سعيد شعيب يكتب: ميليشيات اردوغان لتأديب المعارضين وذبح المسيحيين

أصبح اردوغان ودولته جزء من الدين
المفتي تركيا يعطي مشروعية دينية تلميحا لقتل معارضي اردوغان
تركيا ترتكب جرائم ضد كل الأقليات، ومنها المسيحيين
  يقول الإخوان وعموم الإسلاميين انهم يطالبون بالحرية والديمقراطية، وان  تركيا واحة "الحرية والعدل" وان رجب طيب اردوغان هو الحاكم المسلم النموذجي الذي يؤسس "دولة الإسلام" .. الى درجة ان هناك من كتب لي على الفيس بوك : كيف تكون مسلماً وتهاجم اردوغان"، فقد اصبح اردوغان ودولته جزء من الدين في رأيهم.  فهل صحيح ان تركيا في عهد اردوغان واحة للحرية وان المعارضة تعيش ازهي عصورها؟ 

في سبتمبر 2015 ، هاجمت مجموعة غاضبة من محبي حزب العدالة والتنمية بالعصي والحجارة،  مقر صحيفة حريت ، أكبر صحيفة في تركيا . وكانوا يهتفون : "الله أكبر .. الله أكبر!"، كما  لو كانوا في حرب دينية. كان نائب حزب العدالة والتنمية في اسطنبول ورئيس فرع الشباب في حزب العدالة والتنمية ، عبد الرحيم بوينوكالين ، في الحشد. وأعلن على حسابه على تويتر "نحن نحتج على أخبار كاذبة أمام حريت ونقرأ القرآن لشهدائنا".

 بعد شهر ، هاجم أحمد هاكان ، وهو كاتب عمود بارز في صحيفة حريت ومقدماً في شبكة CNN-Türk ، أربعة رجال كانوا يستقلون سيارة سوداء. تم علاج هاكان من كسر في الأنف والأضلاع. قبل بضعة أشهر فقط من تلك الحوادث ، اتهم أردوغان مالك صحيفة حريت بأنه  "من محبي الانقلاب" ووصف الصحفيين في الجريدة بأنهم "مشعوذين" .

  المفتي  أحمد التوك  برر مذبحة مجلة شارل ابدو الفرنسية في عام 2015 التي قامت بها داعش، فشبه الصحفيين في المجلة ب "كعب بن الأشرف" (احد الذين عارضوا النبي محمد وكما تقول المرويات الإسلامية كان يشتمه ويسخر منه، فقتله النبي).

 هذا يعني ان داعش فعلت ما فعله سيدنا النبي (طبقاً للمرويات العربية التي لا اصدقها)، وبالتالي فالمجرمين ليسوا مخطئين على الإطلاق. كما ان هذا المفتي يعطي مشروعية دينية تلميحا لقتل معارضي اردوغان، مثلما قتلت داعش الصحفيين في شارل ابدو.

 هل الذين يعتدون جسدياً على معارضي اردوغان مجرد مجموعات متحمسة؟  في أكتوبر 2016 ، أصدرت مديرية الشؤون الدينية في تركيا ، أو "ديانيت" ، تعميماً لتشكيل "فروع الشباب" في عشرات الآلاف من المساجد. البداية ستكون في  1500 مسجد. و الخطة تتضمن 20.000 مسجد  بحلول عام 2021 ، وفي النهاية سيكون هناك 45000 مسجد فيها فروع لهؤلاء الشباب ، فيما يشبه "ميليشيا المساجد".

 هناك ايضاً جماعة البرين، وهي جماعة مؤيدة بشدة لأردوغان هددت بالإعتداء على  "مسيرة فخر" لمثلي الجنس السنوية في اسطنبول. قال رئيسها كارزات ميكان ، Kürşat Mican: "لن نسمح للمتحللين بالقيام بأوهامهم على هذه الأرض، في هذه المدينة المقدسة التي سالت فيها دماء أسلافنا ... لسنا مسؤولين عن ما سيحدث”. وبدلاً من معاقبة المهدديين من المثليين، قام مكتب حاكم إسطنبول  بحظر المسيرة.

