عمرو موسي : إذا قرر الفلسطينيين عدم الاصطفاف فعليهم أن يتحملوا نتيجة قرارهم .. هناك إمكانية لعودة العلاقات المصرية التركية مستقبلاً 

 
كتب - أحمد المختار
 
هناك القلائل من الناس حالياً من تستمع إلي آرائهم بخصوص ما يحدث في مصر و العالم العربي و العالم بشكل عام ، و لديهم تحليل بشكل عام و علمي ، نظراً لتشابك الأحداث و تعقدها ، بهذه الكلمات افتتح الإعلامي " عمرو أديب " حلقة برنامجه " الحكاية " علي شاشة " ام بي سي مصر " ، حيث استضاف السياسي المُحنك و وزير الخارجية الأسبق و الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية السيد " عمرو موسي " .
 
و بدأ " عمرو موسي " حديثه قائلاً : " تكريم الدكتور " مجدي يعقوب " في دبي ، هو يعكس صورة حقيقة عن الاهتمام بالناجحين ، و لدي الشرف أني تعاونت معه في لجنة " الخمسين " لوضع الدستور ، و كان عضو نشط و فعال في المناقشات ، و بالطبع أتقدم بتهنئته ، و إجمالي التبرعات هي مجرد تقدير له و لمجهوده ، فهو نجاح مصري خالص ، مُرحب به عربياً ، فنحن بحاجة الآن إلي قصص نجاح كثيرة جداً ، و سأتواصل معه شخصياً غداً لتقديم التهنئة له مرة أخري " .
 
و عن صفقة القرن و توابعها ذكر " موسي " : " التشابك مع صفقة القرن هو التعامل معها ، فالأمور تغيرت كثيراً في العالم ، و طبيعة مشاكل الشرق الأوسط و علي رأسها القضية الفلسطينية ، فهي تراجعت بالنسبة للعناوين الإخبارية ، لكن هي أساس استقرار الأوضاع في الإقليم ، و وسط كل هذه التغيرات الجذرية و موقف الولايات المتحدة ، الدولة العظمي في العالم ، ولا بد من التعامل معها بجدية ، حيث تحول موقفها من " وسيط " إلي " القوة " التي ستفرض حلاً ، فالرفض الفلسطيني مفهوم ، و عقب نهاية الانتخابات الإسرائيلية القادمة بعد شهر أو شهرين ، أتوقع تحركات فعلية من جانب الحكومة القادمة ، و علي العرب التحرك فالحركة أهم من السكون ، حيث مجرد الاعتراف بدولة فلسطينية حتى و لو بدون أي شكل مُحدد علي أرض الواقع ، أمر في غاية الأهمية ، فالشرعية تأتي بعد أخذ الحقوق ، فالدول الأفريقية و الأوروبية و الإسلامية و الرأي العام العربي يرفض كل هذا ، فسياسة الأمر الواقع لا تكفي " .
 
و تابع : " أقترح أن نتفاوض علي أسس تستند إلي المبادرة العربية و الحقوق الشرعية من الجهات الدولية ، فالحديث يجب أن يتضمن شكل الدولة و حدودها و عاصمتها و هل هي منزوعة السلاح أم لا ؟ ، فالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن و " ألمانيا " زعيمة الاتحاد الأوروبي ، و الجانب العربي يمثلهم " مصر " و " الأردن " و " المملكة السعودية " ، و الرباعية الدولية بما فيها الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي ، فهم يمثلوا الإطار الذي يُحدد عملية التفاوض ، و رغم ذلك هذه الدول ليست كلها موافقة علي المبادرة الأمريكية للسلام ، و يكون دورها إقناع الجانب الفلسطيني و الإسرائيلي ، و تحديد الوثائق الرسمية قبل الجلوس علي طاولة المفاوضات ، فتشكيل الإطار هو الأهم قبل دخول أي مناقشات ، لتسهيل جلوس الطرفين و التوصل إلي تفاهم ، فالموقف العربي و الموقف المصري يريدا نتيجة مُنصفة للقضية الفلسطينية " .
 
