كتب - أحمد المختار
 
رحلت منذ ساعات احدي عمالقة زمن الفن الجميل ، الفنانة الكبيرة " نادية لطفي " عن عمر يناهز الـ 83 عام ، بعد صراع طويل مع مرض " الالتهاب الرئوي الحاد " ، حيث تدهورت حالتها الصحية فى الآونة الأخيرة ، و تواجدت داخل العناية المركزة تحت إشراف فريق من الأطباء ، تاركة وراءها الكثير من الأعمال التي ساهمت في تشكيل ريادة السينما المصرية .
 
و تجلت نجوميتها حتى في اللحظات الأخيرة من عمرها ، فمن المحزن أن يسمع الإنسان خبر وفاته ، بينما هو على قيد الحياة ، خاصة إذا كان الأمر متكرراً ، كما كان يحدث مع الفنانة الراحلة ، حيث أعطتها الحياة فرصة سماع و رؤية خبر وفاتها ، 
حيث جعلها تشعر بحب المقربين إليها .
 
فمنذ ساعات أعلن الدكتور " أشرف زكي " نقيب الفنانين ، خبر وفاة احدي أيقونات الفن في " مصر " ، و التي عرفها الجمهور بأدائها المميز وجمالها الأوروبي و شعرها الأشقر ، بمستشفي المعادي العسكري ، و قال : " إن إجراءات الدفن لن تنتهي اليوم ، و بالتالي ستؤجل الجنازة إلي غداً الأربعاء ، حيث نعت الدكتورة " إيناس عبد الدايم " وزيرة الثقافة قائلة : " إن الراحلة تربعت على عرش السينما العربية باعتبارها علامة بارزة صنعت جزء من تاريخ هذا الفن ، و كانت كلمة السر لنجاح نخبة من أعظم الأعمال الخالدة ، مشيرة إلى مسيرتها الطويلة التي تميزت بالنضال و الوطنية و البطولة إلى جانب الإبداع الفني "  .
و نستعرض هنا أبرز المحطات في حياة الفنانة القديرة الراحلة :
 
البدايات
ولدت الفنانة القديرة " بولا محمد مصطفى شفيق " اسمها الحقيقي ، في حي عابدين بالقاهرة عام 1937 ، لوالد صعيدي كان يعمل محاسباً ، حصلت على دبلوم المدرسة الألمانية بمصر عام 1955 ، و بدأت أول أدورها التمثيلية في العاشرة من عمرها على مسرح المدرسة لكنها نسيت الكلام أمام الجمهور .
حيث اكتشفها المخرج " رمسيس نجيب " ، و لغرابة اسمها ، اختار لها اسم " نادية " اقتباساً من شخصية الفنانة فاتن حمامة فى فيلم " لا أنام " ، و التي حملت اسم " نادية " في رواية للكاتب " إحسان عبد القدوس " ، لتقدم فيلم " سلطان " مع نجم الترسو الفنان الراحل " فريد شوقي " عام 1958 ، لتحقق نجاحًا كبيرًا كإحدى نجمات الشاشة البيضاء.
 
أعمالها
قدمت الفنانة " نادية لطفي " مسلسل تلفزيوني واحد و هو " ناس ولاد ناس " ، و عمل مسرحي واحد و هو " بمبة كشر " . 
و قدمت خلال مشوارها الفني العديد من الأعمال الفنية البارزة ، حيث تألقت خلال حقبة الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي 
و منها أفلامها " على ورق سوليفان - حب إلى الأبد - عمالقة البحار - حبي الوحيد - السبع بنات - عودي يا أمي - مع الذكريات - قاضي الغرام - أيام بلا حب - حياة عازب - صراع الجبابرة - مذكرات تلميذة - من غير ميعاد - الخطايا - أبي فوق الشجرة - السمان والخريف - النظارة السوداء - جواز في خطر - سنوات الحب - حب لا أنساه - دعني والدموع - ثورة البنات - حب و مرح و دموع - للرجال فقط - مدرس خصوصي - بين القصرين - المستحيل - الباحثة عن الحب - مطلوب امرأة - الحياة حلوة - عدو المرأة - 3 قصص - الخائنة - السمان و الخريف - غراميات مجنون - الليالي الطويلة - عندما نحب - جريمة في الحي الهادئ - أيام الحب - كيف تسرق مليونير - نشال رغم أنفه - سكرتير ماما - الأخوة الأعداء - بديعة مصابني - لا تطفئ الشمس " ، و يعد من أهمها فيلم " المومياء " عام 1969 مع المخرج الشهير " شادي عبد السلام " ، و فيلم " الناصر صلاح الدين " و اشتهرت بدور لويزا .
 
