زهير دعيم
أُصاب أحيانًا بالغيْرة حينما أفتح الصّحف العبرية فأجد أخبارًا كثيرةً تتعلّق بتكريم الأدباء والشعراء والمغنّين والفنّانين  اليهود من قبل السلطات والبلديّات اليهوديّة في البلاد، فتقيم لهم المعارض والمنصّات وتروح تدعمهم بكلّ الوسائل والطُّرق.
 
  وللحقيقة أقول : إن الأمر عندنا يختلف كثيرًا ، بل كثيرًا جدًّا ، رغم أنّني لا أريد أن أعمّم ، فهناك من يُكرِّم ويدعم ويُشجع ، وهناك من يعيش في صحراء مقفرة ، فكلّ شيء عنده ولديه جفاف ويباب ولامبالاة، فلا ديوان شِعر يُلفتُ نظرَه ، ولا رواية تُسعده ولا حتى قصّة لحفدائه تشدّة ولا أغنيّة تستميله، وكيف تشدّه وتستميله وبينه وبين الكتاب سنوات ضوءيّة هذه عددها ؟!! ناهيك عن العداوة والقطيعة بينها وبينه ، فيُصاب المبدع في هذه البلدة أو تلكَ بالإحباط فيركن احيانًا الى الركود ، ثمّ تراه يتحامل على نفسه قائلًا : 
 
ماذا تنتظر يا هذا ؟ ولا نَحْلَ في الطبيعة !
 
  ما كانت مهنة الأدب يومًا مربحةً ، ولكنّ الرّبح الحقيقيّ كان دائمًا في كلمة دافئة يتفوّه بها قارىء أو مسؤول أو مُربٍّ ، أو في أفضل الحالات في درع صغيرة ولمّةٍ صغيرة ترصّعها بعض الكلمات التقديريّة والتشجيعيّة ، التي تؤثّر أيّما تأثير على الكاتب أو المبدع أو الفنّان أيًّا كان مضمار فنّه وأدبه وعطائه، فالأمر في الحقيقة لا يقتصر فقط على الأدب بل يتعدّاه الى الرسّامين والمطربين والمسرحيين  وكلّ من زرع ويزرع النورَ والبسماتِ في القلوب والنفوس والعقول.
 
لم نقطع الأمل... 
 
فقد قلنا سابقًا انّها سنوات عِجاف ولربّما تمرّ ويأتي جيل جديد من المسؤولين يعشق الحرف والفنّ ... 
 
 وخابّ ظنُّنا .. 
 
ولكننا لا ولن نقطع الأمل ، فالزمن كفيل بولادة اناس يُقدّرون الكلمة ومفعولها العجيب ، فالثورات العظيمة كان خلفها وأمامها دائمًا كتابٌ وكاتبٌ  صبغ زمانه بِمُثُلٍ صفّق لها الماضي والحاضر والآتي.
 
 أعود وأقول : لا أريد أن أعمّم، فهناك في بلداتنا العربيّة فعلًا مَن قدَّر ويُقدِّر ، ولكنهم في المُحصّلة يبقون قلّة قليلة بعض الشيء تغيب في غبار اللامبالاة  للأكثريّة الساحقة .
 
 خسارة وألف خسارة.