 مرة أخرى ، في عام 2016 ، احتج أعضاء البرين خارج أحد المعابد اليهودية الأكثر أهمية في اسطنبول، للتنديد بالإجراءات الأمنية التي نفذتها اسرائيل  بعد ما يسمونه الهجوم على المسجد الأقصى، والذي أسفر عن مقتل اثنين من ضباط الشرطة الإسرائيلية.  وقالت البرين "إذا منعتنا اسرائيل من حرية العبادة هناك [في المسجد الأقصى في القدس ] فسنمنع  العبادة  هنا [في كنيس نفيه شالوم في إسطنبول ]" ، وقال بيان  البرين: "إخواننا [الفلسطينيون] لا يستطيعون الصلاة هناك. إن أجهزة الكشف عن المعادن تضايق إخواننا". ركل بعض شباب ألبيرن أبواب الكنيس وألقى آخرون الحجارة على المبنى.

 السؤال المنطقي لماذا يتحمل مواطنين يهود اتراك ذنب ما يفعله يهود في اسرائيل؟ 
 زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض  كمال كيلوغدر اوغلو ، تعرض لهجوم  شديد وعندما احتمى باحد المنازل حاول المهاجمين احراق المنزل. تم إطلاق سراح المهاجم عثمان ساريجون فور اعتقاله لفترة قصيرة. هرع عشاق أردوغان إلى مزرعته لتقبيل يديه.كان بطلاً.

 من الواضح أن كل حالة من حالات العنف السياسي التي تفلت من العقاب، ترتكب الجرائم نيابة عن أيديولوجية الدولة المهيمنة (الإسلامية) وزعيمها المقدس (أردوغان). تم نقل أحد الصحفيين الذين ينتقدون حكومة أردوغان وحلفائها إلى المستشفى بعد تعرضه لهجوم خارج منزله من خمسة أو ستة أشخاص بمضرب بيسبول.

 جوكنور دامات Göknur Damat ، اصيبت بسرطان الثدي. في عام 2017 ، ظهرت في برنامج تلفزيوني، وقالت وهي تبكي للجمهور إن أطبائها قالوا إنها لن تعيش أكثر من ستة أشهر. تلقت دعوة للقاء الرئيس، الذي وصفها بعد ذلك ب"ابنتي ". ونجت من السرطان.  لكنها ارتكبت خطأ. تبرعت بـ 20 ليرة (حوالي 3.50 دولار) للحملة الانتخابية لمرشح المعارضة الذي الذي فاز في انتخابات  عمدة اسطنبول.  سأل الآلاف من محبي أردوغان ، "كيف تبرعت ابنة رئيسنا للمعارضة ..."وكانت النتيجة طعنها بالكسين في ساقها، ولم يتم العثور على المهاجم .

 فكما ترى ان "دولة اردوغان الإسلامية الإخوانية" لا تكتفي بالتضييق على المعارضة، ولكنها تمارس العنف الجسدي ضد المعارضين، فهل هذه هي الدولة التي يريدها لناالإخوان وعموم الإسلاميين؟ وهل تعتقد اخي المسلم ان هذه هي "الدولة" التي تحلم بالعيش فيها؟
لا اظن.

 هذه الدولة التي اركتب وترتكب جرائم ضد كل الأقليات، ومنها المسيحيين،نعم المسيحيين الأتراك. بعد  بعد محاولة الانقلاب الفاشلة،  بدأت بالإبادة العرقية ضد الأقلية المسيحية، حرق كنائس وتخريب في ظل منع الإعلام المعارض من نقل الصورة كاملة.  في نفس الوقت يحرض إعلام أردوغان وميلشياته ضدهم ،  بنشر صورة نمطية سلبية عنهم، مثل كونهم فاحشي الثراء وطابورا خامسا وغير وطنيين. ففي سنة 2010 كشفت دراسة لمعهد "بيو" أن 6 بالمئة فقط من الأتراك لديهم نظرة إيجابية للمسيحية.

