د. مينا ملاك عازر
من رائعة جابرييل جارسيا ماركيز وحتى يومنا هذا حيث ترى الكوليرا كسلاح فتاك في أيد قوى استعمارية وعظمى في حينها، ليظهر الكورونا في شكل جديد كسلاح فتاك كما أشرت في سلسلة مقالات المعنونة ب "هل هي الحرب إذن"؟ مر وقت طويل ولكن إن كانت الأولى رواية للعملاق ماركيز، فما نحن مررنا به كان واقع، فبرغم الجو العاصف سياسياً في الشرق الأوسط، ورائحة الثورات والاضطرابات التي تزكم الأنوف متنافسة جنباً لجنب مع رائحة البارود المنتشرة على أسنة رؤوس الصواريخ الإيرانية والطائرة في أجواء العراق، وربما العابرة لبحر العرب لتصل للحوثيين التي أمسكتها البحرية الألمانية، وبرغم جميع ضحايا فايروس كورونا فالحب سيبقى يا ولدي أحلى الأقدار وأخطرها، العالم كله احتفل بالفالنتين كما تابعتم ونحوا المخاطر جانباً، وكأن الإنسان يصرخ بأعلى صوته أنه بحاجة للحب، أن ما ينقصه ليس النفط ولا الأرض ولا الماء ولا السلطة والزعامة التي هي في جوهرها بحث عن الاحساس أنك محبوب من مريديك ومن تتزعمهم، كل هذا باطل وفاني الأهم هو الحب، الإنسان كائن اجتماعي محب، ومن لا يتمتع بهذه الخاصية فهو مريض يحتاج للعلاج، من لا يقدر الحب لا يعرف جماله.
 
يقولون أن الحب مؤلم، هذا غير صحيح، فالحب دواء للألم، ووجوده شفاء للسقم، واحترامه علاج ناجز لكل أمراض الجسد، وأكم من مريض قاموا لشعورهم بحب من حولهم، الإنسانية كلها تحتاج لجرعات من الحب في الوريد لتستفيق وتعود الإنسانية تهيمن وتسيطر على مجريات الأمور بعد أن استحال البعض لحيوانات ساعين للسيطرة وبناء الأمجاد والقصور والأحلام حتى وأن غدت كوابيس تنهش في أجساد بريئة ضعيفة مستضعفة لا طاقة لها بمجاراة طغيان بعض الطغاة.
 
الحب في زمن الكورونا يثبت أنه الأقوى وإن كان الفايروسات فتاكة فالحب أشد فتكاً بكل معارضيه ومهمليه متى مس القلب وحرك الوجدان وعصف بالمشاعر وحرك الإنسانية، هكذا يجب احترام العاطفة وتقدير المشاعر هكذا أهمل البشر أعباءهم ونظروا للدواء الحب وفقط.
 
صديقي القارئ، إن كانت السياسة مهلكة بكل متاعبها وإن كانت الأمراض مقلقة بكل آثارها، وإن كانت المساحة المتاحة للكتابة قد أوشكت على النفاذ، فما لا شك فيه أبداً، أن الحب هو الشعور الأجدر بالاهتمام والإبقاء على قيد الحياة، وها قد رأينا إعلام العالم كله يستدير ويحترم حدث عالمياً وهو عيد الحب برغم كل مما يجري وجرى وسيجري.
 
المختصر المفيد أحبك.