إثيوبيا تتحجج بالظروف والضغوط الداخلية.. والولايات المتحدة تسعى لتوقيع الاتفاق

كتب - نعيم يوسف
بعد أن داعب الأمل قلوب مئات الملايين في مصر وإثيوبيا والسودان، لإيجاد حل لأزمة سد النهضة بين الدول الثلاث، عادت الأمور للتعقيد مرة أخرى بعد طلب أديس أبابا من واشنطن تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي، في المفاوضات التي ترعاها واشنطن، والبنك الدولي.
 
اجتماع لم يكتمل
وكان من المقرر أن تشارك أديس أبابا في الجولة الأخيرة من المفاوضات التي دعت إليها واشنطن يومي 27 و28 من فبراير الجاري، لبحث توقيع اتفاقًا نهائيا بين مصر وإثيوبيا والسودان، إلا أنها لم تشارك، وطلبت تأجيل التوقيع متحججة بوجود ظروف داخلية وضغوط تمنعها من ذلك.
 
رغم الغياب الإثيوبي عن المفاوضات، إلا أن مصر حضرت، ووقعت على اتفاق مبدأي بالأحرف الأولى، وأصدرت بيانا أعربت فيه عن أسفها لعدم حضور أديس أبابا، مشددة على أنها حضرت من منطلق سعيها لإيجاد حل للأزمة.
 
مصر تعلن موقفها
وقالت مصر في البيان: "تؤكد جمهورية مصر العربية على أن مشاركتها في الاجتماع الذي دعت إليه الولايات المتحدة يومي ٢٧ و٢٨ فبراير ٢٠٢٠ جاءت من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وتنفيذاً للالتزامات الواردة في اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين مصر والسودان وأثيوبيا في ٢٣ مارس ٢٠١٥".
 
وتابعت في البيان الصادر عن وزارة الخارجية: "لقد اتسم موقف مصر خلال كافة مراحل التفاوض المضني على مدار الخمس سنوات الماضية، والتي لم تؤت ثمارها، بحسن النية وتوفر الإرادة السياسية الصادقة في التوصل إلى اتفاق يلبي مصالح الدول الثلاث. وقد أسهم الدور البناء الذي اضطلعت به الولايات المتحدة والبنك الدولي ورعايتهما لجولات المفاوضات المكثفة التي أجريت على مدار الأشهر الأربعة الماضية في بلورة الصيغة النهائية للاتفاق، والتي تشمل قواعد محددة لملء وتشغيل سد النهضة، وإجراءات لمجابهة حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة، وآلية للتنسيق، وآلية ملزمة لفض النزاعات، وتناول أمان سد النهضة والانتهاء من الدراسات البيئية".
 
وأضافت: "على ضوء ما يحققه هذا الاتفاق من الحفاظ على مصالح مصر المائية وضمان عدم الإضرار الجسيم بها، فقد قامت مصر بالتوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق المطروح تأكيداً لجديتها في تحقيق أهدافه ومقاصده، ومن ثم فإن مصر تتطلع أن تحذو كل من السودان وأثيوبيا حذوها في الإعلان عن قبولهما بهذا الاتفاق والإقدام على التوقيع عليه في أقرب وقت باعتباره اتفاقاً عادلاً ومتوازناً ويحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث".
وتابعت: "وتجدد مصر تقديرها للدور الذي تقوم به الإدارة الأمريكية وحرصها على التوصل إلى اتفاق نهائي بين الدول الثلاث، وتأسف لتغيب أثيوبيا غير المبرر عن هذا الاجتماع في هذه المرحلة الحاسمة من المفاوضات. وسوف تستمر كافة أجهزة الدولة المصرية في إيلاء هذا الموضوع الاهتمام البالغ الذي يستحقه في إطار اضطلاعها بمسئولياتها الوطنية في الدفاع عن مصالح الشعب المصري ومقدراته ومستقبله بكافة الوسائل المتاحة".
 
أمريكا تهاجم موقف إثيوبيا
من جانبه، هاجم وزير الخزانة الأمريكية، ستيفن منتوشين، الموقف الإثيوبي، موضحا أنه لا ينبغي إجراء التجربة النهائية وملء الخزان بدون (إبرام) اتفاقا، مشددا على أن الولايات المتحدة تؤكد مجددا التزامها باستمرار التواصل مع مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة حتى توقيع الاتفاق النهائي.
 
وشدد الوزير الأمريكي، على أنه  يتطلع إلى اختتام إثيوبيا لمشاوراتها الداخلية لإفساح المجال للتوقيع على الاتفاق في أقرب وقت ممكن.
 
أثيوبيا تستمر في العناد
ردًا على البيان الأمريكي، أعربت إثيوبيا عن خيبة أملها في رد الفعل الأمريكي، لافتة إلى أنها سوف تسمر في بناء سد النهضة، وبدء عملية ملء البحيرة، بما لا يسبب ضررا لأي دولة من دول المصب، وفقا لاتفاقية إعلان المبادئ -حسب تعبيرها- لافتة إلى أنه لا يمكن قبول البيان الذي صدر قبل انتهاء المفاوضات بشأن المبادئ التوجيهية الخاصة بقواعد الملء الأول، والتشغيل السنوي للسد.
 
وزعمت أديس أبابا، أنها أبلغت كل من واشنطن، والقاهرة، والخرطوم، بحاجتها إلى المزيد من الوقت لمناقشة التطورات الأخيرة بشأن سد النهضة، والمتعلقة بمسودة قواعد الملء والتشغيل.
 
ماذا أمام مصر لتفعله؟
إلى هذا، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية السابق، في تصريحات تلفزيونية لقناة "إم بي سي مصر" الفضائية، إنه مازال هناك أوراق للعبة وشوط آخر في التفاوض الدولي، لافتا إلى أن المشاورات قد تصل إلى اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، حيث أن عدم الاتفاق حول السد يهدد السلام والأمن في مصر والسودان وإثيوبيا، وقد يؤدي إلى تصعيد التوتر بشكل يهدد الأمن والسلم الدولي والإفريقي، وهو من صميم تدخل مجلس الأمن.