 في مدينة طرابزون، الواقعة في شمال شرق تركيا على ساحل البحر الأسود، اقتحمت مجموعة من الأشخاص كنيسة السيدة العذراء، وقامت بتخريبها. في مدينة ملطية هاجمت حشود من المسلمين كنيسة المدينة، وكسرت نوافذها. ونقلت صحيفة ديلي إكسبرس البريطانية عن القس تيم ستون أن الكنيسة كانت الهدف الوحيد للمهاجمين على مدى الأيام الثلاثة الأولى التي أعقبت عملية الانقلاب. وأضاف القس ستون “ما حدث يذكرنا بالهجوم على دار لنشر الكتاب المقدس في ملطية في عام 2007، وقام خلاله خمسة أشخاص من المسلمين بتقييد ثلاثة موظفين مسيحيين وقاموا بتعذيبهم وذبحوهم”.  وسبب هذه الهجمات  وفق بعض المراقبين أن أنصار حزب العدالة والتنمية، يعتبرون المسيحيين من "العلمانيين الرافضين" للحزب الحاكم ذي الخلفية الإسلامية"، وبالتالي هم من مؤيدي الانقلاب.

 يؤكد القس في الكنيسة الأنغليكانية في اسطنبول، كانون ايان شروود، أن الكثير من المسيحيين بصدد محاولة مغادرة البلاد. وأضاف “لا ننسى أنه تم قتل قس من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وتم تهديد رجال دين، ومنذ عشر سنوات قتلوا كاهنا.

 أكد برنامج المسح الاجتماعي الدولي عام 2010 ، أن أكثر من نصف الأتراك يرفضون أن يتحدث المسيحيون عن معتقداتهم في الاجتماعات العامة، كما أن أكثر من نصف الأتراك يعارضون خدمة المسيحيين في الجيش والأجهزة الأمنية وقوات الشرطة والأحزاب السياسية .

  وصف سفير الفاتيكان في اسطنبول المطران روبن تييرّابلانكا غونزاليس وضع المسيحيين في تركيا بأنه صعب جدا بعد فشل الانقلاب. وأضاف  أن “هذا المناخ يخلق حالة من العنف. الناس خائفون، وهو ما يمكن ملاحظته في كل مكان،  هناك رجال دين لا يخرجون من بيوتهم خوفا من الغوغائيين الذين يهاجمون من يظنون أنهم أيدوا الانقلاب”.

 يهاجم الليبراليون والخصوم السياسيون في تركيا، على حد سواء، أجندة السياسة الإسلامية المحافظة لحزب العدالة والتنمية، مشيرين إلى أن البلاد تتجه نحو التعصب الإسلامي، وقد ادعت الحكومة التركية أنها تحسن حماية الأقليات، لكن على الأرض هذا غير صحيح.   تراجعت الأقلية المسيحية من 22 في المئة إلى 0.2 في المئة من السكان. والحكومة نفسها ألغت قداسا سنويا يقام في الخامس عشر من أغسطس في الدير التاريخي بناجا سوميلا .

كان القس الأمريكي أندرو برونسون والمبشر الأمريكي الكندي ديفيد بيل من بين العديد من رجال الدين المسيحيين الذين وقعوا ضحية كره تركيا للمسيحية. وبحسب كلير إيفانز ، المدير الإقليمي لمنظمة "كريستيان كونسيرن إنترناشيونال" ، فإن "تركيا توضح بشكل متزايد أنه لا يوجد مكان للمسيحية ، رغم أن الدستور ينص على خلاف ذلك".

 تعتبر الإبادة الجماعية المسيحية التي وقعت في 1913-1923 عبر تركيا العثمانية والمذبحة المناهضة لليونان في عام 1955 في اسطنبول من أهم الأحداث التي أدت إلى تدمير المجتمع المسيحي القديم في البلاد. البروفيسور علي كاركوغلو ، الأستاذ بجامعة كوتش ، الذي أجرى دراسة استقصائية عن "القومية" مع البروفيسور إرسين كالايجي أوغلو من جامعة سابانجي، يقول إن أغلب الأتراك يعتبرون أنفسهم مسلمين أولاً. ولا يوجد شيء في تاريخهم يجب أن يخجلوا منه. فهم لا يشعرون بأنهم قريبون من أوروبا أو الشرق الأوسط ؛  لا نقد ذاتي على الإطلاق ".

