كتب - أحمد المختار
ذكر الباحث و التنويري " إسلام بحيري " ، أن الشيخ " محمد عبده " لم يُثمر إصلاحه الديني سوي " مجموعة أفراد " تم محاربتهم من " تيار الجمود " في مؤسسة " الأزهر " ، ليس لقلة ذكاءٍ منه ، بل لأنه قبل الإصلاح بالتدريج ، حيث رأي أن كل الفرص الضائعة علي مدار التاريخ ، ستتسبب في قضاء الله علي تلك " المؤسسة " ، لرفضها التغيير و مرورها بحقب كثيرة مثل " الحداثة و النهضة ، و التغريب " .
 
و قال " بحيري " في برنامجه " البوصلة " علي شاشة " تن " : " بحسب الكاتب الأمريكي " صمويل هنجتون " في كتابه نهاية التاريخ ، بأنه ليس هناك المزيد من التاريخ لحدوث حركات كبري أو حدوث نهضة أو تناقل أفكار من مكانٍ لمكان ، و أنا أراه مخطئ ، و صيروة التاريخ هي طبيعة الأمور ، فكل العلماء المسلمين الذين برزوا في التاريخ كعلامات مضيئة ، كفرهم التيار الجامد و اتهمهم بالزندقة و الالحاد " .
 
و تابع : " المؤسسة تري أننا لا نصنع شيء أو حتى كاوتش ، و هو علي غير الواقع ، نحن نُصنع الكثير ، لكن الأفكار التي يتمسك بها الأزهر ، كبلت المجتمع و قيدت حركته من منذ عشرينيات القرن الماضي مروراً بثورة يوليو و هزيمة 67 فحقبة الرئيس السادات ، انتهي الفكر في المجتمع ، لكننا نعيش الآن في فترة استثنائية ، أتمني أن لا تكون الفرصة الـ " 3 مليون " الضائعة " .
 
و أكد : " مبادئ الثورة الفرنسية مشابهة تماماً لأي مبادئ ديانة سماوية ، لكن التدخلات البشرية في الأديان ، هي ما تفسدها ، فعندما نتحدث عن المواطنة ، نجد هذا التيار يُفضل مواطنين من خارج الدولة لنفس الديانة ، علي حساب مواطنين من نفس الدولة لكن من أصحاب ديانة أخري ، فكل التطورات التي تحصل في المجتمع حالياً مثل وضع دستور ، هم يروها قوانين وضعية ، ليست لها علاقة بحياة الإنسان " .
 
الدروس المستفادة من تجربة الشيخ محمد عبده 
هي : " عرض الأفكار علي السلطة بكل جرأة ، فالمثقف يعرض أفكاره علي السلطة بلا خجل في مواجهة تيار الجمود ، و الذكاء في دخول المواجهات ، و إقرار قوانين للإصلاح ، و عدم قبول الإصلاح بالتدريج " .
 
و تابع : " الشيخ عبد المتعال الصعيدي قال إن الشيخ محمد عبده جاهد جهاداً كبيراً و أقام حرباً عواناً علي الجمود و التقليد ، ضد الأزهر ، فأقاموا عليه ثورة غير مشروعة للتخلص منه ، و الإيعاز للخديوي و علاقته باللورد كرومر و أن الشيخ الجليل عميل للإنجليز ضد الدولة ، و تركيب وجهه مع صور للسيدات " .
 
لماذا توقف المشروع الإصلاحي لمحمد عبده ؟ 
خطأ الشيخ محمد عبده هو الدخول في مجال السياسة ، و خلط رأيه في عدة أمور ، مما سببت له مشاكل مع السلطة و الخديوي ، و هناك أيضاً تلميذه الغير نجيب " محمد رشيد رضا " ، الذي انقلب علي جميع أفكاره ، و أصبح شخص أصولي و خرج من تحت يده " حسن البنا " .
 
و أوضح : " الشيخ محمد عبده ربي جيلاً و أنبت ثمرة أيقظت العقول ، لكن أكثرهم ليسوا من طلبة الأزهر " مدنيين " ، أكثره من غير أهل الأزهر ، لديهم فروق فردية ، فالإصلاح الذي وضعه في الأزهر ، لم يجد من يتعهد به بالسعي و الرعاية و تركهم للحشرات الضارة ، ليستوي و يؤتي أكله ، و إذا وجد من يتعهدهم ، لكنها إرادة الله ، حيث قل عدد من ينصتون له داخل صفوف الطلبة  " .  
 
و ماذا خسرت مصر ؟
تيار الجمود أهدر الكثير من فرص النهضة علي مصر ، بإتباع الجمود و التقليد ، و تكميم الأفواه ، و عدم نقد كتب التراث ، و رفض النقد بكل شيء ، و ضيق أفق في المجتمع ، و خسارة الدماء ، بجانب وصف الشيخ عبد المتعال الصعيدي : " تم ترك بذرة إنتاج الشيخ محمد عبده إلي الحشرات الضارة ، و حتى الشيخ المراغي رغم تبنيه أفكار الإمام محمد عبده ، لكنه حسبها حسبة عقلانية تجنباً للدخول في صراعات و نزاعات " .
 
و اختتم : " خطأ محمد عبده هو قبول الإصلاح بالتدرج ، بلاش نقبل بالتدرج أبداً " .