كتب – روماني صبري 

 تحل اليوم 17 فبراير ذكرى رحيل الكاتب المسرحي الشهير " جون بابتيست بوكلان"، المعروف بـ"موليير"، حيث كان غيبه الموت في مثل هذا اليوم عام 1673 م، وبرع موليير في كتابة المسرحيات الكوميدية، ما دفع باسمه آنذاك إلى واجهة رواد الأعمال الهزلية، فضلا عن كونه الأب الروحي للكوميديا الراقية، والتي لمست الفنان الراحل نجيب الريحاني ما جعله يتخذه عرابه في المجال الفني، وتزخر مسيرته بإرث فنيا استثنائيا كونه شارك في 95 مسرحية منها 31 من كتابته.
 
البداية 
شهد عام 1622 ولادة موليير في العاصمة الفرنسية باريس، درس موليير المواد الكلاسيكية في كلية كليرمونت اليسوعية وكان لهذه الكلية أثرا كبيرا في ثقل موهبته وتكوين شخصيته،إذ تعلم فيها مبادئ العلوم الأساسية والفلسفة، إلى جانب دراسته اللغة اللاتينية التي مكنته من قراءة الأعمال المسرحية التي نشرت آنذاك، كما درس موليير القانون الذي مكنه من امتهان المحاماة، ولكن بسبب حبه للمسرح ترك مجال القانون وتفرغ للمسرح.

 
لماذا غير جون بابتيست بوكلان اسمه  ؟ 
التقى موليير بعد ذلك بـ"مادلين بيجارت" ممثلة صغيرة، وظل على علاقة معها حتى غيبه الموت، ولطالما تكبد مشقة نظرة الأغلبية للمسرح في عصره بان رجال المسرح تعرفهم الخطايا ويعيشون حياة الفجر والفسق، حتى قرر "جان بابتيست بوكلان" تغيير اسمه إلى "موليير" ليرفع الحرج عن أسرته.



 
أسلوبه المسرحي 
برع موليير في تصوير الشخصيات وبالأخص في تكوين المواقف الحياتية والغوص داخل المشكلات التي تطفح بحياة البشر فتجعلهم حزانى إلى جانب قدرته على الإضحاك، ويظهر ذلك في مسرحياته الشهيرة ومنها مدرسة الأزواج عام 1661، مدرسة الزوجات 1662، طرطوف 1664، طبيب رغم انفه 1664، البخيل 1668، عدو البشر، النساء المتعلمات، المريض بالوهم، امفيتيريون واقتبسها من مسرحية الشاعر اللاتيني بلاوتس.
 
سبب صراعه مع الكنيسة 
في مسرحيته طرطوف، سلط موليير الضوء على الأشخاص الذين يستخدمون الدين من اجل تحقيق مصالح شخصية، ما اسماه (النفاق الديني)، ما زاد الغضب عليه من قبل رجال الكنيسة كون الكنيسة كانت تعتبر الفنون وقتها من الشيطان لذلك أمرت بان يدفن دون إجراء الطقوس الدينية الخاصة بالموتى بحسب تعاليم الديانة المسيحية عليه... في ذلك الوقت نادى احد القساوسة بحرقه حيا لكن باءت محاولاته بالفشل بعد تدخل ملك فرنسا  "لويس الرابع عشر" لحمايته، ورغم قمع رجال الدين له نجح موليير النهوض بالمسرح الأوروبي حيث اقتبس ابرز مخرج المسرح من مسرحياته نهاية القرن التاسع عشر.
 
للمرأة الحق في اختيار زوجها 
شهد عام 1662 عرض مسرحيته الكوميدية الخالصة " مدرسة الزوجات" لأول مرة وتسببت المسرحية  في أزمة بسبب موضوعها الذي هز الجمهور وجعله يعتبرها دليل على أن موليير ليس عنده شيء مقدس، كونها انتقدت  تقاليد اجتماعية كانت راسخة في المجتمع الفرنسي، رغم أن نقاد كبار اعتبروها من أحسن مسرحياته، والمسرحية تنتمي للكوميديا الراقية، وفيها دافع موليير عن النساء وفي حقهم في اختيار زواجهم، الأزمة التي سببتها المسرحية عرفت باسم " نزاع مدرسة الزوجات"، وبنيت المسرحية على مسرحية كتبها المؤلف "بول سكارون" اقتبسها من رواية إسبانية،  نجاح المسرحية جعل كتاب آخرين أن يحسوا بالغيرة من موليير وحتى الكاتب الكبير كورنيل بدأ بكتابة تراجيديات يستهزئ فيها منه. 
 
حياته الأسرية 
في عام 1662 تزوج موليير بيجارت وأنجبا طفلا لكن سرعان ما عرفه الموت قبل أن يتم عامه الأول، حتى ابنه الآخر مات أيضا بعد معموديته.
 
 
تجربة المرض 
ألمت تجارب قاسية بحياة موليير إلى جانب موت أبناءه حيث أصيب بالسعال الحاد وعلى حين فجأة ومضت فكرة بعقله وهي تحويل سعاله إلى مواقف كوميدية وهو يمثل على المسرح، ليشرع بعدها في المغالاة بالسعال حين تنتابه نوبة السعال الشديدة ما جعل المسرح يضج بضحكات الجماهير، تدهورت صحته مع مرور الأيام وفي عام 1671 كتب مسرحية "خيانات إسكابان" الشبيهة بمسرحياته القديمة لكنها رغم ذلك أصابت نجاحا عظيما وبعد انقضاء عامين وفيما هو يمثل مسرحيته الأخيرة "المريض الوهمي" أصابته نوبة قاسية مات على إثرها في نفس اليوم.