سليمان شفيق
من عبود وحتي البرهان من فشل الي فشل
كتبت في اوائل تحركات الثورة السودانية احذر من غياب الرؤية لدي الثوار ، واشرت الي كتاب مهم جدا للدكتور منصور خالد وهو كتاب " النخب السودانية وادمان الفشل"، ولكن دخان الثورة جعل كثيرين لايطلعون ، ومن اطلع هاجم د منصور خالد ، والان وبعد ان وافق علي تطبيع البرهان اقوي قوي حديثة (تجمع المهنيين) واقوي قوي قديمة (حزب الامة) اعود الي د .منصور خالد محمد عبد الماجد دبلوماسي وكاتب وسياسي ومفكر سوداني. يعد من أكثر الشخصيات السودانية إثارة للجدل نسبة لآراءه المختلفة ولخطورة مناصبه المحلية والعالمية

ولد الدكتور منصور خالد بامدرمان العاصمة الوطنية للسودان في يناير من العام 1931 م في حي (الهجرة). وينحدر منصور من أسرة أمدرمانية عريقة فجده الشيخ (محمد عبد الماجد) المتصوف المالكي ، وجده هذا الأخ الشقيق

اما الفاشلين  يعني بهم النخية السياسية والمثقفة ودورهم في تدهور السودان في كل مراحله ، والكتاب يجمع من السياسة وعلم الاجتماع و التأريخ..
فمن الناحية الإجتماعية ذكر كيف ان السودان يعاني من أزمة رؤية قبل أن تكون أزمة حكم وأن هذه الأزمة الفكرية أدت إلى تصدع الذات حيث أن "النفاق الفكري لهذه النخبة في القضايا التي تمس الوجدان العام مثل: قضية الدين ، والانتهازية الفكرية التي تشوب المواقف السياسية في بعض القضايا المبدئية".

ومن الناحية الاجتماعية أيضا كيف أن أزمة الهوية هي الجذر الأساسي.

في 19 اغسطس 2019 كتبت :
في مجلدين سميكين أودع د. منصور خالد، الوزير السوداني السابق في العهد المبكر لثورة مايو بقيادة جعفر النميري، عصارة خبرته مع أنظمة الحكم التي تعاقبت على السودان، منذ الاستقلال وحتى انقلاب الجبهة القومية بقيادة عمر حسن البشير (ومن خلفه حسن الترابي) واستيلائها على السلطة في السودان. د. منصور خالد سمى كتابهالنخبة السودانية وإدمان الفشل فهو لم يؤرخ فقط لتعاقب الأنظمة الفاشلة على السودان وإنما دوّن مشاهدات وسجّل أحكاماً قاسية بشأن قادة السودان وأحزابها وفعالياتها السياسية والنقابية، وقبل ذلك قادتها العسكريين في تعاطيهم مع الشأن السياسي. ليس هناك وصف أدق من ذلك .

أو المثابرة الحثيثة على الممارسات الفاشلة من جانب نخب السودان وحكامه، والحصيلة معروفة: سلسلة من العهود العسكرية والتسلط التي تقطعها انفراجات قصيرة من الانفتاح السياسي، ورغم قصر الفسح الزمنية من الديمقراطية فإن ممارسات الأحزاب على اختلافها، من تقليدية طائفية وقومية وناصرية، وأنانيات النخب السياسية والمهنية كانت تزرع بذور الانقلاب العسكري اللاحق كأنها تستحثه أو تمهد الطريق له. وما كان  يشهده السودان في عهد البشير هو حصيلة الانقلاب الذي دبره ونفذه يوم 30 حزيران 1989، مع مرشده الأعلى حسن الترابي، الذي، للمفارقة، بات بعد عشر سنوات، خصم البشير الرئيسي، والضحية الأولى له، ولذلك فإنه ما أن أُفرج عن الشيخ حسن الترابي من سجنه في بورسودان حتى طالب، أول ما طالب، الرئيس البشير بتسليم نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية، إنفاذاً للعدالة وتحريراً للسودان من العزلة والعقوبات الدولية!!! وعليه فإن من الموضوعي أن نتساءل من نلوم ومن نبرئ من قادة السودان المتعاقبين على المصير الذي آل اليه السودان. هذا البلد شبه القاري، الذي تمنيناه العالم العربي الية  كما أخبرتنا الكتب المدرسية في طفولتنا، وانتهى اليوم، وليس لديه ما يكفي لسد رمق أبنائه على اتساع ثروات السودان وموارده الطبيعية ووفرة اراضيه الزراعية ومصادره المائية. السودان الذي تحرر من ربعة الاستعمار البريطاني في أواسط الخمسينيات، ليصبح أحد الخيارات الممكنة لديه أن يكون الاقليم الجنوبي لبلاد النيل التي تشكل مصر اقليمها الشمالي، انتهى، قبل سنوات عدة، إلى نزاع دموي ،لكن الأهم من ذلك أن السودان ما أن انتزع استقلاله حتى دخلت نخبه الشمالية الحاكمة في الخرطوم في نزاعات حادة مع أطرافه، وتحديداً مع جنوبه- الافريقي غير العربي وغير المسلم، وهو النزاع الذي تحول إلى حرب أهلية مديدة لم يهدأ أُوارها الا قبل سنوات، بعد اتفاق السلام في نيروبي (2005). لكنه سلام قلق ادي الي  استقلال الجنوب عن الشمال، خاصة في ظروف العزلة الدولية والحصار والإدانة التي تحيط بالنظام السوداني، بسبب مأساة دارفور.

