مراد وهبة
في الاحتفال الذي تم تنظيمه بقصر القبة الرئاسى بمناسبة تنصيبه رئيسًا للجمهورية في 8/ 6/ 2014 قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: «إن الوطن عاش فترة عصيبة قبل 30 يونيو هددت بحرب أهلية واستخدام خاطئ للدين». ثم قال: «يجب تجديد الخطاب الدينى وعدم تشويه الإسلام'> دين الإسلام». ثم استطرد قائلًا: «كان الشعب مهددًا بالتقسيم بعد ثورة 25 يناير ولكن قامت ثورة 30 يونيو لتصحيح المسار».

وأظن أن الفكرة المحورية في هذه المقتطفات تكمن في أن الإخوان المسلمين الذي استولوا على السلطة نادوا بخطاب دينى ينسف ثورة 25 يناير ويفكك الدولة ويعود بها إلى عصر القبيلة.

وفى 10/6/2014، أي بعد يومين من إلقاء الخطاب اجتمعت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وبعثت برسالة إلى الرئيس السيسى جاء فيها أن الأزهر «لن يدخر جهدًا في ضبط الخطاب الدينى وضبط الفتوى وتأهيل رجالها وفق رسالة الأزهر ومنهجه الوسطى».

والسؤال بعد ذلك:

هل ثمة فارق بين تجديد الخطاب الدينى وضبط الخطاب الدينى؟.. ولكن يلزم إثارة سؤال من ذلك السؤال:

ما معنى الخطاب الدينى؟.. هل ثمة فارق بين النص الدينى والخطاب الدينى؟.


النص الدينى، وبالأخص في الأديان الإبراهيمية الثلاثة، هو مقدس وموجه إلى الانسان. وحيث إن الانسان يتميز بأن له عقلا وظيفته الفهم فمعنى ذلك أن الانسان يريد أن يفهم بعقله ما آمن به من نصوص مقدسة، أي أنه يريد أن يعقل الإيمان. فإذا كان له ما يريد قال «أؤمن لأتعقل» وإذا فشل فيما يريد قال: «أؤمن لأنه غير معقول». وما على المؤمن بعد ذلك إلا أن يحسم الاختيار بين القوليْن. وهو في الحالتين ينتقل من النص الدينى إلى الخطاب الدينى، أي أن الخطاب الدينى وارد في القوليْن، وهو عندما يكون كذلك نكون عندئذ قد انتقلنا من نص إلهى إلى فهم بشرى للنص الإلهى. وتأسيسًا على ذلك يمكن القول إن ضبط الخطاب الدينى يعنى أن ثمة خطابًا قائمًا وحدث له أن تفكك، والمطلوب بعد ذلك أن نعيد ما تفكك إلى أصله الذي كان قبل أن يتفكك. أما تجديد الخطاب الدينى فيعنى إجراء تغيير جذرى في الخطاب الدينى القائم. والخطاب الدينى القائم والسائد هو خطاب جماعة الإخوان المسلمين الذي أرادت فرضه على الدولة والمجتمع، وهو خطاب مشتق من فكر الفقيه ابن تيمية من القرن الثالث عشر والذى يرفض إعمال العقل في النص الدينى، ومن ثم يرادف بين العقل والحس وينتهى إلى السمع والطاعة بدعوى أن السمع هو أصل الحواس الخمس، وبذلك يصبح المجتمع هو مجتمع القطيع. وعلى النقيض من ابن تيمية ابن رشد الذي يلح على مشروعية إعمال العقل في النص الدينى. وإذا كان ذلك كذلك فالأمر بعد ذلك يكون بتجديد الخطاب الدينى وليس ضبطه، وبشرط أن يتم هذا التجديد برؤية مستقبلية محكومة بالعلمانية دون الأصولية لأن العلمانية هي جوهر الكوكبية التي هي أعلى مراحل الثورة العلمية والتكنولوجية، وهى على النقيض من الأصولية. وبغير ذلك يكون التجديد وهمًا.
نقلا عن المصرى اليوم