كتب : مدحت بشاي
في الكتاب المقدس " هكذا قال رب الجنود : أصلحوا طرقكم وأعمالكم فأسكنكم في هذا الموضع " و"على قدر ذلك قد صار يسوع ضامناً لعهد  أفضل"..  هكذا تطالبنا آيات الكتاب المقدس بالتصويب والإصلاح كلما تطلب الأمر العودة لأصل الأمور وصوابها ، ورغم ذلك وفي كل مرة يتم استخدام مصطلح   " إصلاح "  ثم إقرانه بالكنيسة أو أي مؤسسة دينية نلاحظ ارتفاع وتيرة الغضب ، وإعلان الرفض والاحتجاج من جانب القائمين على أمر إدارة تلك المؤسسة ورجال الدين بها ، حيث يتم ربط معنى الإصلاح بأنها تخص ثوابت العقيدة والمبادئ الدينية دون محاولة تفهم خطاب هذا الإصلاح المنشود والدواعي التي دفعت من نادوا به وطرحوه ، ويتم على الفور إطلاق مسمى الإصلاح الديني على كل ما يطرح بما يوحي بمعان تخيف الناس في الكنائس ، حيث يصل إليهم أن هناك تعرضاً لأمور يقدسونها بإيمان حقيقي صادق وهي بالفعل تستوجب التقديس والامتثال وفق تعاليم الدين وفرائضه وأوامره للظفربرضا الله ورحمته يوم الدينونة .. وبإثارة الأمر على هذا النحو يقطعون كل فرص الحوار ..
 
وفي حال كنيستنا المصرية ، كان يتم تصوير الأمر من جانب البعض من قياداتها على أن بعض دعاة الإصلاح يتحدثون بشأن إصلاح عقائدي مرفوض حتى لو أكد دعاة الإصلاح أنهم يتحدثون عن إصلاح إدارة المؤسسة الكنسية فقط ، ويصل الأمر بالكنيسة ـ للأسف ـ إلى حد أن يصرح قداسة البابا قبل نياحته " هناك أشخاص ينادون بالإصلاح .. الإصلاح .. الإصلاح ، ولا يعرفون معني كلمة الإصلاح ، فإذا كانت هناك أخطاء موجودة فما هي الأخطاء ؟! " وهو تصريح بقدر ما يوحي في ظاهره بإعلان الدهشة وإبداء عدم المبالاة بما يطالب به هؤلاء ، إلا أن كلام قداسته على هذا النحو يصور الأمر على أن  ما يتم تداوله بين الناس مجرد أصوات تتعالى لمجموعة ليس لديهم رؤية محددة ، وأنهم لا يدرون من أمر كنيستهم شيئاً .. وبقدر غرابة التصريح ، فالأمر الأكثر غرابة أن  يأتي على لسان قداسته وهو الذي بدأ حياته الكنسية مصلحاً ، وشهدت   فترة توليه أسقفية التعليم عملاً جاداً نحو إصلاح وتطوير بنيان الكنيسة ، والعمل على عدة محاور للوصول بالكنيسة المصرية للعالم ، وتكوين  كوادر دينية وإدارية مثقفة وطرح العديد من الأفكار القابلة للتطبيق والتي تتمتع بحس وطني واجتماعي وروحي ، وهو الأمر الذي يستكثره ويستنكره على أبناء الكنيسة الآن  ..وقد يقول البعض أن الرجل أصلح وانتهي الأمر ، فماذا يمكن أن يقدم هؤلاء أدعياء الإصلاح بعد كل هذه السنين من بداية الإصلاح ؟!
 
أود التأكيد على أن الكنيسة بعد إصلاحها سوف لا تسمح قياداتها أن يصل الأمر لنشر صور كهنتها في صفحات الحوادث للتحذير من التعامل معهم ، وسيختفي كهنة الإعلام الذين يتحدثون باسم الكنيسة وعندما يتم انتقاد تصريحاتهم يُقال إنهم غير مكلفين بذلك من قبل البابا ، وكنيسة ما بعد الإصلاح سيفهم فيها المواطن البسيط في القرى والأحياء المتوسطة والشعبية صلاة القداس المعدة بلغة عربية بسيطة ، وكنيسة بعد الإصلاح سيختفي منها دكاكين البيزنس بعد أن يتم توكيل جمعيات المجتمع المدني بأعمالها ولكن خارج الكنائس..وفي كنيسة ما بعد الإصلاح سيتم الحد من ظواهر الانفصال والطلاق بعد دعم دور علاقة الكنيسة بشعبها حتى لا يغيروا الدين أو الملة ،وبالإصلاح يتم تغيير لائحة انتخاب البابا وإعادة المجلس الملي لدوره الفاعل .. وأمور كثيرة غيرها لابد أن تمتد إليها أيادي الإصلاح في كنيستنا العتيدة ..
 
أخيراً فلنتذكر ما قاله الأب متى المسكين " على الكنيسة أن تدع المواطن المسيحي يتحرك بحرية في كل الاتجاهات كما يشاء وكما تمليه عليه تربيته ونشأته وثقافته ، ويتحمل هو تبعة تحركه .. " ..