كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
 
صحيح أن " اللورد كرومر " القنصل البريطاني العام في زمن الاحتلال قال أنه لا يميز المواطن المصري المسلم عن المواطن المصري المسيحي'>المواطن المصري المسيحي إلا عند دخول الأول المسجد للصلاة والثاني الكنيسة ، ولكن يبدو من باب المبالغات والتندر ما قد شاع في الأوساط المسيحية أن المواطن المسيحي يبدو على ملامحه وسلوكياته مايميزه مثل التهذيب المبالغ في درجته والخجل الشديد إلى حد وصفه أنه من يسير دومًا جنب الحائط وصاحب انحناءة وحرص دائم على التدفئة بملابس ثقيلة والأهم تفضيله الهروب من اتخاذ مواقف لو كان الأمر يتعلق بنزاعات أو خلافات بين الناس على طريقة الفولكلور المصري " إبعد عن الشر وغنيله " أو " الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح "  .. وبالطبع لا يمكن القبول بمثل تلك المبالغات بشكل كامل وعام وفي كل الأحوال والبيئات ، والتي أعتقد أن للدراما الإذاعية و السينمائية منذ زمن الأبيض وأسود قد ساهمت بمبالغاتها بنية  طيبة في نشر تلك الصور الكاريكاتورية ، فالمصري اليهودي أخنف الصوت ( أصابه ضيق في تجويف الأنف فينطق الأصوات الأنفيَّة كالمزكوم يغلب على نُطقه الخَنَف )  وهو البخيل المقطر ، والمصري المسيحي هو الطيب المتسامح الأمين ، وعليه كان دومًا هو الصراف والجواهرجي و موظف الحسابات والصيدلي وكلها مهن محجوزة في الدراما للمواطن المسيحي و هو ما انعكس إلى حد ما في الواقع والعكس أيضًا .. ..
 
ولعل المؤسسة الدينية المسيحية ( الكنيسة ) قد ساهمت في دعم حالة المبالغة في تشكيل تلك السمات السلبية في الذهنية المصرية عندما تصور رجال الدين ( الإكليروس ) أن تكثيف الأنشطة الروحية والاجتماعية وتقديم الخدمات الإنسانية داخل الحرم الكنسي والمباني الملحقة بها في شكل مجتمعات مغلقة ، وأيضًا الإصرار من جانب الدولة والكنيسة معًا في اتفاق أزلي لأن تمثل الكنيسة المواطن المسيحي  في كل الأحوال وفي كل الظروف ، قد ساهم أيضًا في حالة الانسحاب المرضي من جانب المواطن المسيحي من المشاركة الاجتماعية والسياسية الجادة بحماس وإيجابية مثل الدخول في الأحزاب والتقدم للترشح في الانتخابات في مجالس النقابات والنوادي والأحزاب والجمعيات الأهلية وغيرها .. 
 
لقد كنت من بين هؤلاء الذين كتبوا ونبهوا لأهمية دور المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية بشكل عام  في دعم الروح الإيجابية لدى مواطنينا للمشاركة والتفاعل الجاد والوطني عندما يتطلب الأمر المشاركة وتلبية نداء الوطن على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية والإنسانية ، والأهم التركيز على تقويم السلوكيات بقدر هذا التركيز الهائل على تحفيظ وتعليم الطقوس التي أرى أن الاكتفاء باجترارها لن يحقق أي طفرات إيمانية وتعليمية وصلاح لبنية المجتمع وحدها ..
 
وليسمح لي القارئ العزيز أن أعرب عن خالص تقديري وإعجابي  لتعرض د. ناجي يوسف رئيس تحرير جريدة " الطريق والحق " لخطورة حالة السلبية لدى المواطن المسيحي ، والتنبيه على أنها تعد خطية في " المسيحية " و أضيف أيضًا أنها خطيئة سياسية أن ينعزل المصري عن واقع البلاد والعباد ..
وعليه ، اسمحوا لي بتذكير القارئ ببعض ماجاء بالمقال ..   
 
" مما لا شك فيه، ولا خلاف حوله كمبدأ، وواحدة من أخطر الآفات والمدمرات للتقدم والرقي وحل المشاكل على اختلاف أنواعها وأشكالها وأماكنها هي السلبية. ولعل أوضح وأبسط تعريف للسلبية بمفهومها الدارج البسيط هي أنك لا تعمل أو تقل شيئًا على الإطلاق تجاه حدث أو مشكلة أو قضية ما عندما يتوجب عليك أن تعمل أو تقول أو حتى تصمت صمتًا إيجابيًا مهدفًا، وكأنك لست من عالم الأحياء في شيء، فنحن جميعًا وفي معظم الأوقات لا نسمع ولا نرى ولا نتكلم كمن هم في عالم الأموات..." ..
 
لقد علمنا السيد المسيح ضرورة التفاعل واتخاذ المواقف والقرارات الإيجابية في كل ردود الفعل الأرضية .فالمجتمع في عصره نبذ المولود اعمي والأبرص والمرأة السامرية وغيرهم بنظرة سلبية مدمره محطمة بأشكال وطرق شيطانية ، .بينما الرب يسوع كان دومًا صاحب مواقف إيجابية  ، فالمراة السامرية لم يعاتبها الرب بطريقة سلبية بل قال لها حسناً قلتي ولم يجرحها ..! ولم يتعدي علي خصوصيتها او يألمها فهذه هي طريقة التفكير الايجابي البناء .توصيل المعلومة  للشخص بطريقة جيده حسب فكر المسيح فيتغير التفكير لتفكير ايجابي.