مفيد فوزي
مصر صارت قوية، عفية، شامخة الرأس والمكانة بين دول العالم، الأمان مشروعها والاستقرار عنوانها.

هى وحدها القادرة أن تحرك مشاعرى وتجعلنى شاعرًا بربابة أطوف الطرقات وأتغنى بها. لكنى لست شاعرًا ضربتنى ذات لحظة موجة الشعر. ما أنا إلا كاتب يكتب نثرًا ويبدع حينًا ويفلس مرة أخرى. مازلت أكتب نثرى على ورق أبيض وبقلم حبر تحتضنه أصابعى. ولما كان حبها يملأ قلبى وكيانى وألتحف بسمائها وأشرب من ماء نيلها، ولعبت الكرة الشراب فى حواريها، وعرفت مذاق الحب فى ليلة قمرية، وتعلمت فى مدرستها الأميرية، وكان ينبوع المعرفة الذى أرتوى منه هو مكتبة البلدية، أردت وفاءً لها ولقدرها أن أرفع ما أكتبه نثرًا إلى مستوى القصيدة النثرية إن أذنت اللغة العربية. إنها مصر.. «اللى أحلف بسماها وبترابها».

■ ■ ■

مصر، قصة حب أسطورية غير قابلة للملل أو التصحر أو النسيان.

مصر، وشم لا يُمحى مع الزمن بل يزداد بريقًا ولمعانًا.

مصر، هى المسجد والكنيسة والأديرة، وداخلها يسجدون للرب الواحد فى خشوع.

مصر، هى التاريخ وهى الجغرافيا وهى اللقاء الحتمى بين الحضارات.

مصر، القلب الذى يستوعب حارة اليهود ودير مكارى وكل ملة تسبح لإله واحد.

مصر، النيل والصحارى والجبال والرمال والجزر والبحيرات، والعطاء.

مصر، هى الجيش الرابض على الحدود أرضًا وجوًا وبحرًا بكبرياء، رمز القوة والثبات. مصدر الطمأنينة والأمان وسر العزة والكرامة.

مصر، هى الأمن الذى تنام فيه عيوننا بلا قلق، ويلعب فيه أطفالنا لنصف الليل بلا قلق، ويتمناه السائح بلا قلق.

مصر، هى الجامعات والمعاهد التى علمتنا وعلمت أشقاءنا العرب، هى مراكز البحوث والمستقبليات لسنين قادمة.

مصر، هى العاصمة الإدارية والتطوير والتبصير وكل شبر يضاف بخرسانة وعلم وتكنولوجيا. رؤية قائد جسور مهموم بغد المصريين.

مصر، هى سواعد شبابها وعقول مفكريها وعطاء تراكم الخبرات فيها.

مصر، هى التى وجدت نفسها بعد ضياع، وقادها مسلم وسطى وطنى.

مصر، صارت قوية، عفية، شامخة الرأس والمكانة بين دول العالم، الأمان مشروعها والاستقرار عنوانها.

مصر، باستثناء المدن الكبرى، هى اللقمة واللمّة والسهراية والحضن الدافئ والأهل والخلان.

مصر، التى قال عنها د. سيد عويس «توليفة حب لا ينضب».

مصر، التى لخصها جمال حمدان «الإنسان. المكان. الزمان».

■ ■ ■

الدنيا.. على كف عفريت! ومصر ترقب.

أساطيل بحرية. طائرات نفاثة وأحيانًا طائرات بلا طيار. على مدفعية وقناصة وجنود فى ملابس ميدان!، الكل على استعداد، هل نحن على أبواب حرب جديدة؟.. مصر ترقب.

هل فقد العالم رأسه ففقد صواب الاتجاهات؟

مصر ترقب ما يجرى، والأصابع على الزناد إذا مسّها مكروه. تهديدات. تسريبات. تصريحات. تصعيدات. ومصر ترقب.

وزير الاتصالات والمعلومات الإيرانى يصف ترامب بأنه «إرهابى يرتدى بدلة». البرلمان العراقى طالب الحكومة بالعمل على إنهاء تواجد أى قوات أجنبية فى الأراضى العراقية، ومنعها من استخدام الأراضى العراقية لأى غرض، ومصر ترقب وتحذر من التدخل العسكرى التركى فى ليبيا.

ترامب: سنقصف ٥٢ هدفًا فى إيران.

طهران: سنرد باستهداف مواقع عسكرية.

ومصر ترقب.

حتى رسام «المصرى اليوم» الذى يعبر عن الحس الشعبى، عمرو سليم، رسم مريضًا يقول: «عندى شيزوفرينيا يا دكتور. باكره أمريكا والبلطجة الأمريكية، وفى نفس الوقت فرحان إنهم اغتالوا قاسم سليمانى»!.

ولاتزال الصحف تعلق فى مانشيتات حمراء. طبول الحرب تدق بين طهران وواشنطن، ومصر ترقب وتراقب، وعلى الجانب الآخر: شعب وجيش ليبيا مستعدان لمواجهة الغزو التركى.

ومصر- مفتوحة العينين والأذنين- تراقب ما يجرى.

مصر «السيسى» صخرة، قوة تبيد من على الأرض أى اقتراب من كيانها. مصر «السيسى» على استعداد، فالمعارك واحدة، وكنا ومازلنا نضرب الإرهاب فى خندقه.

■ ■ ■

المصريون البسطاء عيونهم شاخصة إلى الشاشات التى تنقل «صوتا وصورة» أصوات طبول الحرب، رغم أصوات قليلة تطالب بحلول سياسية. وطلقة نار واحدة ستهيئ مسرح الحرب للقتال الشرس. لأنها حرب انتقامية. صحيح أن النفط أحد أسبابها فى الخلفية، ولكن طهران قد تغامر رغم أن الملالى فى أكبر أزمة، والإيرانيون يعانون فى الداخل.

المصريون البسطاء، أى الكتلة السكانية الأكبر، فى ظهر القيادة السياسية والعسكرية.

إنهم يدركون أى أعباء يتحملها الرئيس من سيناريوهات محتملة.

إنهم يبلعون الأخطاء الصغيرة للإدارة فى مصر.

إنهم يتسامحون لأن طبول حرب تدق بلا هوادة.

إنهم- بوعى فطرى- يجبرون بخاطر مصر.

إنهم- بحسابات شعبية- يؤجلون الشكوى
من الغلاء.

إنهم يتحولون إلى سبيكة واحدة فى وجه الشمس.

إنهم يعلمون- من تجارب العمر- أن الحروب تكسر عظام الشعوب.

إنهم فخورون بأن النظام المصرى أكثر أنظمة المنطقة استقرارًا وقوة، فالاختلافات مع الأنظمة علامة صحية على قوتها.

■ ■ ■

مصر، ترتفع إلى قامة المسؤولية، آخر سطورى فى القصيدة النثرية.
نقلا عن المصري اليوم