بقلم مايسترو بيشوى عوض 
كم هو أمر مخيف أن أتخيل نفسى داخل طائرة، و أرى شخصاً يدخل قمرة القيادة و يأخذ مكان الطيار أو مساعده و يضع يديه على عصا القيادة، إنه أمر مخيف، بل أمر مميت. 
 
أمر مخيف لأننا نعلم أن وسيلة النقل هذه حساسة للغاية و أمر قيادتها و التحكم فى برمجياتها هو أمر معقد جدا، و أن أى خطأ طارئ، فى أغلب الحالات ينتهى بكوارث إنسانية و مادية جسيمة، وتلك الحوادث تحدث فى غضون دقائق و أحيانا فى عدة ثوانى. 
 
أمر مخيف أن نرى طيارآ بخبرة أشرف أبو اليسر يضع مهنيته جانباً، مغضا بصره و وجدانه عما تعلمه فى مدرسة الطيران عن حساسية الطائرة و برمجياتها، تاركا أحد العامة أن يأخذ مكان مساعده فى قمرة الطائرة وقت تحليقها ليضع يديه على زمام التحكم فى الطائرة، حتى لو لوهلة قصيرة ،  ويزيد الأمر عجبا محاولة أشرف أبو اليسر تبرأة نفسه و محمد رمضان بقوله أن الطائرة كانت تحلق بالطيار الآلى، محاولا أن يتفه من الأمر، رغم أنه يعلم جيدًا أن العبث فى أيا من مكابح القيادة غالبا ما يؤدى إلى إيقاف الطيار الآلي، و لعلم القارئ الكريم أن طائرات كثيرة سقطت من قبل، بسبب تدخل العامة لقمرة التحكم ووضع يديهم على مكابح الطائرة لوهلة صغيرة، حوادث تركت ورائها عائلات مهلهلة و خسائر مادية هائلة. 
 
لا أرى أشرف أبو اليسر و محمد رمضان إلا إثنان من الأغنياء من الناحية المادية و فقراء من ناحية المسؤلية، المسؤلية تجاه أنفسهم و تجاه الأخرين و تجاه وسيلة التنقل ذو الثمن الباهظ هذه، وتجاه كل الطائرات التى كانت تحوم حولهم ومن بها من أناس و عائلاتهم، فقراء المسؤلية تجاه المارة فى الشوارع، وتجاه المبانى و المنشأت التى كانت جميعها رهن خطأ، قدر الله و لم يحدث ،  ولا أرى فى فصل الطيار عن عمله إلا قرار رؤوف بنا جميعاً، فكاد الطيار بفعلته الغير مسؤله أن يضعنا جميعاً فى مأزق دولى لا حاجة لنا به، لو كانت تلك الطائرة سقطت فوق رؤوس الناس. و أتعجب من عدم مساءلة محمد رمضان قانونياً بسبب تعديه على حرمة الطائرة و على الطيار و مساعده، و تعديه على مهنة الطيار و على قوانين سلامة النقل الجوى، و تعديه علينا جميعا مستهترا بأرواح الكل و مقدراتنا، واضعا كل هذه تحت رحمة تصرفه فى الطيارة وقتما كان فى قمرتها ،  ولا أرى فى التعاطف مع أيا منهما عدلا، فلو كانت  تلك الطائرة قد سقطت على رأس أحد أقرباءنا لكنا متنا حزنا كل يوم بسببهم و بسبب عدم مهنيتهم و إنعدام مسؤليتهم، فحياتنا و حياة الأخرين و مقدرات الأوطان و الشركات ليست أضحوكة نضعها جميعها فى كفة مقابل صورة تذكارية.