كتب : د. مينا ملاك عازر

توقفنا في المقال السابق عند وعد مني لسيادتك لتقديم سرد تاريخي لأهم العمليات التي تعد في وجهة نظري المتواضعة لأعمال حرب بيولوجية شنت في العصور الحديثة والمعاصرة ربما، فقد تطورت الوسائل مع تطور العصر، ففي العصر الحديث وفي الحرب العالمية الأولى استخدمت ألمانيا ميكروب الكوليرا والطاعون في حربها ضد إيطاليا وروسيا، واستخدمت بريطانيا جرثومة الجمرة الخبيثة أحد أنواع الأنثراكس الثلاثة كسلاح  بيولوجي في الحرب العالمية الثانية'>الحرب العالمية الثانية في جزيرة جرونارد الإسكتلاندية، وظلت اسكتلاندا تعاني من آثار هذه الجمرة حتى عام 1987.
 
وفي الحرب العالمية الثانية'>الحرب العالمية الثانية أيضاً قامت الوحدة 731 اليابانية بنشر ميكروب الكوليرا في آبار المياه الصينية حيث تسببت في قتل ما يقرب من عشرة آلاف شخص، وقبل ذلك بقرنين من الزمان وتحديداً عام 1763 قامت بريطانيا بقتل ملايين الهنود الحمر بالبطاطين الملوثة بفيروس الجدري الفتاك والذي يُصنف بالسلاح البيولوجي عالي الخطورة لقدرته على الفتك بشعوب بأكملها في خلال شهر واحد، فقام الرجل الأبيض دون رحمة بنشر الوباء بين شعب الهنود الحمر سكان الأرض الأصليين فأباد الملايين منهم في صمت ليحتل أرضهم ويؤسس ما عرف لاحقاً بالأمريكتين، ومنذ تأسيسها بعد إبادتها للهنود الحمر لازالت الولايات المتحدة الأمريكية تتصدر ذلك النوع الأبشع من الحروب البيولوجية الفتاكة.
 
ولا تندهش عزيزي القارئ حين تعلم أن العديد من العلماء يؤكدون أن فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV والمسبب لمرض الإيدز تم صناعته في أحد المعامل البيولوجية العسكرية في فورت ديريك بمريلاند، وذلك ما أكد عليه عالم البيولوجيا الألماني جالوب سيجال وذلك عن طريق دمج نوعين من الفيروسات هما فيروس
 
HTLV-1وفيروسVisna، وقد أكد على صحة هذا الكلام الدكتورة فاجناري مآثاي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، كما ذكر الدكتور آلان كانتويل أن الذي أشرف على تصنيع الفيروس هو دكتور وولف زمنوس، وأنه تم إخفاء هذه التجارب عن وسائل الإعلام.
 
إن الحروب بجميع أنواعها حروب بشعة، إلا أن الحرب البيولوجية أبشعها على الإطلاق، فهي تستهدف المدنيين ولا تفرق بينهم وبين العسكريين، ومما يزيد الحرب بشاعة أنك لا ترى خصمك ولا تشعر به لتتهيأ له في اللحظة المناسبة، بل تتم مباغتتك بشكل لا تتوقعه.
 
وقذارة تلك الحرب تتمثل أيضاً في أن الدول التي تطلق هذا النوع من الحروب تستطيع أيضاً التحكم في تصنيع الأدوية المضادة واللقاحات والأمصال مما يجعل الأمر يتحول إلى مافيا تتصارع فيها شركات الأدوية المصدرة لتلك اللقاحات والحديث عن الحرب البيولوجية لا تتسع له سطور هذا المقال، ونحن في العالم العربي يعتقد البعض أنه تتم ممارسة هذه الحرب علينا منذ زمن عن طريق المحاصيل المسرطنة وتلويث مياه الشرب ونشر فيروسات الكبد الوبائي وفيروس انفلونزا الطيور وغيرها.
 
بالرغم من عدم تأكدي من مسألة سرطنة المحاصيل والفايروسات الكبدية وما شابه إن كانت حرب علينا أم أن الجهل والإهمال هم السبب في تفشيهم في بلادنا، وربما الفقر في بعض الأحيان إلا أن ما ذكرته من باقي الأحداث مقطوع بحدوثها، ولذا أنا أكرر هنا سؤالي الذي عنوانت به مقالتي هذه السلسلة، هل هي الحرب إذن!؟ أقصد هنا ما يحدث في الصين؟ أقولها وبوضوح أن هناك دول بل دولة ما يهمها أن يتورط الصين في كارثة تعرقل تقدمها الاقتصادي، وتوقف نموه التجاري الذي يكاد يحاكيها، وثمة حرب اقتصادية شديدة بينهما وربما هذا يضعفه ويجعله يبتعد عن مساندة كوريا الشمالية، وربما إيران في صراعهما مع هذه الدولة، فهل هي الحرب؟
المختصر المفيد دمتم في صحة وعافية.