ماجد سوس - عضو نقابة الكُتّاب الأمريكيين
  تعطلت كتيبة دبابات كان يقودها قائد الجيش الثالث الأمريكي الجنرال "جورج باتون" في 31 أغسطس 1944 بينما كانت تقترب من خط سيجفريد الدفاعي الألماني بسبب نفاد الوقود فما كان من الولايات المتحدة تجنيد شركات النفط الأمريكية لتلبية احتياجات جيشها وجيش الحلفاء وكان الرئيس "فرانكلين روزفلت" قد أنشأ ما عرف باسم "إدارة البترول للحرب" (PAW) وعين وزير الداخلية السابق "هارولد لاكس" رئيساً لتلك الوكالة.
 
  الحرب العالمية الثانية التي بدأت في عام 1939 بين دول المحور ألمانيا، اليابان وإيطاليا ضد بريطانيا ودول الحلفاء كان من ضمن أهدافها الحصول على مقدرات الشعوب لذا وضع هتلر عينه على البترول الروسي في القوقاز وفي رومانيا لمحاولة السيطرة على روسيا والتي لقنته درس لا ينسى.
 
  بعد انتهاء الحرب العالمية ظهر المارد الأمريكي بقوته الذرية التي استخدمها في القضاء على الإمبراطورية اليابانية التي حاولت احتلال الصين والسيطرة على آسيا والمحيط الهادي. عرف العالم قوة الولايات المتحدة وعلو شأنها وصوتها.
 
  في عام 1945 دعت الولايات المتحدة لعقد مؤتمر نقد دولي في بريتون في نيوهامبشر ، حضره ممثلون لأربعة وأربعين دولة والمعروف باسم اتفاقية بريتون والتي تم فيها الاتفاق على أن الدولار فقط هو العملة الاحتياطية العالمية ويتم ثبيت عملات الأجنبية مقابل الدولار حيث تم تحديد الدولار بسعر 35 دولاراً مقابل أونس من الذهب.
 
  بدأت دول العالم بإرسال الذهب إلى البنك المركزي الأمريكي للحصول مقابله على الدولارات. وعدت الولايات المتحدة دول العالم بعدم طبع كميات زائدة من الدولار وفي ذات الوقت رفضت أي رقابة من أي دولة على بنكها المركزي في طباعة الدولارات وصرّحت إن وعدها هو وعد شرف !. 
 
في عام 1970أخلّت الولايات المتحدة بهذا الوعد بعد أن تكبدت خسائر مالية فادحها بسبب حربها الفاشلة في فيتنام وبدأت في طباعة المزيد من الدولارات. هنا بدأ الدول تطالب الولايات المتحدة بالحصول على الذهب وخاصة فرنسا التي طالبت بذهبها فرفضت الإدارة الأمريكية وقرر الرئيس نيكسون فك الرباط بين الذهب والدولار ورغم انه قال أن هذا إجراء مؤقت إلا انه كان إجراءاً أبدياً.
 
  بعد الاكتشافات البترولية في السعودية وبعد استخدام السعودية سلاح البترول في حرب 1973  قررت الولايات المتحدة فرض سيطرتها الكاملة على السعودية وقامت بالاتفاق مع الملك فيصل بحمايته وحماية العائلة الملكة وحماية آبار البترول مقابل أن تلتزم المملكة ببيع البترول بالدولار فقط. 
 
  قامت الولايات المتحدة بالضغط على كل الدول المنتجة للبترول لتلتزم ببيع البترول بالدولار حتى أصبحت منظمة أوبك في عام  1975لا تتعامل بأي عملة أخرى. بعدها أصبحت الولايات المتحدة تصدر الدولار لدول العالم والتي بدأت هذه الدول تخزينه في بنوكها من أجل الحصول على البترول وأصبحت تلك الدول ترسل البضائع، كما أسلفنا، فأصبحت الولايات المتحدة هي أغنى دول العالم على الإطلاق وبات من يقترب من منطقة الدولار والبترول هو من يرغب في الانتحار واضعاً نفسه وشعبه في دائرة الهلاك . 
 
  ففي عام  2000 صرح الرئيس العراقي صدام حسين انه بما أن الولايات المتحدة هي بمثابة عدوة بلاده اللدود لذا سنقوم بتصدير بترولنا بالعملة الأوروبية اليورو وليس بالدولار فخط بيديه نهاية سيرته وتدمير الولايات المتحدة لجيشه ولبنيته التحتية واتهامه بأنه يملك أسلحة دمار شامل.
 
  بعدها قرر الرئيس الليبي معمر القذافي إصدار عملة ذهبية إفريقية يتم استبدالها بالدولار ليبيع بمقتضاها البترول الليبي فأنهى حياته بيده وبدأ بعدها حلف الناتو بضرب لبيا بالطيران الحربي وفي 2011 قتل القذافي بطريقة بشعة وعادت السيطرة الأمريكية على آبار البترول مرة أخرى بعد إعادة بيعه بالدولار الأمريكي.
 
  منذ عدة سنوات قررت إيران أن تبيع نفطها لمن يدفع لها ذهباً لا دولاراً هنا قررت الولايات المتحدة القيام بحرب اقتصادية قوية ضد النظام الإيراني ففرضت عقوبات اقتصادية كبيرة عليها وبدأت العمل على عزلتها دولياً متذرعة بمحاولة امتلاك إيران لأسلحة نووية نتيجة تخصيب اليورانيوم .
 
  إيران الحليف القوى لروسيا والصين هي في ذات الوقت حليفاً للنظام السوري وقد أبرمت معه يوماً اتفاقية للدفاع المشترك. الأمر الذي جعل الولايات المتحدة تعمل على إضعاف النظام السوري وإضعاف قدراته وجيشه. 
 
الولايات المتحدة تعي جيدا أن التحالف الروسي الصيني يحاول بشتى الطرق أضعاف الدولار الأمريكي لذا فهي قد تفعل أي شيء ليبقى الدولار فوق الجميع يبقى هو السلاح الأقوى في العالم ولتبقى الولايات المتحدة هي سيدة العالم وهي مستعدة أن تدافع عن عملتها بالروح والدم.