و غابت " نادية لطفي " أربع سنوات عن الفن لتعود عام 1986 ، و تقدم فيلم " منزل العائلة المسمومة " ، و شهد عام 1988 آخر أفلامها " الأب الشرعي " ، و فى عام 1993 توقفت عن التمثيل ، مكتفية بنشاطها الإنساني .
 
أنشطتها 
عرفت بنشاطها الوطني و الإنساني منذ شبابها ، فكان لها دور مهم في رعاية الجرحى و المصابين و الأسرى في الحروب المصرية بداية من " العدوان الثلاثي " عام 1956 ، و ما تلاه من حروب و خصوصاً حرب أكتوبر المجيدة عام " 73 " .
 
و كان لها نشاط ملحوظ في الدفاع عن حقوق الحيوان مع بداية ثمانينات القرن العشرين .
و يشهد لها الشاعر الفلسطيني " عز الدين المناصرة " بأن " نادية لطفي " كانت امرأة شجاعة قائلاً : " عندما زارتنا خلال حصار بيروت عام 1982 ، و بقيت طيلة الحصار حيث خرجت معنا في " سفينة شمس المتوسط اليونانية " إلى ميناء " طرطوس " السوري حيث وصلنا يوم 1 - 9 - 1982 " .
 
حياتها الشخصية 
تزوجت " نادية لطفي " ثلاث مرات .
 
الزيجة الأولى عند بلوغها العشرين من عمرها من ابن الجيران " الضابط البحري عادل البشاري " لكن لم يستمر زواجهما طويلاً ، بسبب هجرته إلى أستراليا ، و هو والد ابنها الوحيد " أحمد " الذي تخرج فى كلية التجارة و يعمل في مجال المصارف .
 
الزيجة الثانية كانت من " المهندس إبراهيم صادق شفيق " ، شقيق زوج ابنة الرئيس " جمال عبد الناصر " ، و تزوجا لمدة 6 أعوام و كان هذا في أوائل سبعينات القرن العشرين ، و يعتبر أطول زيجاتها ، لكن انفصلا في هدوء ، علماً بأنها لم تُنجب منه وفقاً لرغبته .
 
الزيجة الثالثة كانت من " المصور محمد صبري " الذى جمعته صدفة بها ، خلال تصويرها فيلم " سانت كاترين " ، و انجذبا عاطفياً ، في الوقت الذي كان يستعد فيه صبري لتصوير فيلم جديد له ، و عرض عليها الزواج ، فوافقت دون تردد ، ثم ندمت بسبب كثرة المشاكل التي حدثت بينهما ، وتسببت في انفصالهما سريعاً .
 
نجلها 
حرصت الفنانة الراحلة طوال رحلتها الفنية علي الاهتمام بنجلها الوحيد ، و الذى وصفته فى إحدى حواراتها الصحفية بأنه " أمل حياتها " ، حيث كانت تصطحبه أثناء تصويرها لأعمالها الفنية ، و يظهر معها بكواليس أفلامها ، و لكنه كان قليل الظهور معها ، حيث لم يظهر فى إحدى اللقاءات التليفزيونية .
 
إشاعات وفاتها
بعد انتشار شائعة من ضمن الشائعات التي امتدت على نطاق واسع بين الجمهور ، ظهرت " الفنانة " في مداخلة هاتفية مع الإعلامي " وائل الإبراشي " في برنامج " كل يوم " ، المذاع عبر قناة «On E» العام الماضي 2019 ، لتعلق على الأمر قائلة : " أنت على فكرة لك تقدير كبير عندي ، عشان أنت من أول المعزين " .. بهذه الكلمات ردت مازحة ، حيث اتخذت الأمر ببساطة و أصبحت تتلقى المكالمات الهاتفية من قبل من يرغب في أداء واجب العزاء بصدر رحب .
و قالت : " إنها مؤمنة بالقدر و إن الموت سنة الحياة " ، و أضافت ساخرة : " أنا و البقية في حياتي ، يعني شايفة المحبين ليا عملوا إيه " ، مشيرة إلى أن هذا الموقف جعلها تتمتع بالوجود و الرحيل في آن واحد ، و شكرت من أطلق هذه الشائعة ، و في نهاية حديثها قالت : " إن الموت حق و إن ملك الموت من أحب الملائكة إلى قلبها ، لأنه بيريح الناس و له دور و فلسفة " .
 
و اختتمت مازحة : " اللي اتأخر في العزا ليا معاه كلام تاني " .