بقلم : صبحى فؤاد
منذ بداية الخليقة وحتى سنوات قليلة مضت كان عزرائيل هانئا سعيدا بمهنته ..كانت سعادته تبلغ قمتها عندما كان يرى جهوده تكلل بالنجاح فى اغراء واحد من البشر بالانتحار او قتل صديق او عدو له او تشجعيه على السرقة والنصب على غيره من البشر .
لم يكن عزرائيل يفرح لموت واحد او مائة او مليون من البشر ولكنه كان يفرح عندما يجد حيله والاعيبة وذكاءه يتفوقون بمراحل على تدبير وتفكير وذكاء اولاد وبنات حواء .
قليل من البشر ربما يعدون على اصابع اليد الواحدة صمدوا امام عزرائيل وافشلوا الاعيبه وخططه الخبيثه وجعلوه يشعر بالعجز امامهم ومع هذا لم نجده يفكر فى تقديم استقالته او اعتزال مهنته او حتى مجرد ان نراه يحزن او يشكو خيبته لاحد غير اعوانه ومساعديه من الشياطين .
وفجأة وبلا  مقدمات ومع مطلع شهر يوليو الحالى دعى عزرائيل لاجتماع عاجل جدا فحضر على الفور مستشاريه ومساعديه وجميع الشياطين من كافة انحاء الكون فوجدوه مكتئبا للغاية والسنة من النيران تخرج من فمه وعينيه.
بادر احد الشياطين وسأله :
مالك يا عزرائيل ..لم نراك من قبل فى مثل هذه الحالة المؤسفة من قبل ؟ هل الامر بهذه الخطورة والاهمية ؟؟
عزرائيل يضرب كفا على كف ويقول بصوت عاليا : شفتم البشر بيعملو ايه؟ 
شيطان صغير مقاطعا : ها يعملو ايه اكتر من اللى عملوه هم وجدوهم من قبل ؟
عزرائيل صارخا : لا ..لا .. اللى بيعملوه دلوقت لا جدوهم ولا جدود جدودهم كانوا يجرؤ يعملوه او حتى كان من الممكن يفكرو فيه ..
احد المساعدين مقاطعا : يعنى ها يكونوا عملو ايه اكتر من الحروب والقتل والسرقة والزنا والاغتصاب والنصب ؟
عزرائيل بصوت يائس وحزين : حد فيكم عرف ان هناك جماعة من البشر اسمها جاحش ..
شيطان مقاطعا : اسمهم داعش مش جاحش 
عزرائيل : مش ها تفرق جاحش داعش ..من كام يوم اعلنوا للعالم تأسيس دولة لهم على غرار الجحيم اللى احنا عيشين فيه 
شيطان مستفسرا : يعنى ايه الغريب فى هذا الموضوع ..بشر واسسو دولة جديده لهم ..ايه المشكله ؟ وايه اللى مزعلك ؟
عزرائيل : دولة جاحش مش ها تخلينا نأكل عيش ..دول بيقطعوا الرقاب بلا رحمة او شفقة او محاكمات ..دول بيرجمو النساء بالطوب والحجارة وبيخنقوهم بالايدى ..قتلوا من الفترة اللى اعلنو فيها دولتهم الجديده حتى الان اكتر بكتير من اللى اخذنا اروحهم من البشر على مستوى الكون كله ..يعنى احنا بقينا اصفار بجوارهم 
شيطان متسائلا : الامر حله سهل ..نقبض على روح رئيس دولتهم الخليفة ابو بكر البغدادى وبكده لن يكون لهم قائد يقودهم وبالتالى بعد كام اسبوع تنهار دولتهم البشرية 
عزرائيل : انا فكرت اعمل كده ولكن لقيت ان فيه الوف غيره عندهم استعداد لاخذ مكانه زى مع حصل مع بتوع القاعده ..خلصت من واحد اللى هو كان كبيرهم طلع لينا مليون واحد غيره ..مثل الخلايا السرطانيه ..
