في مثل هذا اليوم 26 فبراير1797م..

سامح جميل

في مثل هذا اليوم، قبل 221 عامًا، ظهرت في إنجلترا أول عملة ورقية من فئة الجنيه والجنيهين، وقد أحدث ظهور العملات الورقية آنذاك ردة فعل ضخمة..

ظهرت العملة الورقية أو "الأوراق النقدية"، لتلافى المشكلات المتعلقة بتخزين النقود المعدنية، التي كانت تصنع من الذهب و الفضة و النحاس .

وبينما كانت هذه العملات الورقية تخطو خطواتها الأولى نحو الانتشار، واجهت أزمة ترتبط بمدى قانونيتها لتسهيل انتشارها بين الدول المختلفة، حين كانت القوافل التجارية لا تزال تجوب قارات العالم برا وبحرا، لذا فقط ارتبط ظهورها بظهور البنوك المركزية، حيث بدأت هذه النقود تستمد شرعيتها من الحكومات التي تطبع هذه النقود، وبهذا اتخذت تلك العملات سندها القانوني.

أما ثاني العوامل التي دفعت نحو تكريس الاتجاه العالمي نحو الاعتماد على العملات الورقية ، فارتبط بظهور الطباعة، وانتشار المطابع في أوروبا خلال عصر النهضة، سيما العصر الفيكتوري منه

وقد سبق التجربة الإنجليزية عدة تجارب لا يمكن إغفالها في مسيرة العملات الورقية ، حيث تشير الدراسات التاريخية، أن الصين بلاد "المارد الأحمر" قد سبقت عاصمة الضباب نحو ذلك، فقد كانت أول بلد طبع العملة الورقية، وذلك في عهد سلالة تانج (618 - 907)، وقد ولدت الفكرة وطُرحت بين التجار الذين يتنقلون من بلد إلى بلد، ويحملون نقودهم الذهب ية والفضية معهم فكانت عرضة للضياع والسرقة من قبل القراصنة ولصوص الطرق، فاستعاضوا عنها بوثائق خطية تُثبت مقدار ملكيتهم، فكانت تمثل البديل الورقي البدائي للعملة المعدنية.

وكانت تلك كالورقة تدفع إلى التاجر الذي تشترى منه البضاعة، وهو بدوره يستطيع أن يتسلّم المبلغ المثبت على هذه الورقة من الشخص المودع عنده مال التاجر المشتري.

كما أن بلدانا أوروبية أخرى، قد تلقفت الفكرة في القرن الرابع عشر، فقد أصدر مصرف ستوكهولم في النرويج عملة ورقية، لكن الفكرة لم تلق رواجا كبيرا، وفشل البنك النرويجي عام 1664 في دفع قيمة كل ما أصدره من عملات ورقية ب الذهب ، فأعلن إفلاسه في ذلك العام.

وفي عام 1669، بدأ مصر ف إسكتلندا بإصدار العملات الورقية ، ولا يزال حتى الآن بعد أكثر من 300 عام- يقوم بهذه المهمة بنجاح، ليصبح بذلك ال مصر ف الذي أصدر عملات ورقية لأطول وقت دون توقف.

وإلى العالم الجديد، فقد صدرت العملة الورقية لأول مرة في أمريكا عام 1660، وذلك في مستعمرة خليج ماسشوتس، إلا أن العملات الورقية كانت تصدرها مصارف خاصة، مما جعل البعض يرفض استلام العملات التي تصدرها مصارف لا يثق بها، بل وقد كان البعض يستلم عملات أخرى بأقل من قيمتها لنفس السبب، كذلك التخوف الذي ينتشر الآن حيال " البتكوين ".

وعقب الاستقلال من بريطانيا عام 1776، بدأ ال مصر ف المركزي الأمريكي بإصدار عملة الدولار، إلا أن هذه العملة لم تكن مغطاة ب الذهب كالنقود القانونية مما لم يشجع الناس للتعامل بها، ولكن القانون الذي أقره الكونجرس كان يُجرّم كل من لا يقبل الدولار كعملة باعتباره عدو للدولة، ولم تستمر هذه الثقة طويلًا فتكاليف حرب الاستقلال أجبرت الحكومة على طبع العملات بشكل كبير، مما تسبب في تضخم هائل فقد الدولار على إثره قيمته، إلى أن رُبط ب الذهب و الفضة في عام 1789 على يد الكسندر هاميلتون.

وقد استمر هذا الوضع حتى عام 1860، حينما أجبرت الحرب الأهلية الحكومة الأمريكية، على طبع كميات كبيرة من النقود لم تكن مغطاة بأي من المعدنين ( الذهب أو الفضة )، وقد كانت العملات المطبوعة في ذلك الوقت، هي أول عملة اكتسبت اللون الأخضر الذي يشتهر به الدولار الأمريكي حاليًا، وأجبر التضخم الهائل الحكومة الأمريكية على إعادة ربط الدولار بالمعدنين في عام 1879، ثم أعيد فك الربط بشكل مؤقت في عام 1933 على يد الرئيس فرانلكين روزفلت، للتخلص من آثار "الكساد العظيم" الذي ضرب العالم خلال ثلاثينيات القرن العشرين. .. !!