و شدد " موسي " قائلاً : " لا بد من صلح فلسطيني و موقف موحد و الاصطفاف وطنياً ، و بدون ذلك لن يستطيع أحد الوقوف معهم و مساعدتهم ، و هذا اختبار قوي لكل القادة في فلسطين سواء " فتح " أو " حماس " في الضفة و غزة ، هو شرط لازم لا مفر منه ، و غير ذلك ستكون الدول العربية المساندة أيضاً لديها الحُجة في عدم تقديم أي حلول أو مساعدات ، و في حالة أصبح هذا هو السيناريو و استمر الوضع الحالي كما هو ستكون نهاية هذه القضية مأساوية ، فالمصلحة تقتضي عدم تعقيد الأمور الآن ، بل تحريكها و استغلالها ، فوجدنا روسيا تقترح إعادة إحياء المبادرة العربية ، و الاتحاد الأفريقي برئاسة جنوب أفريقيا أعلنوا مساندتهم لفلسطين ، لابد من الحركة الآن ، و لدينا مواقف و قرارات و أحكام ، و الكثير من الدول الأوروبية متمسكين بذلك الكلام ، ولا بد من شيء جديد الآن ألا و هو " الاصطفاف الفلسطيني " ، و إلا يتحملوا مسئولية قرارهم ، و هي فُرصة الآن لا يمكن تضييعها ، فالولايات المتحدة أبدت استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية لكن بشروط معُينة ، أتفق لكن نناقش تلك الشروط " .
 
و أضاف : " صفقة القرن ممكن أن تُفرض ، لكن لن تُعطي شرعية ، مثلما حدث في الجولان ، فالوضع الراهن خطير جداً ، فإذا لم يتم التماري مع هذه المبادرة من جانب العرب ، فعلي رأي المغاربة العرب  " الله غالب ، فالمصلحة العامة تقتضي التعاون الآن ، حتى لا نصل إلي نهاية لا يُحمد عقباها ، فصناع القرار في الدول العربية يعلمون تمام العلم ضرورة الاشتباك بشكل جريء مع هذا المطب " .
 
و عن التعاون الوثيق التاريخي بين الولايات المُتحدة و إسرائيل ، ذكر قائلاً : " الدول العظمي و الغربية استغلوا إنشاء دولة إسرائيل للتخلص من اليهود ، و انشغال العرب بهذه القضية ، فلا توجد قوة عربية بالمعني الحرفي ، هي مجرد دول ثرية و أسواق استهلاكية ، فالدول لم تُبني من الداخل " .
 
التحدي التركي في المنطقة 
قال " عمرو موسي " : " تُركيا أخطر كثيراً من إيران ، فالتحركات التركية فيها الكثير من الإستراتيجية ولا بد من دراستها ، و لديها قواعد عسكرية في الخليج و في البحر الأحمر ، و هي تستطيع أن تقول لروسيا و الولايات المتحدة نعم ولا في بعض الملفات ، و لديها قاعدة اقتصادية قوية ، و موقعها الجغرافي بين روسيا و الاتحاد الأوروبي وفر لها الكثير من المقومات ، و هي نفذت كل ما طُلب منها للدخول في الاتحاد الأوروبي بأسس الإصلاح كحد أدني سواء في الإدارة أو القضاء ، و حققت نهضة كبيرة ، و عندها أساس ديمقراطي متين ،  و لديها خطة تسعي للريادة في هذه المنطقة ، و يجب أن يتم أخذ تركيا علي محمل الجد ، أما موضوع " الخلافة " فهو تسطيح مُخل ، فتركيا تعلم بأنه لا سلطان في ظل اعتراض " مصر " و الآن هناك اعتراض من " السعودية " و معظم الدول العربية تجاهها " .
 