 لقد تم قتل الأسقف لويجي بادوفيس، النائب الرسولي في الأناضول ، تركيا ، في عام 2010 من قبل سائقه، الذي صرخ "الله أكبر" وهو يذبح الكاهن. في اليوم الذي أعقب إطلاق سراح القس الأمريكي أندرو برونسون من السجن التركي ، احتجزت السلطات التركية مسيحي آخر كان يعيش منذ ما يقرب من عقدين في البلاد، وأخبرته بأن لديه أسبوعين لمغادرة البلاد، دون زوجته وثلاثة الأطفال.  الإنجيلي الأمريكي الكندي ، ديفيد بيلي ، تعرض للاعتقال  والترحيل ثلاث مرات، لكن القضاء أنصفه. لكن هذه المرة غادر البلاد بعد يومين في مركز احتجاز، عندما حاول العودة إلى عائلته في تركيا منعوه من الدخول مرة أخرى.

 برونسون وبيلي من بين العديد من رجال الدين المسيحيين الذين وقعوا ضحية كره تركيا للمسيحية. في تقاريرها السنوية حول انتهاكات حقوق الإنسان، التي يتم نشرها منذ 2009، تشرح رابطة الكنائس البروتستانتية التركية تفاصيل التمييز المنتظم الذي يتعرض له البروتستانت، بما في ذلك الهجمات اللفظية والبدنية. لا تعترف الحكومة التركية بالمجتمع البروتستانتي "ككيان قانوني" ، وتنكر عليه الحق في إنشاء أماكن العبادة وصيانتها بحرية.لا يستطيع البروتستانت في تركيا فتح مدارسهم الخاصة أو تدريب رجال دين لهم ، مما يجبرهم على الاعتماد على رجال دين أجانب، لكن تم منع كثير منهم من الدخول، وإذا دخلوا يتعرضون للترحيل. 

 على الرغم من أن الأنشطة التبشيرية  قانونية وفقا للقانون الجنائي التركي ، إلا أن الرعايا الأجانب والمواطنين الأتراك الذين اعتنقوا المسيحية يعاملون على أنهم منبوذون من قبل السلطات ومعظم الجمهور.  في عام 2001 ، بعد تلقي تقرير من منظمة الاستخبارات الوطنية التركية ، أعلن مجلس الأمن القومي أن الأنشطة التبشيرية المسيحية تمثل "تهديدًا أمنيًا" ، وذكر أنه "يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد أنشطة تكرس الانقسام والتدمير."
 حتى غرفة التجارة في أنقرة  في عام 2004 ، أصدرت تقريرا يزعم أن "الأنشطة التبشيرية تثير التطلعات الانفصالية العرقية والدينية وتستهدف البنية الموحدة للدولة". في عام 2005 ، قال وزير الدولة محمد أيدين: "نعتقد أن الأنشطة التبشيرية [المسيحية] تهدف إلى تدمير الوحدة التاريخية والدينية والوطنية والثقافية ... وهي تعتبر حركة مخططة للغاية ذات أهداف سياسية".

 في عام 2006 ، نشرت القوات المسلحة التركية تقريرا يشير إلى المبشرين المسيحيين  "تهديد" وأكد على ضرورة وضع اللوائح القانونية لمنع أنشطتهم. وفي نفس العام ، قال علي بارداكوغلو ، الذي كان آنذاك رئيس لجنة الشؤون الدينية التي تمولها الحكومة: من واجبنا تحذير الناس من المبشرين، فهم يهددون المجتمع".  في عام 2007 ، قال نيازي غوني ، وهو مسؤول في وزارة العدل، إن "المبشرين أكثر خطورة من المنظمات الإرهابية".

  مثل هذا الاستنكار العلني للمبشرين المسيحيين كان له نتائج ملموسة ومدمرة. ففي عام 2006 ، على سبيل المثال ، تعرض رئيس كنيسة بروتستانتية كميل كيرلو ، وهو مسلم اعتنق المسيحية ، للضرب على يد خمسة رجال ، صرخ أحدهم قائلاً: "ارفض يسوع أو سأقتلك الآن" ، وصاح آخر: "نحن لانريد المسيحيين في هذا البلد! وفي عام 2006 أيضًا ، قُتل الأب أندريا سانتورو ، وهو كاهن روماني كاثوليكي يبلغ من العمر 61 عامًا ، أثناء الصلاة في كنيسة سانتا ماريا في ترابزون. وبعد خمسة أشهر ، تعرض كاهن يبلغ من العمر 74 عاما ، هو الأب بيير فرانسوا رينيه برونيسن ، للطعن والجروح في سامسون. وقال مرتكب الجريمة إنه ارتكب الفعل ضد الكاهن للاحتجاج على "أنشطته التبشيرية".