شيطان مقاطعا : انا مش فاهم انت زعلان ليه ؟ البشر هم البشر لم ولن يتغيرو ..منذ بداية الخليقة والى اليوم لم يتوقفوا عن الحروب او القتل او ارتكاب كل الجرائم والمعصيات ..وداعش لم تأتى بجديد ..نفس الشىء فعلوه اباءهم وجدوهم 
عزرائيل صارخا ومحتجا : انا بقالى ملايين السنين اعمل فى مهنتى واراقب البشر وافعالهم فلم ارى من قبل واحدا منهم يقتل بدم بارد ولذه عجيبه بشر اخرين مثلهم ..دول بيقطعوا الاعناق بالمطاوى والسكلكين ويطلعوا القلوب من صدور قتلاهم ويأكلوها بنهم وشراهم ..لم ارى من قبل غيرهم من البشر بمثل هذا الاجرام والدمويه ..حتى انا بقينا جنبهم ملايكه بجد ..انا لازم اعترف امامكم بفشلى بعد قيام الدولة الجاحشية فى الاراضى السورية والعراقية .
صمت مخيف ساد المكان للحظات واذا بعزرائيل يقول بصوت حزين جدا للحاضرين من الاعوان والمساعدين والشياطين: انا جبتكم هنا عشان اقول لكم اننى قررت اعتزال مهنتى بعد ان رأيت البشر يتفوقون على وعليكم خلال الشهور الماضية ..ده مش بس البشر بيتوع الجاحش ..ده طلع لينا منافسين فى نيجريا ..جماعه اسمها ..ابوكو يا ولاد الحرام ..وجماعة تانية فى الصومال اسمها الشباب الصايع ..وجماعة تالته فى مصر اسمها جماعة اقتل مصرى وادخل الجنه ومارس الجنس مع 72 حورية ..وجماعات غيرهم وغيرهم ..انا شايف انه معدش لى لزمه ابدا .. البشر مش محتاجين عزرائيل ولا شياطين ..دول خربو بيوتنا وخلونا نفلس .
كانت مفاجئة صادمة لمساعدى عزرائيل وبقية الشياطين ..لم يصدقوا بعد كل هذه الملايين من السنيين التى مرت منذ بداية الخليقة ان ياتى اليوم الذى يسمعوا فيه بانفسهم واذانهم عزرائيل يتقدم باسقالته لتفوق بعض البشر عليه واحساسة بالفشل والعجز ..حاولوا تهدئة خاطرة واقناعه بتغير رأيه والغاء فكرة الاعتزال من ذهنه حرصا على الصالح العام لمملكة الشياطين ولكن عزرائيل اصر وركب دماغة واعلن انه لن يتنازل عن اعتزال مهنته الا اذا ابيدت جماعة الجاحش وابوكو يا اولاد الحرام والقاعدة وجماعة اقتل مصرى وادخل الجنة وغيرهم من الجماعات البشرية ابادة تامة من الجذور 
نظر الشياطين الى بعضهم البعض فى حيرة واخذو يسألون انفسهم : هل من الممكن ان ننجح فى تحقيق طلب عزرائيل لكى يتراجع عن فكرة الاعتزال ؟ هل يمكننا ان نبيد هذه الجماعات البشرية من جذورها حتى لا يكون هناك منافسين لنا من البشر ؟ وهل يوجد اماكن كافية فى الجحيم لكل هذه الاعداد الضخمة من البشر ام اننا سوف نضطر لبناء اماكن ايواء جديده لهم ؟ وهل الميزانية العامة تسمح فى هذه الظروف الاقتصادية الصعبة ؟
وبينما كان الشياطين  منشغلين بالنقاش وتبادل الاراء والافكار فيما بينهم لايجاد حل عاجل للازمة الخطيرة التى لم يشهدوا  مثلها منذ بداية الخليقة تسلل عزرائيل فى هدوء خارج المكان تاركا وراءه رسالة لهم تقول : 
اذا حققتوا ما طلبت منكم سوف اعود اليكم فورا كى امارس مهنتى ولكن اذا فشلتم فانى انصحكم فى هذه الحالة بقبول امر اعتزالى بصدر رحب واختيار عزرائيل جديد لكم من بين بشر جماعة جاحش او جماعة ابوكو يا اولاد الحرام او جماعة اقتل مصرى وادخل الجنة لخبراتهم الواسعه فى سفك الدماء والقتل والاجرام والدمار وفكرهم البشرى المتطور الذى يتماشى مع  متطلبات القتل والاجرام فى العصر الحديث .