خالد منتصر
جاء قرار المملكة السعودية بتعليق العمرة فى وقته تماماً، قرار يتسم بالحكمة وفهم المقاصد وتطبيق دفع الضرر بأعلى درجات المرونة، فقد أعلنت الخارجية السعودية، مساء الأربعاء، تعليق الدخول إلى المملكة لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوى الشريف مؤقتاً، لتوفير أقصى درجات الحماية من فيروس كورونا المستجد لسلامة المواطنين والمقيمين وكل من ينوى أن يفد إلى أراضى المملكة، كما قررت السعودية تعليق الدخول إلى المملكة بالتأشيرات السياحية للقادمين من الدول التى يشكل انتشار فيروس كورونا منها خطراً، وفق المعايير التى تحددها الجهات الصحية المختصة بالمملكة، وجاء فى بيان الخارجية السعودية: «تعليق استخدام المواطنين السعوديين ومواطنى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بطاقة الهوية الوطنية للتنقل من وإلى المملكة». هذا هو ملخص القرار، وقد تبعه فى إيران إلغاء صلاة الجمعة اليوم لنفس الأسباب، ويمثل هذا تقدماً فى الفهم، وتعاملاً حداثياً مع النصوص، وجسارة فى مواجهة الآراء السلفية المتدروشة التى تصر على الحرفية وإلقاء البشر فى التهلكة بأيديهم وعن طيب خاطر، ويؤكد على ذلك انتشار مقولة «حد طايل يموت فى الحرم»!!، وكأننا فى حالة انتحار جماعى، أما ما يقال عن أنه لا يمكن لمن هم فى ضيافة الرحمن أن يمسهم سوء، فمردود عليه بأن من ماتوا فى حادث سقوط الرافعة فى الحرم وحادث الدهس والنفق وحريق الخيام.. إلخ، كل هذا وغيره حدث أثناء الحج والضيافة؟!!

الله جل جلاله هو الذى طالبنا بألا نلقى بأنفسنا إلى التهلكة، والكورونا إذا انتشر فى بيئة سلوكيات مواطنيها الصحية أصلاً بعافية وفيها خلل مثل منطقتنا العربية، سيكون هو قمة التهلكة، لكن السؤال إذا استمر هذا الوباء حتى موسم الحج، ماذا نحن فاعلون؟ والكلام الذى يقال عن أن الفيروس لن يتحمل حرارة مكة والمدينة كلام غير مؤكد، لأننا ببساطة ما زلنا فى مرحلة الغموض بالنسبة لفهم الفيروس والتعامل معه، وهى مغامرة أن نعتمد فقط على مقامرة درجة الحرارة التى ستحمى الحجاج، وأعتقد وقتها أن أفضل قرار سيكون وقف رحلات الحج لهذا العام إذا لم يحاصر الكورونا. ولا بد أن نضع فى الاعتبار أن كورونا صار وباء كونياً لدرجة أن إيطاليا البعيدة عن الصين بآلاف الأميال أعلنت حالة الطوارئ مثلها مثل الصين، والأخطر أن هناك تغيراً دراماتيكياً قد حدث فى جغرافية الفيروس، فقد صارت الموجة الثانية من كورونا مركزها إيران، وصارت إيران المتاخمة لمنطقتنا أرض ميعاد جديدة وبكر للفيروس لكى يتحور ويتغول ويتمدد. صار الخليج مهدداً بشدة، ونحن لسنا فى معزل رغم أننا والحمد لله ما زلنا بعيدين عن منطقة الخطر، لكن هذا الفيروس لا أمان له، وحالة الطوارئ لا بد أن تستمر، وكل الاحتمالات قائمة وواردة ومفتوحة، لا بد أن نتعلم أن الدين خُلق لسعادة البشر وليس لهلاك البشر، وأن طقوس الدين ليس من بينها الانتحار.
نقلا عن الوطن