يبدو أن حقبة الأبوين الخارقين قد انتهت للأبد، حيث صار من الطبيعي الآن أن يترك الأب والأم المساحة للطفل من أجل القيام بمهام متعددة دون مساعدة، في ظاهرة تبدو مقلقة، إلا أنها صحية في واقع الأمر، فيما يمكن تسميتها بأسلوب كسل الأبوين التربوي.

كسل الأبوين المفيد

ربما يعتقد البعض أن نظام كسل الأبوين التربوي هذا إن جاز التعبير، يتماشى مع رغبة الأب والأم في الحصول على أوقات طويلة من الراحة فحسب، إلا أن الحقيقة تكشف عن قيام الأبوين بالكثير من الجهد المتلخص في المتابعة والمراقبة للطفل، كي يتيح ذلك الفرص للأطفال من أجل اكتشاف كل ما هو جديد في مناخ صحي.

ليس المطلوب أن يترك الأبوان الطفل ليخرج من المنزل دون عناية، أو ليشاهد التلفزيون ومواقع الإنترنت دون رقابة، بل يتطلب الأمر الحرص على ملاحظة أداء الطفل عندما يواجه التحديات المختلفة ولكن دون مساعدة، وفي بيئة صحية مناسبة لعمره، ما يحتاج إلى هدوء وثبات من الأبوين، وقدرة على الانتظار دون استعجال النتائج، حتى يفوز الطفل بالفوائد وراء تلك الطريقة التربوية.

فوائد متعددة للطفل والأبوين

تتعدد الفوائد التي يكتسبها الطفل مع حصوله على مساحة غير تقليدية من الحرية، حيث يعتاد الطفل من الصغر البحث عن متطلباته بنفسه، ما يؤهله لأن يصبح شخصا بالغا قادرا على تحمل المسئوليات دون قلق أو توتر، بعكس ما يحدث عند اعتماد الطفل على أبويه، إذ يعتاد هذا الأمر حتى مع بلوغ سن الشباب لتزداد معاناته يوما بعد الآخر.

الفائدة الأخرى التي لا تقل عن الفائدة الأولى، تتمثل في اكتساب الطفل للثقة بالنفس مبكرا، مع قدرته على الاعتماد على ذاته دون انتظار المساعدة من الآخرين، علاوة على أن كثرة محاولاته قبل الوصول للهدف، ستجعله يعتاد المحاولة رغم مواجهة الفشل مع التقدم في العمر.

على الجانب الآخر، ينعم الأبوان الكسالى في تلك الحالة بفوائد تعود على الطفل بالنفع في نهاية المطاف، إذ يعني قيام الطفل ببعض من المهام الموكلة بحكم العادة للأم، احتفاظها بالطاقة اللازمة التي ربما تساعدها على متابعة دروسه العلمية بما يحقق له الفائدة كطالب متفوق، ما ينطبق كذلك على الأب الذي ينصب تركيزه على العمل بما يسمح بتوفير كل ما يحتاجه الطفل الصغير، لذا يبدو سلوك كسل الأبوين التربوي مفيدا، فقط مع الحرص على حماية الطفل أثناء تعلمه.