وفضلاً عن الجنوب فإن نزعات التمرد لم تتوقف عن الانفجار في شرق السودان وغربه، وتحولت في اقليم دارفور، خاصة، إلى مأساة انسانية ومشكلة اقليمية ودولية، حيث لم يشفع لمواطنيها انهم مسلمون، بل وكان موطنهم مركزاً حضارياً مرموقاً للاسلام في القارة الافريقية. وبالطبع  يتحمل نظام عمر البشير مسؤولية خاصة وراهنة عن المصير الذي انتهى اليه السودان خلال العقدين الأخيرين. لكن مشكلات السودان وانفجاراته وتشرذماته لم تبدأ معه. بل كنا نظن أن هذا النظام حقق اختراقاً تاريخياً، حين نجح في وضع حد للحرب الأهلية مع الجنوب ووقع اتفاق للسلام مع جورج جارنج الزعيم الراحل لجيش تحرير السودان وترك  السودان الشعبي، ومارست أبشع أشكال الشوفينية والتعصب معها على امتداد اكثر من خمسة عقود. السودان ضحية نخبه الحاكمة والسائدة أكثر مما هو ضحية المؤامرات والأطماع الاستعمارية. بل أن الأخيرة باتت حرة وطليقة في السودان، تحديداً بسبب سلوك النخب السودانية وانقساماتها وتضييعها للفرص المتكررة لقيام حكم مدني ديمقراطي متحضر. وما كان نظام البشير الا تتويجا لهذا الفشل وذروة من ذراه. يوماً ما كان السودان مثالاً لتعايش التيارات السياسية ولقبولها بعضها البعض، لكننا نكتشف اليوم أن التسامح والتعايش لم يكن الصفة الأبرز للنخبة السودانية، وإنما التمترس وراء الاختلافات المذهبية والطائفية والمصالح الذاتية الضيقة. ومن المؤسف أن الموقف العربي إزاء المشكل السوداني الراهن، نعني مشكلة ما بعد الرئيس السوداني عمر البشير ، لا يمثل مجرد تضامن ودعم مجاني له، وإنما يبرهن على ضعف حساسية العرب عموماً تجاه ضحايا نظام عمر البشير، ومن سبقه من حكام الخرطوم، نعني بهم السودانيين الأفارقة من غير العرب، حتى ولو كانوا مسلمين. ولا عجب أن يلجأ بعضهم إلى الشيطان، ولا سيما الشيطان الاسرائيلي، شأنهم في ذلك شأن أقليات وإثنيات عديدة في العالم العربي، وما تصرف البرهان الا استكمال للمنهج الفاشل القديم. )

والان  دعونا نؤكد صدق كتاب منصور خالد الذي يشيرالي ان القوي المدنية دائما تقود الشعب السوداني لاسقاط (عبود ونميري ثم البشير  ) ثم تتعاطف القوي القديمة حزب الامة مثالا مع الاخوان المتواريين الان خلف الانظار ، ولكن العسكريين يحتون الاخوان ويسقطون الحكم المدني . وياخفي الالطاف نجنا مما نخاف، ولكن خفي الالطاف يبدو انه لم ينجينا ممن نخاف .