د. مينا ملاك عازر
في حوالي العام، شهدت على ما أذكر ثلاث قمم لدول عظمى، يأتي اسم الدولة أولاً ثم تشاركهم في الثلاث مرات اسم أفريقيا، اسم القارة السمراء، فما بين ألمانيا أفريقيا وروسيا أفريقيا، وبريطانيا أفريقيا، عاش العالم في سعيه الحثيث نحو أفريقيا، وكأنه يستعيد أحلامه الاستعمارية التي فقدها منذ ستينيات القرن المنصرم والتي بدأت منذ أكثر من مئة أو مئتي قرن في القارة البكر التي انتهك آدمية أهلها، وجرف ثرواتها، وحاول نقل كل خيراتها لخزائنه، لم تفلح تلك المحاولات، هذا ما يبدو بدليل العودة العالمية للاستدارة لأفريقيا ليتحالفوا أو يستثمروا بها. 
 
نعم أتفهم تماماً أن هناك اختلاف بين بين الحالتين الحالة الاستعمارية التي بدأت بالعلم ثم المدفع أي بالتجارة ثم المدفع، وهذا ما يبدو أنه متوافر الآن أيضاً لكن ما لا شك فيه أن القارة السمراء تغيرت والمنظمات العالمية المراقبة للأحداث استحدثت، وصار من الممكن أن يكون لها دور فاعل وفعال في منع وصول الأمر للمدفع، لكن بقى الواقع، يؤكد أن خزائن العالم بحاجة للقارة السمراء، ما لفت نظر العالم للقارة السمراء، توجهات الصين التي استطاعت أن تستثمر رياضياً ببناء استادات وغيرها، واستثمرت تجارياً ببناء خطوط سكك حديدية وغيرها، وهنا يجدر بي الإشارة أن أول من حاول الاستفادة وإفادة أفريقيا بعد زوال الاستعمار وملء فراغ الاستعماري بشكل يفيد أهل القارة،  كانت مصر، عبد الناصر وكنا أصحاب سطوة هائلة، دعني أعود لأشير أنه من أشكال التغير التي تراءت على القارة السمراء ووقوفها أمام دول العالم الطامع في استثماراتها، ثوراتها والاتحاد الأفريقي الذي كانت مصر واحدة من الدول التي أسسته.
 
ولكي أكون منصف ودقيق لنقلي لكل تفصيلات الأمور التاريخية المتباينة والمتشابهة بين الوضعين الاستعماري والحالي الآخذ شكل الاستثمار، فإن كنت أحاول أستبعد من رأسي مسألة الوصول للمدافع كما كان سابقاً، فلا شك أبداً أن بناء القواعد في الصومال وجيبوتي وأثيوبيا وأريتريا وغيرها من بلدان القارة البكر، لأمر يشبه ما كان وما سبق، ليس احتلال، لكن وجود عسكري، هذه المرة بالتراضي وليس بالتعالي وبالقوة الجبرية والعسكرية، وأذكرك بما قد تكون لم تنساه أصلاً أن تركيا لها العديد من القواعد العسكرية، وأن الإمارات ايضًا، وكذلك السعودية، وإن كانت المحكمة الدولية حكمت للإمارات بتعويض بسبب توقيف إحدى الدول الأفريقية عمليات استثمار شكلي وظاهري وبطانه الله أعلم في موانئها، فلا شك أن المسألة تظهر أكثر ما تبطن من توجه عالمي محمود مقلق في آن واحد للقارة السمراء، فهل نتنبه؟ مهما كان المستفيد من هذا دول صديقة، فلربما انقلب الصديق لعدو فكان الله أعلم بالمضرة.
 
المختصر المفيد أفريقيا يا ريس لا تتركها، وإن تركنا رئاسة الاتحاد الأفريقي، ابقى ناظراً لها متابعاً لها، داعماً لأحلام شعوبها.