حمدي رزق
كتبت ذات مرة عنوانًا مؤلمًا: لماذا يفسد رؤساء الأحياء؟.. وعاتبنى بعض رؤساء الأحياء الشرفاء، ليس كل رؤساء الأحياء فاسدين، ودليلى من تقرير هيئة الرقابة الإدارية عن شهر يناير. جاء فى التقرير «ضبط مقاول من الباطن لعدد من متعهدى المجمع السكنى بمنطقة السيدة زينب، وذلك عقب قيامه بمحاولة رشوة السيد رئيس حى السيدة زينب، وعرض مبالغ مالية عليه مقابل عدم اتخاذه الإجراءات القانونية حيال مخالفات المتعهدين، إلا أن رئيس الحى بادر وأبلغ هيئة الرقابة الإدارية عن الواقعة».

نرفع القبعة تحية واحترامًا لرئيس الحى (الدكتور مهران عبداللطيف) يبدو أن قائمة محاربى الفساد يزداد عددها يومًا بعد يوم، ما يستوجب تكريمهم فى «اليوم العالمى لمكافحة الفساد» الذى يحل فى 31 أكتوبر من كل عام، الرقابة الإدارية باعتبارها محارب الفساد الأول فى مصر، يقينًا ستحتفى بهم باعتبارهم نماذج تستأهل التنوير عليها، نماذج باهرة تحارب الفساد، وتعين الهيئة على أداء مهمتها فى حرب الفساد.

زمنًا كانت الأخبار تصعقنا، الفساد ضرب فى الأحياء، وصار مثلاً محزنًا، السمكة تفسد من رأسها، من رئيس الحى، وشهدنا وقائع تتحدث بها تقارير الرقابة الإدارية تواليًا، خبر القبض على رئيس حى مصر القديمة لتلقى رشوة، وسقط رئيس حى الدقى مرتشيًا (يونيو 2018)، وقبلها سقط رئيس حى الهرم (أغسطس 2018) وقبل اللى قبلها سقط رئيس حى الرحاب، ثم رئيس حى غرب الإسكندرية، ورئيس حى غرب شبرا الخيمة، ورئيس الموسكى، وهكذا يتساقط الفاسدون فى قبضة الرقابة الإدارية.

أخيرًا صادفنا رئيس حى شريفًا، والشرفاء كثر، فقط التنوير على الشرفاء، بعض الإعلام لا يرى سوى الفساد، فإذا تجلى الشرفاء، وبرزت معادنهم الثمينة توارت أخبارهم، لماذا، رئيس حى السيدة زينب يستأهل كل الخير، يستوجب إعلامًا يقول للناس، ليس كلهم سواء، والشرفاء أكثر بكثير من الفاسدين، فقط نظرة إلى الشرفاء.

لا أعرف رئيس حى السيدة، فقط سمعت بحُسن صنيعه، وأغبط رجالًا شرفاء فى هيئة الرقابة الإدارية، نشطين فى مكافحة الفساد، الصغير والكبير سواء، فساد الموظف الصغير ربما أخطر من فساد الموظف الكبير، الموظف الصغير الفاسد يتاجر فى مصالح البسطاء، وهذا يخلف غصّة ومرارة فى الحلوق، فساد الكبير مفسدة للصغار، وإذا كان رب البيت فاسدًا، فشيمة أهل البيت الفساد.

قضية رئيس حى السيدة زينب تلفت مجددًا إلى استهداف رؤساء الأحياء من عصابات الفساد، باتت ظاهرة فى تقارير الرقابة الإدارية، ويستوجب تقصّى أسبابها، سيما أن البعض منهم وراءه تاريخ وظيفى عريض، وملف سابق نظيف، وترشيحات جرى التوافق عليها، يستوجب بحث الحالات التى غلبها الفساد، والوقوف على الأسباب، واكتشاف مواطن الزلل، ما الذى يجعل موظفًا كبيرًا يضعف أمام الإغراء، الشرف ليس كلمة، ولكنه سلوك حميد، ورئيس حى السيدة دكتور مهران نموذج ومثال.
نقلا عن المصرى اليوم