سحر الجعارة
كنت أود أن تعفينى الدكتورة «سعاد صالح»، أستاذة الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية فى الأزهر'> جامعة الأزهر، من التصدى للسخافات التى ترددها والفتاوى التى يعلوها الصدأ، وهى تتدثر بعباءة «التراث المقدس» وتختبئ خلف «حصانة الأزهر».. لكنها أول من بدأ «مزاد الاعتذارات» حتى وصل إلى كبير كهنة السلفية «أبوإسحاق الحوينى».

أعلنت «صالح»، قبل عدة أعوام، اعتذارها عن الفتوى التى صدرت عنها حول جواز معاشرة البهائم.. وسجلت الاعتذار أولاً للمذيع والقناة (بأسلوب النقوط فى الأفراح الشعبية)، وثانياً للأزهر جامعاً وجامعة.. وأخيراً تذكرت «المشاهد البائس» الذى حللت له سبى النساء ومعاشرة البهائم وتقبُّل النصب والاحتيال بمنح شرفه لفتاة قامت بترقيع «غشاء البكارة».. إنه «سوبر ماركت الفتاوى»، ودكتورة «سعاد» تملك الفتوى ونقيضها، وتحتكر -حصرياً- حق التراجع فى فتواها أمام المجتمع والرأى العام.. ربما لأنها ضمنياً تعتبر أن المرأة حتى لو كانت أستاذة جامعية (مالهاش كلمة)!

من حق «صالح» أن تغضب من الصحافة التى تشوه صورتها، ومن حقنا أن نلعن -فى كل أذان- من شوه صورة الإسلام، وأن نقول بأعلى صوتنا: «اعتذاركم مرفوض»، لأن «الشهداء لا يقبلون الاعتذار» فقد نشرتم الكراهية وأرقتم الدماء وأسقطتم الأوطان.. انتهكتم الأعراض وفتحتم أسواق النخاسة، (الحوينى أفتى بأن الاسترقاق يقضى على الأزمة الاقتصادية التى مرت بها مصر بعد ثورة 25 يناير، ثم كررت «صالح» فتواه)!.

لقد كفّرتم المسيحى والشيعى وابتلعتم ألسنتكم فلم يجرؤ أحد على أن يخالف «التعليمات» ويكفّر تنظيم «داعش» الإرهابى!.

أنتم منظمة إرهابية متكاملة، وفّرتم الإطار النظرى وفصّلتم الفتاوى على مقاس «التنظيمات المتطرفة»، وكان لا بد لكم من «مرجعية نسائية» تبرر أحياناً سقوط «الأيزيديات» فى قبضة «داعش»، مفتية ذات مركز مرموق، تنتشر وتتوغل بين الفضائيات: (سجلت «سعاد صالح» بحسب كلامها 850 حلقة سابقاً).. فتمنح المكافأة لأعضاء «داعش» بقولها «من حق المحتل الإسلامى الاستمتاع بنساء الدولة المحتلة»، وحين قررت أن تبرر فتواها الكارثية قالت: «أنا كنت أتحدث عن الوضع فى حال الانتصار على الجيوش الإسرائيلية أو الأمريكية، (وتلك عملية مستحيلة)، فمن حق الجيش المسلم الاستمتاع بنسائهم».. لكن «صالح» كما اعتدنا لم تعتذر عن تلك الفتوى، بل على العكس اكتفت بالاعتذار عن فتواها بجواز «معاشرة البهائم»!.

وكررت أستاذة الفقه ما أملته عليها الأزهر'> جامعة الأزهر، بعدما أحالتها مع «صبرى عبدالرؤوف» للتحقيق فيما نُسب إليهما من أقوال وفتاوى بوسائل الإعلام تخالف المنهج الأزهرى.. وأكدت الأزهر'> جامعة الأزهر فى بيانها -آنذاك- أن التحقيق معهما سيشمل ظهورهما بوسائل الإعلام المختلفة دون أخذ إذن من الأزهر'> جامعة الأزهر.. وهنا تكمن المأساة، حرمان «صالح» من تقديم البرامج هو بمثابة الحكم بـ«التصفية المعنوية» لأنها ستفقد دورها كمقدمة برامج «وهو بيزنس لو تعلمون عظيم»، وبالتالى لن تؤدى مهمتها على النحو الأكمل الذى يجعلها عضواً فى الهيئة العليا لـ«تنظيم المعتذرين»!.

