محمد حسين يونس
نكتفي بأن نقول أنهم كفار .. ( سواء كنا مسيحيين أو مسلمين ) .. ثم نتحدث عن بعض الحواديت .. الملتقطة من هنا أو هناك .. بينما الأوروبي منذ القرن التاسع عشر لا يتوقف عن البحث و الدراسة .. و إصدار الكتب ..

واحد منها ترجمته عن الإنجليزية .. و نشرته دار ( مدبولي ) بعنوان أله المصريين . و هو كتاب صعب .. ولكنه لمن يريد المعرفة .. كنز .

و الديانة المصرية لم تكن واحدة .. لقد كانت عدة ديانات .. تطورت .. عبر الأف السنين .. و أخذت العديد من الأشكال و الخطابات . و إن كانت لها خصائص مميزة أهمها :-

أن ما كتب علي جدران المقابر و المعابد .. كان حديث الكهان .. المكتوب بلغتهم المقدسة التي تخالف لغة الشعب .. و أن أغلب الناس كانوا يعجزون عن قراءتها .. أو حتي مسموح لهم برؤيتها .. إلا لأعداد من الصفوة ..

أن أحاديث الكهانة كانت أشبه بالتعاويذ السحرية .. التي تهدى المتوفي في طرق التيوات ( عالم الظلمات ) الخطرة .. و تلقنه كيف سيكون حديثة.. أمام محكمة العدل (ماعت ) قبل أن يوزن قلبه علي ميزانها .. و تصف له .. ماذا سيلقي من نعيم .. لو إجتاز بنجاح الإختبار .. و سمح له أوزريس بأن يعيش في حقول الأليسيان .

الشعب كان علية أداء الطقوس الموسمية فقط .. و تقديم القرابين .. وكانت تحركة بركات .. صغار الكائنات المقدسة ( النتر ) .. يسعي إليها يرجوها .. و يطلب منها .. و يقدم لها التضحيات .. و النذور .. و كل قريه لها النتر المقدس الذى يحميها ..

فلسفة الدين .. لم يكن لهم بها علم .
الكهان فقط هم من كانوا يتعلمون .. أن هناك صراع مستمر و دائم بين الخير و الشر .. يتوارثه الأبناء عن الأباء .. و يمثل أوزيريس و إبنه حورس الجانب الخير .. و ست الجانب الشرير .. و أن الحياة نتيجة لهذا الصراع في تجدد شامل .. سواء يوميا .. بشروق و غروب الشمس ( رع ، أمن أتن ) و عشرات الأسماء تحكي قصة رحلتها من الولادة للعدم .. مثل ( خيبرى و أتم .. بتاح ... الخ ) .

او قصة التجدد الفصلي .. و كيف يتم نمو الزرع و نضجة و جنية .. ثم تعاد الدورة .. كل عام لذلك سمو الشهور بأسماء الأرباب ( النتر ) المؤثرين علي عملية الزراعة و تغير الفصول .

بجوار هذا كان للنيل قداسته .. فهو الذى يعلو و ينخفض .. و يأتي بالخير .. و يتسبب في نمو النباتات .

بمعني أن المصرى العادى .. كانت له علاقات طقسية بالدين و النتر ( الأرباب ) .. بينما الكهان كانت لهم أساليبهم في أداء بعض الأعمال السحرية التي تساعد المتوفي .. أو حتي الأرباب في حالة تعرضهم لاعمال الشياطين و الكائنات الشريرة . و الإشراف علي الطقوس الموسمية و إجراءات الجناز و التحنيط و الدفن .

ديانات المصريين كانت كلها نابعة .. من سلوكياتهم اليومية .. و تجيب علي الأسئلة الميتافيزيقية .. و تجعل للأرباب علاقات بالبشر .. بحيث يدعي خفرع و منقرع بأنهما أبناء رع .. و حتشبسوت أنها بنت آمن .. و يستمر هذا حتي أن الإسكندر مات مقتنعا بأنه إبنا لأمن .

السؤال هل إختلف الوضع بعد أربعين قرن ..
الديانات المصرية القديمة كانت تحمل العديد من القيم الإنسانية .. و خصوصا توقير الأم و البر بالأباء .. و رعاية الاطفال .. و الإهتمام بالبيئة و الحرص علي عدم تلويثها .. وأفكار إيجابية .. أغلبنا يتجاهلها .. علي أساس أنها قادمة من كفار .