كتبت - أماني موسى
قال د. محمد طه، الاستشاري النفسي، أن المجتمعات الشرقية تنظر للرجل طوال الوقت على أنه جاني، ومن الممكن أن يكون الرجل ضحية أيضًا، والحقيقة دائمًا لها أكثر من وجه.

الرجال أقل ذهابًا للطبيب النفسي
وأضاف في لقاءه مع الإعلامي عمرو عبد الحميد ببرنامج "رأي عام" فقرة "شيزلونج" المقدم عبر شاشة TEN، أن الرجال غير مقبلين على ورش التأهيل النفسي، وكذلك الحال بالنسبة للتوجه للكشف لدى طبيب نفسي بخلاف النساء اللواتي يملكن شجاعة أكبر في هذا الشأن، لا يتغيروا بذات معدل وسرعة تغير النساء، والحقيقة أن هذا ليس لرفضهم التغيير، ولكن لأن مجتمعنا يقبل فكرة شكوى المرأة وبكاءها وطلبها للمساعدة، لكوننا نؤمن بأن لديها شيء ناقص وتحتاج لأن تكمله، لكن لا نقبل هذا من الرجل، وإذا ذهب رجل لعيادة طبيب نفسي سيشعره أقرانه بأن لديه شيء ناقص وأنه غير مقبول.

ومن هنا كما نرى في كثير من الأحيان أن الرجل جاني، هناك وجه آخر للحقيقة يقول بأنه ضحية، ومحروم من كثير من الحقوق النفسية التي يجهلها في معظم الأحيان.

وتابع طه، لدينا 5 أسباب تجعل من الرجل ضحية وهم على النحو التالي:
1- غير مسموح للولد بالبكاء: حيث يتربى الرجل منذ صغره بأنه مينفعش يبكي لأنه رجل، والحقيقة أنه طفل، وحتى الرجل البالغ يحق له البكاء والتعبير عن مشاعره الحزينة أو الغاضبة، متساءلاً: هو الرجل مش بني آدم وبيحس؟

2- غير مسموح له بالضعف: حيث يوصل المجتمع رسالة للرجل طوال الوقت مفادها أنه هو من يقدم الدعم وهو من يسند المرأة، ونسجنه في هذا الركن، أنت قوي طول الوقت وبتدعم الآخرين وغير مسموح لك بالضعف.

3- غير مسموح له بالتعبير عن مشاعره: سواء هذه المشاعر حب أو فرح أو حزن، والتعبير عن المشاعر يعد تهمة في مجتمعنا وتشبيه بالسيدات، فتجد الرجل غير قادر على التعبير عن مشاعر حزنه أو فرحه، طيب يعمل إيه؟

4- غير مسموح له بالمساعدة: لا نسمح له بالشعور بأنه محتاج لشخص يسمعه أو يطبطب عليه، غير مسموح له بالبكاء أو الضعف أو التعبير عن المشاعر أو طلب الدعم وإعلان احتياجه لدعم نفسي أو عاطفي.

5- الحياة تنقسم إلى فعلين BEING وDOING، والمجتمع قام بحصر المرأة طوال الوقت في فعل "أن تكون" والرجل في فعل "أن يفعل ويؤدي ويتحرك" وغير مسموح له بالاسترخاء، مطلوب منه طول الوقت أنه يكون في حالة حركة.

وأردف د. طه، أن الرجل يصل إلى مرحلة أنه يخاف أن يعلن عن الخمس أشياء السالفة الذكر وأنه شخص يبكي ويحتاج دعم، حتى لا يظهر بمظهر الضعف أمام من حوله.

دراسة: أكثر ما يشعر الرجل بالخزي هو الظهور بمظهر الضعف أمام المرأة
موضحًا أن هناك دراسة بحثية عن الشعور بالخزي، أكدت أن الرجل يجد أن أكثر شيء يشعره بالخزي أو العار هو أن يظهر بمظهر الضعف أمام المرأة، بينما قالت هذه الدراسة أن أكثر شيء يشعر المرأة بالخزي هو الظهور بمظهر غير جيد ورؤية الآخرين لمظهرها الخارجي.

كلمة "متعيطش أنت راجل" دي جريمة
وشدد طه ردًا على رسالة من أحدهم بأن زوجها يخبر ابنهم دائمًا بألا يبكي لأنه رجل، بأن كلمة "متعيطش أنت راجل" دي جريمة.. أنت إنسان طبيعي تشعر بالحزن أو الرغبة في البكاء.

وقال د. طه، أن بعض الرجال يستخدمون نصوص دينية في خارج سياقها لتبرير أفعالهم المؤذية تجاه النساء، مشيرًا إلى تخوف الرجال من التعبير عن ضعفهم حتى لا ينتقص ذلك من شكلهم أمام المرأة، وفي كثير من الأحيان لا يرغب الرجل برؤية امرأته ضعيفة أو تبكي أو تبوح بمشاعرها لأن هذا يعني التعاطف معها وربما التألم أو البكاء وهو لا يحب أن يظهر بهذا المظهر الضعيف، فتجد أن الكثير من المشكلات تصب في الأساسيات الخمسة التي غابت عن الرجل منذ طفولته.

كما أن الرجل يفضل استخدام العقل والمنطق واستبعاد المشاعر كنوع من الهروب من هذه الأزمة، ويلجأ للقسوة والعنف أحيانًا كستار نفسي يُصدّره الرجل لكي يبعد به عن مشاعره أو يهرب به من مشاعر الضعف أو الألم أو الفشل.

مشيرًا إلى أن هذه الصفات تخص الرجل الشرقي دون الغربي، إذ أن المجتمعات الغربية تتيح للرجل التعبير عن مشاعره أو حزنه أو طلبه للحضن أو الدعم، وذلك بخلاف الرجال في المنطقة العربية.

وعن علاقة الطفل ثم الرجل بأمه وتأثيرها على علاقاته النسائية، أكد د. طه أن علاقة الطفل بأمه تؤثر على علاقاته بشكل عام وليس علاقاته النسائية فقط، وهناك بعض النماذج في التربية تجعل منه ضحية في مرحلة الطفولة وجاني في مرحلة الرجولة، مثال الأم التي تتمتع بشخصية قوية جدًا فتلغي شخصية الابن، فيصبح جاني مع زوجته في المستقبل، وكذلك الأم التي تربي الابن على أن أشقائه البنات هم من يقمن بخدمته وهو لا يفعل أي شيء، فيصبح بالمستقبل من أسوأ ما يكون في علاقته بزوجته، وكذا الأم التي تستبدل زوجها بابنها فتجعل منه صديق ودعم ويؤدي وظيفة ليست وظيفته، وحين يرتبط هذا الشاب تبدأ الأم بالغيرة الشديدة من زوجة الابن، بل أحيانًا تسعى للتفرقة بين الزوجين.

مشددًا، علاقة الأم بابنها تشكل نفسيته وعلاقاته بالنساء فيما بعد، وعلاقاته في الحياة بشكل عام.