الأزهر بمختلف جامعاته ومؤسساته كالعادة تعامل بسياسة «المنع» والتعتيم مع الإبقاء على تلك الأحكام القاتلة والمنافية للدين والعقل والمنطق كما هى، بشرط أن تقتصر على العلماء، لأنها بنص كلام «سعاد صالح»: «أحكام شرعية»!.

فهل الحكم بسبى النساء وحده متاح للعامة ليعم استحلال الأعراض والتحرش بالنساء فى العالم العربى؟.. نحن أمام «مفتية» تتلاعب بالقرآن والسنة، وتروّج للاتجار بالبشر، وتريد أن تحولنا جميعاً إلى «سبايا» لفكرها المنحرف.. ولا تُحاسب فقط لأنها تنتمى لجامعة الأزهر!.

نحن أمام «فتاوى قاتلة» متروكة لمن يرغب فى الضغط على الزناد أو تفجير نفسه فى كنيسة أو كتيبة جيش أو شرطة (!!).. قلته وسأظل أكرره، ففى تصريحاتها لجريدة «اليوم السابع» قالت مفتية السبى والدم عن الأقباط «إنهم أهل كتاب وليسوا كفاراً، وبعضهم تطرف ولكننا لا نحكم عليهم جميعاً بحكم واحد» ثم يسألها الزميل «كامل كامل»: البعض يوجه لكِ تساؤلاً: من هم الكفار؟ فتقول وهى تدعى التسامح والاعتدال: «الشخصيات المصرّة على أن الله له ولد أو ابن».. وعليك وحدك أن تقرأ ما بين السطور وتحكم على رأيها!.

هؤلاء لا بد أن يحاكموا على جرائمهم فى حق الإنسانية، فالتحريض على القتل «على الهوية» لا يسقط بالتقادم.. والعصف بالقانون الوضعى لدولة مدنية جريمة متكاملة الأركان.. لقد قالت «سعاد صالح» عن قانون الخلع فى 9 مارس 2018 على قناة Ltc إنه «لم يكن موجوداً قبل تشريع القانون له»، وادعت أن «الخلع ليس من الإسلام ولم يذكره القرآن الكريم ولم يخبر به النبى صلى الله عليه وسلم»!.. وهكذا تكون «صالح» قد وقعت فى جريمة «إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة» التى يعاقب عليها قانون «ازدراء الأديان».. دون أن يناقشها أحد فيما قالته على نفس القناة مع نفس المذيع «أحمد عبدون» بتاريخ 09‏/09‏/2017، عن مدة العدة المترتبة على «الخلع» أو ما قالته -فيما بعد- فى برنامج «رأى عام» يناير 2020 مؤكدة أنه موجود فى القرآن تحت مسمى «الفدية».. وسلام مربع للقانون!.

إن لم يكن هذا هذياناً، ولم يثبت بالشرائط الموجودة على اليوتيوب أن أستاذة الفقه المقارن تقول الفتوى ونقيضها.. فماذا يفعل المسلم/المسلمة الذى يأخذ برأيها؟.

هل يقبل فتواها بعدم جواز الكشف على الخطيبين قبل الزواج ويقبل بزوجة ذات غشاء بكارة «مضروب» ويقدم شرفه قرباناً لتوقير مفتية «الألعاب الجنسية بين الأزواج»؟!.

هل نشق عن صدر كل مسيحى نقابله لنتأكد من أنه موحد بالله وتشتعل الفتنة الطائفية؟.. الأهم من ذلك، ماذا سنفعل فى أجيال تخرجت على يد «رئيسة القسم» وتشبعت بتناقضاتها وغرابة أفكارها واقتنعت أن «وطء البهيمة» حكم شرعى؟!.

هل سنعيد صياغة أدمغتهم أم أنهم سيعيدون إنتاج نفس نمط «الحوينى/صالح»!.

اعتذاركم لن يعيد الحياة للشهداء، ولن يرد الشرف لأصحابه، ولن يوقف نزيف العذارى فى أسواق النخاسة.. اعتذاركم مجرد «تقية سياسية» تتطلبها «مصلحة الممول» الذى غيّر جلده وترك لنا جلوداً متبلدة لا تعرف الخجل ولا تقوى الله!.
نقلا عن الوطن