ " ولا الابن " أي يمنعهم ليس فقط من معرفتهُ وإنما حتى عن السؤال عنهُ

هكذا أيضاً قال الأب ثيؤفلاكتيوس: [ لو قال لهم أنني أعرف الساعة لكنني لا اُعلنها لكم لأحزنهم إلى وقت ليس بقليل لكنهُ بحكمة منعهُم من التساؤل في هذا الأمر .. ] وقال القديس هيلاري أسقف بواتييه : إن السيد المسيح فيه كنوز المعرفة .. فقولهُ إنهُ لا يعرف الساعة إنما يعني إخفاءهُ كنوز الحكمة التي فيهِ

ثالثاً : يرى القديس إيريناؤس أنه وإن كان السيد المسيح العارف بكل شيئ لم يخجل من أن ينسب معرفة يوم الرب للآب وحدهُ كمن لا يعرفهُ .. أفلا يليق بنا بروح التواضع أن نقتدي به حين نُسأل في أمور فائقة مثل كيفية ولادة الابن من الآب أن نُعلن أنها فائقة للعقل لا نعرفها ..!

ومع ذلك وبعمل روحهُ القدوس عَرفنا كيفية ولادة الكلمة ( الابن ) من ذاتهِ ( الاب ) كولادة الكلمةِ من عقلك فتطرح الفكرةِ ويعرفُها الناس ولاتزال موجودة ومُلازمةً لكَ ولعقلك ويُقال بنات افكارك فهل الافكار تلد ..!؟