العلاقات المصرية التركية 
و عن إمكانية تحسين العلاقات بين " مصر " و " تركيا " قال " موسي " : " من الوارد جداً ، إذا تفاهمنا حول أكثر من موضوع و علي رأسها " ليبيا و سوريا " ، و أرجو هذا أن يتم ذلك يوماً ما علي أسس و شروط مُحددة ، و إنما لابد من الكلام و التفاهم ، و رغم اختلاف المصالح حاليا ً ، فمصر لديها مصالح هامة جداً مع تركيا ، الاستثمارات التي لا تزال قائمة هنا حتى الآن ، فمن الضروري أن تأخذ مصر مبادرات سياسية فيما يتعلق بخصوص اللعب ليس علي مستوي العالم و إنما في المنطقة العربية " .
 
العلاقات المصرية القطرية
و عن بحث إمكانية وجود علاقات مستقبلية بين " مصر " و " قطر " : " قطر دولة عربية بدون نزاع ، و الخلاف القطري الخليجي خلاف كبير ، و مصر تضررت كثيراً ، فلا توجد مراكز ثابتة ، فالعرب في خلاف كبير جداً و اقترب من مرحلة العداء " .
 
أما بالنسبة للأمير " تميم " حاكم قطر قال : " قابلته كثيراً و حضرت فرحه ، فهو شاب نبيه و ذكي ، و أعرفه بشكل مناسب ، و تحدثت معه كثيراً قبل أن يتولي مقاليد الحكم " . 
 
المنصب الجديد " لجنة الحكماء الأفارقة " 
قال " موسي " : " مجموعة المناطق الأفريقية الخمسة و أنا أمثل منطقة الشمال الأفريقي ، حيث نقدم تقاريرنا و أعمالنا إلي مجلس السلم الأفريقي ، و اجتمعنا في جيبوتي ، أن نُركز علي الدول التي تقع تحت طائلة العقوبات الدولية ، و هذه المجموعة تستطيع أن تخدم ذلك الموضوع و الأهم موضوع " زيمبابوي " التي تقع لأكثر من 20 عام تحت طائلة العقوبات الدولية ، حيث تحدثنا بشكل جاد عن المشكلات الحقيقة مع القيادة الجديدة فهم الآن دولة جديدة بعد نهاية حقبة " موجابي " ، فالعقوبات تم توقيعها علي شخص مُعين و سياساته ، و تطرقنا إلي إمكانية وضع حلول لموضوع الأراضي التي حصل عليها الأفارقة من الأوروبيين قبل خروجهم و إمكانية بحث مسألة التعويضات ، و الأمر الثاني " السودان " ، و التي تعمل حالياً علي تغيير الكثير من الأوضاع عن ذي قبل " .
 
سد النهضة 
قال : " أُفضل أن نترك المجال للحكومة أن تُكمل عملها ، في ظل ترقب الاتفاق النهائي بواشنطن نهاية الشهر الجاري ، ولا بد من التفاؤل لأن تعطيش 100 مليون أمر في غاية المستحيل ، فالمجتمع المصري و العالمي سيسمح بذلك ، يستحيل اللعب بمصالح مصر لأن الثمن غالي جداً علي العالم " .
 
مستقبل مصر
قال " موسي " : " متفائل جداً ، و إذا أجريت مقارنة مع ما حولنا ، ستجد أننا أنقذنا الموقف و تخطيناه بنجاح ، فالدول الأوروبية توصلت لقناعة في 2010 و 2011 ، حيث تبنوا نظرية " أردوغان " و التي مفادها أن " التطرف ينتهي بوصول التيارات الإسلامية إلي سدة الحكم " ، أما النظرة الأمريكية فكانت مُختلفة جداً ، فأفضل ما في الوضع المصري هو الاستقرار و الأمن ، و النشاط و الإصلاح .
 
و تابع : " رغم كل ذلك هناك الكثير من المتطلبات منها : " تنفيذ الأحكام " فهي مسألة في غاية الأهمية ، فمن الضروري إعطاء الحقوق للمواطنين ، مما يعكس حالة من الطمأنينة داخل المجتمع ، فالنقاش العام هام ، و مشاكل مصر يُحددها المصريين ، فبعض من النقاش الحر مطلوب  " .