 في أبريل  2007 ، تعرض ثلاثة مسيحيين للتعذيب حتى الموت في مجزرة في بيت الكتاب المقدس. في نفس العام ، تم اختطاف القس الآشوري، إديب دانيال سافسي. بعد شهر واحد ، طعن كاهن كاثوليكي ، أدريانو فرانشيني، خلال خدمته في الكنيسة. ويقال إن الكاهن "متهم بأنشطة تبشيرية" من قبل بعض المواقع. في يونيو 2010 ، تم قتل الأسقف لويجي بادوفيس ، النائب الرسولي في الأناضول، على يد سائقه ، الذي صرخ قائلاً: "الله أكبر".

 المسيحية لها تاريخ طويل في آسيا الصغرى (جزء من تركيا المعاصرة )،  اليوم ، فقط حوالي 0.2٪ من سكان تركيا البالغ عددهم حوالي 80 مليون نسمة هم مسيحيون. تعتبر الإبادة الجماعية المسيحية التي وقعت في 1913-1923 عبر تركيا العثمانية والمذبحة المناهضة لليونان في عام 1955 في اسطنبول، من أهم الأحداث التي أدت إلى تدمير المجتمع المسيحي القديم في البلاد.

 يشرح الدكتور بيل وارنر ، مدير مركز دراسة الإسلام السياسي، السبب أنهم يعتبرون المسيحيين كفارا وبالتالي يمكن أن يتعرضوا  للسرقة والقتل والتعذيب والاغتصاب والسخرية واللعنة والإدانة والتآمر. يصف وارنر أيضا تدمير الحضارة اليونانية المسيحية في الأناضول: لقد استغرقت الإبادة قرونا.  عندما غزا العثمانيون كان "أهل الكتاب" (المسيحيون واليهود) يعيشون في ظل "الدولة الإسلامية" كذميين،  يدفعون ضرائب باهظة، ولا يدلون  بشهادتهم في المحكمة، لا يستطيعون حمل السلاح وهم في الدرجة الثانية بعد المسلم في كل الحقوق.   وبعد قرون على الرغم من حقيقة أن الدستور التركي لا يستند إلى الشريعة فإن تفكير وسلوك معظم الأتراك لا يزال "إسلامياً" إلى حد كبير. 

  بعد غزو تركيا واحتلالها لشمال قبرص،  وفقاً لتقرير صادر في عام 2016  عن وزارة الخارجية القبرصية تم تخريب أكثر من 550 كنيسه يونانية أرثوذكسية و مصليات وأديرة، وفي بعض الحالات، تم الهدم. وكثير من الأماكن المسيحية تحولت إلى مساجد ومستودعات. هذا بالإضافة إلى تخريب وتدمير الكنائس الأرمنية المارونية والكاثوليكية في قبرص، كما هو الحال مثلا في دير الأرمن سورب ماغار في هالفكة والدير الماروني للنبي إلياس في سكايلورا ".

 ما سبق يؤكد أنه ليس هناك فرق كبير بين الخلافة العثمانية وبين دولة أتاتورك وبين دولة الإخوان في تركيا، جميعهم يضطهدون الأقليات، ومنهم المسيحيون واليهود ويعتبرونهم خطراً على "وحدة الدولة" التي تستند إلى الإسلام. لذلك يمكننا القول إن دولة أتاتورك كما سبق وأوضحت ليست علمانية، ولكنها في عمقها دولة قومية دينية ديكتاتورية بطلاء حداثي.

  إذا تأملت دولة الخلافة ودولة أتاتورك ودولة الإخوان الحالية، وإذا رجعت إلـى داعش، فقد فعلت بالظبط ما فعلته تركيا في مراحلها الثلاث، وإن كانت مرحلة الإخوان أشد قسوة. لقد دمرت داعش المتاحف والمساجد والكنائس والمواقع الأثرية في سوريا والعراق، واعتبرت اليونسكو  هذا التدمير المتعمد للتراث الثقافي "جرائم حرب" .

اخي المسلم هل هذه هي "الدولة الإسلامية الإخوانية" التي تحب العيش فيها؟ 
لا اظن.
فصل من كتاب "إسلام اردوغان" صادر عن دار الهلال
سعيد شعيب المدير التنفيذي للمعهد الكندي للدراسات الإسلامية